تولى الرئيس الأمريكى باراك حسين أوباما رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية من يناير 2009 وحتى يناير 2017، كأول رئيس من أصول أفريقية يصل للبيت الأبيض حيث رأى البعض أنّ ترشيح باراك أوباما لرئاسة أمريكا كأول رئيس أسود و لفترتين رئاسيتين متتاليتين كان دليلًا على دخول الأمّة عصرٍ جديد هوعصر ما بعد العنصريّة، ومع ذلك لم يتسم عصر أوباما بالهدوء ولم يستطع استغلال سلطته كرئيس بالوقوف ضد عنف شرطته فى التعامل مع المواطنين وخاصة " السود " والذين تعلقت آمالهم به فى إنهاء ممارسات العنف والقمع ضدهم،و فشل أوباما فى وقف تلك الأعتداءات.سجل عهده حوادث شهيرة كمقتل "إريك غارنر" في يوليو 2014 بجزيرة ستاتن وهو أمريكي من أصول إفريقية عمره 43 عاما مصاب بالربو وأب لستة أولاد، حيث يظهرفي شريط مصور للحادثة ،رجل شرطة يضغط على رقبة غارنر والذى اشتكى أكثر من مرة من أنه لا يستطيع التنفس قبل أن يغيب عن الوعي وتعلن وفاته بالمستشفى وهو نفس الأسلوب الذى قتل به "جورج فلويد" .كما تعرضت المواطنة" إيمي كوربيت" لانتهاك من الشرطة لبيتها بعد أن أمرت 6 أطفال كانوا يلعبون بالفناء بالاستلقاء على الأرض وبناءا عليه قتل كلبها، وأصيب بالخطأ ابنها البالغ من العمر 10 سنوات، وخلفت الإصابة جروحا بشعة في ساق الطفل ،ورفضت المحاكم محاولاتها لمقاضاة الضباط لعدم وجود حق ثابت واضح لعدم الاستخدام العرضي للقوة أثناء عمليات الاعتقال. و في أغسطس من نفس العام وبولاية ميزوري تم اطلاق النار على "مايكل براون" الأمريكي من أصول إفريقية وعمره 18 سنة واختلفت الروايات حول سبب قتله، لكن شهدت المدينة احتجاجات عارمة واشتباكات عنيفة مع الشرطة أنتقلت على أثرها لمدينة نيويورك وشيكاغو والعاصمة واشنطن ورفعت اللافتات تندد بالعنصرية وتهاجم الشرطة وتتهم الشرطى القاتل بأنه "إرهابي"، وقرر محافظ ميزوري إلى نشر قوات الحرس الوطني وهو نفس الأجراءات التى تشهدها ولاية مينيسوتا والتى قامت بنشر 500 جندي من الحرس الوطني بمدينة مينابوليس، ووقتها دعا الرئيس أوباما إلى "السلام والهدوء" وأرسل 3ممثلين عن البيت الأبيض لحضور مراسم دفن الشاب الأسود.وهكذا، فلم تكن الحوادث فردية فى عهد الرئيس أوباما فبعد عام من أحداث مقتل براون ، قتل الشاب "والتر سكات" بمقاطعة بيركلى كما قتل الشاب "فريدي كارلوس غراي " البالغ من العمر 25 من قبل قسم شرطة بالتيمور، ونظمت احتجاجات سلمية بعد مراسم الجنازة وتحولت إلى اضطرابات وعصيان مدني أصيب خلالها العديد من ضباط الشرطة واعتقل عشرات المحتجين وأعلن عن حالة الطوارئ ونشر الآلاف من رجال الشرطة وقوات الحرس الوطني التابع للجيش بولاية ماريلاند في أحداث ُعرفت بأعمال شغب بالتيمور 2015.الغريب أن أوباما والذى حدثت فى عهده حوادث قتل ضد السود لم يستطع إيقاف عنف الشرطة ، وكتب مهاجما ترامب: "لا ينبغي أن يكون هذا عاديًا في أمريكا 2020. لا يمكن أن يكون طبيعيً"، والسؤال الوجه "لأوباما" وهل كان ذلك عاديا فى عهدك ؟! أم إن اقتراب الانتخابات وتأييده لجو بايدن الديمقراطي أعطت له فرصة واضحة لأستغلال حادث" فلويد" لصالح العملية السياسية وليس لصالح الديمقراطية الأمريكية ،حيث لم يمارس هذا الدور الأصلاحى أثناء حكمه ولم يتغلب على الانقسام العنصري العميق والتمييز وعدم المساواة رغم إنه كان الأقرب لحماية المواطنين ضد العنف والتحرش من قبل السلطات باعتباره رجل أسود مثلهم ورغم أن التقديرات تشير لمقتل حوالي 1200 شخص كل عام ولكن في نحو 99 في المئة من هذه الحالات لا يتم اتهام الضباط بأي جريمة.ويسلط مقتل الشاب "فلويد" على تجاوزات الشرطة الأمريكية وعلى انتشار العنف والأسلحة بالمجتمع الأمريكى وتم توثيق 7666 حالة قتل على يد الشرطة الأمريكية ما بين عامى 2013 و2019 وفي 99 حالة فقط تم توجيه اتهامات ضد الضباط، وقد تمت إدانة 25 منهم فقط ، فالغالبية العظمى من ضباط الشرطة الأمريكية الذين يقتلون لا يتم اتهامهم وإدانتهم بأي جريمة بسبب الحماية القانونية التي يتمتعون بها بموجب القانون الأمريكي ، حيث يعتبر استخدام القوة المميتة جزءا اعتياديا و قانونيا بسبب مبدأ "الحصانة المشروطة" .إن العنصريّة والعنف سلوك متأصل في جذور وأفكار المجتمع الأمريكى منذ الحقبة الاستعمارية وتكشف عنه الكثير من الحوادث الداخلية والاتجاهات السياسية الخارجية ، لذلك كانت مشاعر جماهير الشعوب العربية تحمل الكثير من التضامن والتعاطف مع شخص الضحية بعد أن عايشت التميز الواضح تحت شعارات الربيع والشرق الأوسط الجديد ، فأوباما الحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 2009 نظير جهوده في تقوية الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب وقبل إكماله سنة في السلطة قد دمر بلادا بأكملها وهو المدافع الحالى عن أنداده من المستضعفين السود ببلاده وهى فارقة سياسية لا أكثر ولا أقل.إن أوباما المنادى بمكافحة العنصرية قد دمر بلادا عربية بأكملها ومارس عنصريته بهيمنة الأقوى،عندما شرد مجتمعات وأسرحاملا لواء الحرب بالوكالة تتقدمها التنظيمات الارهابية التى يعانى منها مجتمعاتنا حتى الآن، إن زراعة الكراهية والإرهاب لصناعة أمريكية عبرعنها المتظاهرون عندما أسقطوا تمثال المُستكشف كريستوفر كولومبوس ثم إشعال النار فيه قبل أن يتم رميه في بحيرة بأحد حدائق مدينة ريتشموند، كما عبرت عنها دعوة رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي عندما دعت إلى إزالة 11 تمثالًا لعسكريين ومسؤولين يرمزون للحقبة الكونفدرالية.. فهل يا ترى تمثل تلك الدعوة خطوة نحو الأصلاح الداخلى وهل تمتد تلك الخطوات إلى المستوى العالمى ويعم السلام، أم أن الشأن الخارجى أمرا آخر، ولتعش أمريكا وليذهب الجميع إلى الجحيم؟!
مشاركة :