السودان ينشئ صندوقا لتفكيك العقبات التمويلية أمام الصادرات | | صحيفة العرب

  • 6/26/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

وضع السودان قدما باتجاه تفكيك العقبات التمويلية أمام تصدير السلع المحلية إلى الخارج بعد أن قرر أخيرا إنشاء صندوق بقيمة ملياري دولار تساهم في رأس ماله عدد من البنوك والقطاع الخاص لمساعدة الشركات على ترويج بضائعها في الأسواق الخارجية. الخرطوم - كشفت وزارة المالية السودانية أن الحكومة تتأهب لإنشاء صندوق لتمويل التجارة بقيمة ملياري دولار لدعم استيراد وتصدير سلع رئيسية مثل القمح، وذلك في ظل تناقص معروض النقد الأجنبي المتداول. ويأتي الإعلان عن هذه الخطوة بالتزامن مع مؤتمر المانحين المنعقد في برلين والذي تعول عليه الخرطوم من أجل جمع سيولة تساعدها على مواجهة الأزمات المالية. ودفع بطء الحكومة الانتقالية الأوساط الاقتصادية إلى ممارسة المزيد من الضغوط عليها من أجل تفكيك العقبات أمام الصادرات وتوفير المزيد من السيولة النقدية في السوق. ويرى متابعون للشأن السوداني أن تراكم الأزمات المنجرة عن سنوات حكم الرئيس المخلوع عمر البشير، وتداعيات أزمة كورونا يشطبان بوادر انتعاش الصادرات، التي تسعى إليها الحكومة في خططها لإصلاح الاقتصاد. ويواجه الاقتصاد مخاطر جمة في ظل معدل تضخم يزيد على 100 في المئة وعجز متكرر في الخبز والوقود والأدوية. وهوت العملة المحلية إلى مستوى منخفض غير مسبوق عند نحو 150 جنيها سودانيا للدولار في السوق السوداء، مقارنة مع السعر الرسمي البالغ 55 جنيها. وعقب هذه الأنباء انخفض سعر صرف الدولار بشكل طفيف ليصل إلى 141 جنيها، بحسب المتعاملين في السوق، غير أنه من المستبعد أن يحافظ على هذا المستوى. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن الصندوق الجديد ستساهم فيه أعداد من البنوك المحلية وشركات القطاع الخاص لدعم تصدير الصمغ العربي والماشية والذهب، وتمويل استيراد السلع الأساسية مثل القمح والوقود والأدوية. وتشمل المساهمات 100 مليون دولار من شركة الجنيد للذهب التي ربط تحقيق أجرته رويترز بينها وبين شقيق محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان. ولم يتضح ما هي المحفزات التي سيطرحها الصندوق لثني المستوردين والمصدرين عن السوق السوداء وتشجيعهم للتوجه إلى الصندوق. ثني المستوردين والمصدرين عن السوق السوداء وتشجيعهم للتوجه إلى الصندوق يعدان من أكبر التحديات ومن المقرر أن يبدأ الأسبوع المقبل نشاط الصندوق، الذي يبدو أنه أحدث حلقة في سلسلة إصلاحات مقترحة منذ شرع السودان هذا الشهر في التفاوض مع صندوق النقد الدولي بشأن تنفيذ برنامج غير ممول قد يمهد الطريق لدعم مالي دولي. ومنذ فترة تطالب الشركات الحكومة بالإسراع في تنفيذ وعودها وبالمزيد من المرونة في تحسين القدرة التنافسية للمنتجات المحلية والسعي إلى فتح أسواق جديدة لها في الخارج لتقليص الواردات وبالتالي تضييق الفجوة الكبيرة في العجز التجاري. وكان الخبير الاقتصادي محمد الناير قد أكد في وقت سابق أهمية زيادة صادرات السلع التي يتميز بها السودان لتحقيق عائدات من النقد الأجنبي وخفض العجز في الميزان التجاري وتقليص فاتورة الواردات. وتشير بعض التقديرات إلى أن العجز التجاري للسودان يبلغ قرابة المليار دولار، وهو مبلغ كبير قياسا بدولة تعيش أزمات اقتصادية متتالية نتيجة بطء نشاط القطاعات التجارية والتدابير الارتجالية للحكومات السابقة. ونسبت وكالة الأنباء الرسمية للناير قوله إن “زيادة الصادرات سوف تحسن سعر الصرف وتخفض معدل التضخم“. واتخذت الخرطوم في أكتوبر الماضي تدابير لإزالة العراقيل أمام الصادرات بعد عقود من السياسات المرتبكة والمتناقضة التي قوضت إدارة الثروات الكبيرة التي تتمتع بها البلاد، دون أن تغفل حجم التحديات التي تواجه تطبيق السياسات الجديدة. وقالت وزارة المالية حينها إن لديها خطة جديدة لتحريك المبادلات التجارية وإزالة العقبات التي تعرقل حركة الصادرات التي تقلص دورها كثيرا خلال العقود الماضية. ولم تغفل الوزارة حجم التحديات، التي تواجهها لتطبيق الإجراءات الجديدة في وقت تواجه فيه الحكومة برئاسة عبدالله حمدوك ضغوطا شديدة من الأوساط الاقتصادية والشعبية للإسراع في انتهاج سياسات اقتصادية تقطع مع الماضي. ونجحت الحكومة السودانية الثلاثاء الماضي في تجاوز عقبة صندوق النقد الدولي بعد أن وافق على تدقيق مساعدة مالية للنهوض باقتصاد البلاد المشلول. وذكر صندوق النقد في بيان أن فريقا تابعا له توصل إلى اتفاق مع السودان بشأن الإصلاحات الهيكلية لسياسات لاقتصاد الكلي التي ستدعم برنامجا مدته 12 شهرا ويخضع لمراقبة الصندوق. وهذا التحرك يأتي على الرغم من أن الخرطوم لا تزال عليها متأخرات لصندوق النقد بقيمة 1.3 مليار دولار، ما اعتبره خبراء خطوة جدية من الصندوق لإنقاذ الاقتصاد السوداني بأقصى سرعة. وكان وزير المالية إبراهيم البدوي قد قال في بداية يونيو الجاري إن بلاده بدأت محادثات مع الصندوق بشأن برنامج غير ممول مما يمهد الطريق أمام الحصول على دعم مالي دولي. وتحتاج الخرطوم بشدة إلى الحصول على دعم مالي لإعادة تنظيم اقتصادها، والسيطرة على مستويات التضخم وكبح انفلات الجنيه، في الوقت الذي تطبع فيه الحكومة أموالا لدعم الخبز والوقود والكهرباء. وقالت الحكومة الأسبوع الماضي إنها ستبدأ تطبيق خطة لصرف مدفوعات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة بقيمة 1.9 مليار دولار بمساعدة البنك الدولي، وهو برنامج يأمل حمدوك أن يخفف معاناة السودانيين الفقراء فيما تخفض الحكومة الإنفاق على الدعم. والبرنامج ضروري لتخفيف أثر رفع دعم الوقود وسلع أخرى، وهو ما طلبه مانحون غربيون، والذي كانت تقدر تكلفته بثلاثة مليارات دولار سنويا.

مشاركة :