أزمة نص - عبد العزيز الصقعبي

  • 7/4/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في هذه الأيام تكثر الكتابات حول الأعمال الدرامية التي تبثها القنوات الفضائية، ربما كان "سلفي" أخذ نصيب الأسد، بالطبع هذه الكتابات سواء ما ينشر في الصحف أو حتى الكلمات المحدودة في موقع "تويتر" تعطي مؤشراً لأهمية الدراما المشاهدة أولاً والمسموعة لدى المتلقين، الناس يبحثون عن مرآة عاكسة لحياتهم عبر متخيل يحيكه كاتب وينفذه ممثل ويقدمه مخرج ومنتج، وبكل تأكيد يبحثون عن المتعة، ولو كانت هذه المتعة تأتي عن طريق جلد الذات. ومع ذلك الزخم الكبير من المسلسلات التي تعرض في اغلب القنوات الفضائية في شهر رمضان المبارك، نلاحظ أن الإذاعات وبالذات محطات الإف إم، تخلو إلى حد بعيد من الدراما، ربما هنالك بعض التمثيليات الجيدة التي تبثها إذاعتا الرياض وجدة، ولكن ليست بالكثافة، أما بقية محطات الإف إم، فبرامجها أغلبها إرشادية دينية في نهار رمضان، ومسابقات. أنا لا أعرف ما هو السبب في غياب الدراما الإذاعية، وأنا اعرف أن إنتاجها غير مكلف، كل ما تحتاجه الدراما نصا جيدا وممثلين ومخرجا وفني صوت، إن نجاح إذاعات عريقة مثل إذاعة الكويت وصوت العرب والقاهرة سببه الأول ما تقدمه تلك الإذاعات من دراما مسموعة يشارك فيها كبار الممثلين، والجميل أن أغلب المسلسلات تعاد أكثر من مرة لتناسب وقت المستمع، وفي وقتنا الحاضر نحتاج كثيراً أن نستمتع بسماع هذه المسلسلات الإذاعية لاسيما وأن أغلب الناس يقضون ساعات في الطرقات ذاهبين أو عائدين من أعمالهم. بصورة عامة بعد متابعة الأعمال الدرامية التي تقدم في التلفزيون أو الإذاعة، ومن خلال ما نسمعه أو نقرؤه من حوارات مع بعض الممثلين أو من لهم علاقة بالإنتاج الدرامي، نجد ان اسماء كتاب الدراما وتحديداً كتاب السيناريو محدودين، ففي الإذاعة ربما لا نجد إلا اسماً أو اسمين قد يكون منهم من عرفوا كممثلين وليس كتابا ومثال ذلك عبدالعزيز الحماد وعبدالستار صبيحي رحمهما الله، وناصر القصبي وعبدالله السدحان في أغلب حلقات طاش ما طاش، أو نجد ظاهرة المخرج المؤلف وهذه انتشرت أيضاً في بعض الأعمال المسرحية. هل هذا أزمة نص أم أزمة كاتب نص لديه القدرة على كتابة عمل درامي جيد؟. لنجعل هذا السؤال معلقاً، ولنراجع المشهد الثقافي في المملكة، ما عدد المجموعات القصصية والروايات الصادرة في المملكة خلال السنوات الأخيرة، العدد كبير، قد يقول البعض إن أكثر الأعمال لا تصلح للدراما، قد اتفق مع هذا الرأي، ولكن بالمقابل هنالك أعمال كثيرة تصلح ولو كانت صعبة، واكبر مثال مسلسل " سبعة" الذي تعرضه إحدى القنوات الفضائية، عن رواية "سبعة" للدكتور غازي القصيبي -رحمه الله-، من يقرأ العمل، سيقول إنه من الصعوبة تنفيذه، ولكن من قام بكتابة السيناريو في صورة أشبه بالدراماتورج المسرحية، استطاع أن يقدم عملا جيداً متسلسلا، وهذا مثال جيد يؤكد أن كل عمل إبداعي متميز، يشتمل على حكاية وأحداث، هو نواة جيدة لأعمال درامية جيدة. إذا القضية ليست أزمة نص أو كاتب، ولكن الأزمة بسبب فقدان حلقة التواصل بين المبدعين الكتاب من جهة، و منفذي الأعمال الدرامية من جهة أخرى، متى ما وجد المكان الذي يجمع شمل كل كاتب قادر على كتابة نص إبداعي، وكاتب سيناريو يختار ما هو جيد، وفريق عمل فني يقدمه بصورة جميلة تصل إلى المتلقي، ستكون القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية أكثر حضوراً وعلاقة بالمشاهدين والمستمعين.

مشاركة :