ماذا لو انتهى الاستفتاء المكلف اليوم الأحد من دون أن تكون له أي صلة بالموضوع الذي تحدثنا عنه طويلاً، والذي أدى إلى الانقسام الكبير بين كل من اليونان وأوروبا؟ وهو الاحتمال السيىء الذي يمكن أن تقر به الدولة ودائنوها بعد نهاية الاستفتاء الذي لن يتطرق أبداً إلى مسببات الحالة السيئة التي وصلت إليها اليونان وتأثير الأطراف في المسألة كافة. ويبدو أن تكلفة هذا الاستفتاء ستكون أكبر من النفقات المباشرة التي سيتم تكبدها لتنظيم هذا الحدث الوطني بهذه السرعة. حيث بلغت التقديرات الحكومية 20 مليون يورو، بينما تدعي المعارضة أن تكلفتها ستبلغ 120 مليون يورو. وفي كلتا الحالتين فإنها ستكون نفقات كبيرة على عاتق اليونان التي تعاني أصلا من صعوبات بالغة في سداد المعاشات والرواتب وغيرها، علاوة على أنها تقبع في مستنقع ضحل من الديون التي تعجز حتى الآن عن سدادها لدائنيها. وهناك ثمن آخر ستدفعه اليونان، ألا وهو اتساع الفجوة في المجتمع، وهو ما ستكون معالجته صعبة جداً. فضلا عن أن هذا الاستفتاء سيصب المزيد من الزيت على النيران متعددة الأبعاد في اللعبة التي يتقاذف فيها اليونان ودائنوه اللوم على بعضهم البعض، لا سيما صندوق النقد الدولي وبعض الحكومات والمؤسسات الأوروبية. وهو الأمر الذي يلقي الضوء على الجهود المستقبلية التي تحاول إعادة اليونان إلى الطريق الذي تستعيد معه نموها وازدهارها الاقتصادي. ومن الممكن أن يكون تكبد اليونان لهذه التكلفة منطقياً إذا ما كان الاستفتاء يشتمل على قلب الأزمة اليونانية المستفحلة التي أدت إلى معاناة كبيرة في المجتمع. وربما يعتقد المواطنون اليونانيون أن الهدف من الاستفتاء هو الاختيار بين خيارين تختلف نتيجة كل منهما عن الآخر، إلا أن الواقع أكثر تعقيداً مما يعتقدون. ويبدو أن الأطراف الرئيسية المعنية بالتصويت في الاستفتاء الذي سيحدد إما قبول اليونان لشروط دائنيها من عدمه لا يفهمون معنى أن يكون هنالك خياران لا ثالث لهما لليونان وأوروبا. وبالنسبة للحكومة، وإذا ما جاءت نتيجة الاستفتاء بالرفض، فإن ذلك سيتم تفسيره على أنه تفويض واضح من المواطنين للحكومة للتوصل إلى شروط أكثر يسراً من الدائنين الأوروبيين، علاوة على التفاوض على الابقاء على عضويتها في الاتحاد الأوروبي. ولكن بالنسبة إلى شركاء الحكومة اليونانية في القارة الأوروبية، فإذا ما جاءت نتيجة الاستفتاء سلبية ب لا فإن ذلك سيشير ببساطة إلى أنه تصويت على خروج اليونان من الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من ذلك، فإن الموافقة على شروط الدائنين لن تكون خالية من التعقيدات، وهو ما سيراه العديدون على أنه رفض من جانب حكومة تسيبراس على الاستقالة الفورية، حيث إن مجرد التفكير في إنشاء حكومة تالية لها في خضم هذه الأزمة الاقتصادية الطاحنة سيكون ضرباً من الخيال. وفي الوقت الذي يرغب فيه الدائنون أن يفضي الاستفتاء إلى قبول شروطهم حتى وإن كانت ظاهرياً فقط، فإنه من غير الواضح إذا ما سيكون بمقدور اليونان الوفاء بكافة التزاماتها التي سيفرضها الدائنون . وسوف يكون على الدائنين تقديم دعم فوري لليونان ب 50 مليار يورو كحزمة إنقاذ جديدة، علاوة على شطب العديد من ديونها لليونان، وهو ما لن تتقبله بعض الحكومات الأوروبية بصدر رحب. ورغم ذلك فإن هذا الاستفتاء ستكون له آثار جزئية فقط في اليونان، تمثل أغلبها جوانب سلبية ستعمل حتماً على جعل الأوضاع أسوأ مما هي عليه.
مشاركة :