الخرطوم - دفع بطء الحكومة الانتقالية في السودان الأوساط الاقتصادية إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليها من أجل تفكيك العقبات أمام الصادرات وتوفير المزيد من السيولة النقدية في السوق. ويرى متابعون للشأن السوداني أن تراكم الأزمات المنجرة عن سنوات حكم الرئيس المخلوع عمر حسن البشير، وتداعيات أزمة كورونا تشطب بوادر انتعاش الصادرات، التي تسعى إليها الحكومة في خططها لإصلاح الاقتصاد. وتطالب معظم الشركات الحكومة بالإسراع في تنفيذ وعودها وبالمزيد من المرونة في تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المحلية والسعي إلى فتح أسواق جديدة لها في الخارج لتقليص الواردات وبالتالي تضييق الفجوة الكبيرة في العجز التجاري. ويؤكد الخبير محمد الناير على أهمية زيادة صادرات السلع، التي يتميز بها السودان لتحقيق عائدات من النقد الأجنبي وخفض العجز في الميزان التجاري وتقليص فاتورة الواردات. وتشير بعض التقديرات إلى أن العجز التجاري للسودان يبلغ قرابة المليار دولار، وهو مبلغ كبير قياسا بدولة تعيش أزمات اقتصادية متتالية نتيجة بطء نشاط القطاعات التجارية والتدابير الارتجالية للحكومات السابقة. ونسبت وكالة الأنباء الرسمية للناير قوله إن "زيادة الصادرات سوف تحسن سعر الصرف وخفض معدل التضخم". وأشار إلى أنه من الضروري معالجة مستدامة للمنظومة الزراعية لتصبح متكاملة في ما يخص البحوث والتحضيرات وتوفير التمويل والري والإرشاد الزراعي. ودعا إلى وضع خطة علمية لإدارة القطاع الزراعي وتشجيع المشروعات الكبيرة وتحفيز صغار المزارعين للتحول نحو الإنتاج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني. واتخذت الخرطوم في أكتوبر الماضي تدابير لإزالة العراقيل أمام الصادرات بعد عقود من السياسات المرتبكة التي قوضت إدارة الثروات الكبيرة التي تتمتع بها البلاد، دون أن تغفل حجم التحديات التي تواجه تطبيق السياسات الجديدة. وقالت وزارة المالية حينها إن لديها خطة جديدة لتحريك المبادلات التجارية وإزالة العقبات التي تعرقل حركة الصادرات التي تقلّص دورها كثيرا في خلال العقود الماضية. ولم تغفل الوزارة حجم التحديات، التي تواجهها لتطبيق الإجراءات الجديدة في وقت تواجه فيه الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك ضغوطا شديدة من الأوساط الاقتصادية والشعبية للإسراع في انتهاج سياسات اقتصادية تقطع مع الماضي. وقال وزير المالية إبراهيم البدوي الأحد الماضي إن بلاده بدأت مفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج غير ممول قد يمهد الطريق أمام الحصول على دعم مالي دولي. وتحتاج الخرطوم بشدة الحصول على دعم مالي لإعادة تنظيم اقتصادها، بعد أن بلغت نسبة التضخم نحو 100 في المئة كما هبطت قيمة العملة في الوقت الذي تطبع فيه الحكومة أموالا لدعم الخبز والوقود والكهرباء. وليس بوسع السودان حتى الآن الاستعانة بصندوق النقد الدولي أو البنك الدولي للحصول على دعم لأن الولايات المتحدة ما زالت تدرجه كدولة راعية للإرهاب كما أن عليه متأخرات للصندوق تبلغ 1.3 مليار دولار.
مشاركة :