موجة الإرهاب التي طالت مصر مؤخراً، أكدت أهمية وحاجة المصريين والعرب لاستشعار خطورة المرحلة والبدء في تنفيذ خطة شاملة محددة الأهداف لمواجهة الإرهاب الذي بدأ ، عبر وسائل مختلفة، يتسلل إلى الديار المصرية، التي إن نجح الإرهاب فيها ستكون النهاية للعرب جميعاً، فمصر هي بيتنا جميعاً، وأية انتكاسة فيها، لا سمح الله، ستكون نتائجها كارثية على الجميع عاجلاً أو عاجلاً. لا يجب الاستهانة بما يحدث من مواجهة بين الدولة المصرية ومعها وخلفها يقف شعب بأكمله من جهة والإرهاب بأدواته المختلفة الداخلية والخارجية من جهة أخرى، فبعد الأحداث التي شهدتها القاهرة وسيناء وعدد من المدن المصرية في ذكرى ثورة 30 يونيو، يتأكد للجميع أن الإرهاب يضع مصر في أولويات أهدافه، ولكن بالتدمير والتخريب ومحاولة جرها إلى مواجهة مفتوحة تُستنزف فيها الدولة وتتفتت وتلتحق بالنموذج العراقي والسوري والليبي واليمني، وهو ما تسعى إليه من تدعي محاربة الظلم والطغيان، ونقصد بها الحركات التي تتخذ من الإسلام شعاراً لها وهي بعيدة عن الإسلام وروحه وسماحته. الأحداث الأخيرة أكدت أن حرب مصر مع الإرهاب مفتوحة، وعلى القيادة المصرية البحث في وسائل أخرى لمكافحة الإرهاب، إذ إن الحل الأمني والعسكري وحده لا يكفي لمواجهة احتقان سياسي كبير على خلفية ما حدث في 2011 وما تلته من أحداث، ف الكمون المؤقت للإرهاب خلال الأشهر التي أعقبت التغيير الذي حصل بعد انتخاب عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر، كان يهدف إلى إعادة استجماع القوى للعودة من جديد. لا أحد يشك في أن مصر تعاني وضعاً اقتصادياً صعباً في ظل استنزاف لمواردها التي صارت موجهة بدرجة كبيرة لمواجهة التحديات الأمنية والإرهابية الحالية، وهذا هو ما يخطط له أعداء مصر، الذين يدفعونها لإنفاق مواردها في معركة شاملة مع الإرهاب، ما يؤثر في خطط الدولة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وبالتالي يدخل البلد في اضطراب سياسي مستمر يسمح بإعادة خلط الأوراق تحت مسميات عدة يبحث عنها أعداء مصر، أهمها التضييق على الحريات وغيرها. اليوم تحتاج مصر إلى إعادة قراءة تجربة العامين الماضيين للاستفادة منها وإعادة ترتيب أولوياتها في معركتها الداخلية للقضاء على الإرهاب، ولا ضير من تقييم هذه المرحلة لاستخلاص الدروس والانطلاق نحو مستقبل جديد لمصر والعرب جميعاً، ذلك أن أي انتكاسة لحرب مصر ضد الإرهاب ستكون آثارها مزلزلة على أبناء الأمة العربية جميعاً. محاربة الإرهاب في مصر وغيرها لا تكمن فقط في الشق الأمني والعسكري بل عبر برامج اقتصادية تسحب البساط من تحت أقدام من يحرض على الإرهاب ويمارسه، فعبر هذه البوابة سيكون الحل وليس غيره، ومصر، حالها حال بقية الدول العربية، صارت تدرك أن الفقر وغياب المشاريع الاقتصادية العملاقة هو الذي قادنا جميعاً إلى هذا الوضع، لهذا وجب التحرك لتغييره. sadeqnasher8@gmail.com
مشاركة :