الحكيم يعدّ لكتلة برلمانية تدعم الكاظمي وتواجه تقلبات الصدر | | صحيفة العرب

  • 6/9/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد – يسعى عدد من القوى السياسية الشيعية إلى موازنة التأثير الكبير الذي تملكه كتلة سائرون، التي يرعاها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في البرلمان العراقي، من خلال صياغة تحالف نيابي جديد، بعد تراجع دور كتلة الفتح، التي تجمع معظم القوى العراقية الموالية لإيران. ويجري الزعيم الشيعي عمار الحكيم، منذ أيام، مفاوضات مع رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فضلا عن نواب شيعة من كتل مختلفة، لبناء كتلة برلمانية قوامها 50 مقعدا، توازن الثقل البرلماني لكتلة سائرون التي تملك عددا مقاربا من المقاعد. ويحاول الحكيم إقناع نواب البرلمان العراقي البعيدين عن التأثير الإيراني المباشر، بالتجمع في كتلة جديدة، توفر الغطاء السياسي لرئيس الحكومة مصطفى الكاظمي، وتتبنى تشريعات جديدة في مجلس النواب، الذي غلبت عليه الصراعات السياسية مؤخرا. حيدر العبادي يعزز رصيد الكتلة الجديدة ويمهد لتفاهمات خارج التأثير الإيراني حيدر العبادي يعزز رصيد الكتلة الجديدة ويمهد لتفاهمات خارج التأثير الإيراني ويقود الحكيم شخصيا جهود دعم الكاظمي في مهمة رئاسة الحكومة، معتبرا إياه آخر الفرص المتاحة للطبقة السياسية الحاكمة، قبل أن ينفجر غضب الشارع مجددا، وينتهي إلى ما لا تحمد عقباه. ويعتبر مراقبون أن انضمام العبادي إلى هذا الحراك سيعزز رصيد السياسة الشيعية المتعقلة، ويمهد لتفاهمات على المستوى الوطني لا ترتبط مباشرة بالتأثير الإيراني. ويقول مطلعون على مشاورات صياغة تفاهمات الكتلة الجديدة، إنها قد تضم 45 إلى 50 نائبا شيعيا، على أن يشكل تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم، عمودها الفقري، بالتفاهم مع العبادي. وذكرت مصادر سياسية مطلعة لمراسل “العرب” في بغداد أن الزعيم الكردي مسعود البارزاني ورئيس البرلمان السني محمد الحلبوسي، يدعمان هذا الاتجاه داخل السياسة الشيعية، على أمل وضع حد للتقلبات الصدرية، التي تناقض نفسها في أحيان كثيرة. وتقول المصادر إن التفاهمات بشأن الكتلة الجديدة، وصلت إلى مراحلها النهائية، بالرغم من وجود تحفظات داخل كتلة العبادي على فكرة استفزاز الصدر. ويعتقد نواب في كتلة العبادي أن الصدر حليف محتمل أيضا، ولا داعي إلى استفزازه بتشكيل تحالف سياسي جديد. لكن مقربين من الحكيم يتحدثون بثقة عن إمكانية إنجاز تفاهم مع العبادي يستند إلى أرضية قوية. ويعد العبادي من أبرز الداعمين للكاظمي، إذ ينسب إليه الفضل في تسميته رئيسا لجهاز المخابرات، عندما كان رئيسا للوزراء في 2016. وأسهم العبادي في الضغط على مرشح كتلته، عدنان الزرفي، لتشكيل الحكومة، كي يعتذر عن إكمال المهمة، ويفسح المجال أمام الكاظمي. ولم تفرز الانتخابات العامة التي جرت في 2018 فائزا شيعيا كبيرا، لكنها أوجدت كتلتي الفتح وسائرون، اللتين حصلت كل منهما على قرابة الخمسين مقعدا. وولدت حكومة عادل عبدالمهدي بعد تفاهم مقتدى الصدر ممثلا لسائرون وهادي العامري زعيما للفتح، وحملت اسم الكتلتين، لحين استقالتها قبل أن تكمل عامها الثاني، تحت ضغط احتجاجات شعبية غير مسبوقة، بعد فشلها على جميع الأصعدة. وبينما واصل الصدر سيطرته على نواب كتلته، متحكما في أدائهم، أوشك تحالف الفتح على الانفراط خلال مفاوضات اختيار رئيس حكومة لخلافة عبدالمهدي. فرصة أخيرة لاحتواء غضب الشارع العراقي فرصة أخيرة لاحتواء غضب الشارع العراقي وعندما استقر الرأي الشيعي على تكليف مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة الجديدة، كانت قوى الفتح الرئيسية تفاوض بشكل منفرد للحصول على وزارات، ما فسح المجال واسعا أمام كتلة سائرون، لتتسيد الساحة السياسية الشيعية، لاسيما بعدما رفعت شعار تخويل رئيس الوزراء اختيار أعضاء كابينته، مع احتفاظها بحق الفيتو لإسقاط أي مرشح لا يعجبها. ويعرف مقتدى الصدر بتقلباته السياسية الحادة، التي تربك حلفاءه قبل الخصوم. ويرى مراقبون أن انفراد كتلة سائرون بلعب دور القوي الوحيد في الساحة السياسية الشيعية سيرتد على الحكومة والبرلمان، ويشجع الصدر على اتخاذ خطوات بشكل منفرد. وعلى سبيل المثال، باشر الصدريون الضغط على مفوضية الانتخابات للنظر في إمكانية تسريع موعد الاقتراع العام، وهو ما لا يتوافق مع الظروف المالية الصعبة التي تمر بها البلاد بسبب انهيار أسعار النفط وجائحة كورونا. اقرأ أيضا: زعيم التيار الصدري يستكمل انقلابه على الانتفاضة العراقية ولم تكن العملية السياسية في العراق لتستمر لولا التسويات التي كانت تُجرى في الخفاء بين أطرافها المتنازعين. ويرى الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف أن تلك التسويات بين الكتل المتصارعة لم يكن فيها أي وزن للمبادئ، إنما كان الحكم فيها للمصالح. ودفع انكماش التأثير الإيراني أطرافا عديدة إلى انتهاز الفرصة لإعلان براءتها من التبعية الإيرانية. ذلك ما سيحرج مقتدى الصدر الذي كان إلى وقت قريب يلعب على حبل الوطنية. ويلعب الحكيم اليوم دور الصدر نفسه إذ يسعى إلى دعم حكومة الكاظمي التي لم تحظ بقبول إيراني كامل وقبلت بها الكتل السياسية التابعة لإيران كونها الحل الأخير الذي يليه الطوفان. وقال يوسف “إذا ما كانت إيران قد نجحت في ضبط الإيقاع بين مختلف الأطراف الشيعية فإنها اليوم تبدو عاجزة عن القيام بذلك. لقد أنهى مقتل قاسم سليماني تلك السطوة؛ بحيث صار ممكنا لعمار الحكيم، وهو أضعف طرف في الجبهة الشيعية، أن يجرؤ على الدعوة إلى قيام تحالف سياسي يقف في موازاة تحالف الميليشيات الموالي لإيران بطريقة عمياء”. وعبر يوسف عن توقعه بأن الحكيم لن يغير من خلال تحالفه الجديد في الواقع السياسي شيئا. ذلك لأن تحالفه سيكون هشا في ظل غلبة المصالح على المبادئ. وهو ما يعني أن كل شيء قابل للتغيير بين لحظة وأخرى في انتظار ضابط إيقاع خارجي جديد.

مشاركة :