صدر عن دار أمواج للنشر والتوزيع، كتاب "بين الرواية والسيرة" للناقد د.إبراهيم خليل، الذي طرح فيه جملة من الأفكار عن علاقة السيرة الذاتية بالرواية، ضمن مسارين؛ الأول أن كاتب الرواية يستطيع أن يتكئ في ما يكتبه من روايات على سيرته الذاتية، وبذلك يتوافق الذاتيّ مع الموضوعيّ في البناء والمضمون، والثاني أن الروائي ينبغي ألّا يتكئ على سيرته الذاتية إطلاقًا؛ لكون الرواية فنا غير ذاتيّ كالشعر.ويمثل الكتاب نافذة مشرعة للإطلالة على عدد من الروايات والسير والرحلات والشهادات بصفتها جزءًا من سير الكتاب، دون أن يتناول الناقد هذه الإشكالية بصورة أكاديمية صارمة، إذ اكتفى- من خلال بعض الأمثلة- بإظهار الفروق بين الرواية، والرواية السيرة، والسيرة السيرة، خالصًا إلى أن الرواية النقية من المكون السيري أولى بهذا التصنيف من تلك التي تشوبها شوائب السيرة وتعلق بها لطائف المذكرات واليوميات.ورأى خليل أن السيرة، ذاتية كانت أم غير ذاتية، لا يمكن أن تعد رواية، مؤكدًا أن تعبيرَي "سيرة روائية" أو "رواية السيرة" تعبيران غير دقيقين، ويتنافيان مع حقائق الأمور الثابتة من حيث التجنيس. وأوضح أن "السيرة حقائق"، وهي "تدور حول المؤلف نفسه، أو حول شخصية أخرى يستقصي المؤلف ما يتصل بها من الوثائق والمصادر المتوافرة، وقد تكون لها علاقة مع المؤلف، وقد لا تكون". أما الرواية، فهي "وجود مبتكر يعتمد على الخيال الخصيب وليس على الوثائق والمصادر والمستندات". ولفت إلى أن الحوادث والوقائع في الرواية متخيلة، ويعرف القارئ عنها ما لا يعرفه عن الشخصية في السيرة، فكاتب السيرة الذاتية قد يخفي بعض ما جرى له أو قام به، من باب التحفظ، غير أن كاتب الرواية "حريّ أن لا يتحفظ، وربما تغلغل في سبر غور الشخصية إلى ما لا يُذكر في العادة، ولا يُعرف".
مشاركة :