” ذلَّ من بالت عليه الثَّعالب “

  • 6/13/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

ذل من بالت عليه الثعالب هو العجز من بيت شِعر قاله غاوي بن ظالم حينما كان سادن صنم لبني سُليم يُدعى سلع.. وبيت الشعر هو : أربٌّ يبول الثَّعلبان برأسه.. لقد ذل من بالت عليه الثعالب قال ذلك ضمن بضعة أبيات والتي فيها : لقد خاب قوم أملوك لشدة.. أرادوا نزالا أن تكون تحارب فلا أنت تغني عن أمور تواترت .. ولا أنت دفاع إذا حل نائب أربٌّ يبول الثعلبان برأسه.. لقد ذلّ من بالت عليه الثعالب ومناسبة الأبيات الشعرية لها قصة تكاثرت فيها المرويات وتعددت المصادر حولها ، وهي أنه كان لبني سُليم صنما يعبدونه وذات يوم أتى غاوي سادن الصنم فرأى ثعلبين مقبلين يشتدان فرفع كل منهما رجله وبال على الصنم فقال البيت المتقدم ثم كسر الصنم ، وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي ما اسمك ؟ .. قال : غاوي بن ظالم ، فقال له : بل أنت راشد بن عبد ربه. غاوي هو من بني سُليم القبيلة العربية ذات الأثر في التاريخ قبل الإسلام وبعده ، قال عنهم ابن خلدون : ” وأما بني سُليم هؤلاء فبطن متسع من أوسع بطون مضر وأكثرهم جموعاً وهم بنو سليم بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس وفيهم شعوب كثيرة “، لذا نسبها مضرّي عدناني ودخلت الإسلام كافة عام فتح مكة السنة الثامنة هجرية الموافق عام 630م أما مواطن سكناهم ففي الحجاز في المنطقة الواقعة ما بين مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وهما فرعا سُليم فتية وحبش وكذلك في وادي ستارة وساية ومـا حولهما مـن الديار ، وديار سليم الآن شمالي مكة المكرمة بما يزيد عن 100كم ، تحاوطهم جوارا قبائل عتيـبة ومطير وحرب ، وأكبــر محافظاتهم الكامل والظبية ، وأكبر أوديتهم ســتارة وساية ، وبنو سليم انتشروا كذلك في الشمال الأفريقي في ليبيا والجزائر وتونس والمغرب ولهم فروع في الأردن وسوريا . قبيلة بني سليم اشتهرت بالخيول العربية وسلالاتها ، كما ذكر حمد الجاسر المؤرخ والجغرافي للجزيرة العربية في بحث قيم عن الخيل يمتلكها بنو سُليم فذكر أسماء الفرسان والخيول والأشعار التي وردت عن خيولهم ، ولقد قيل جاء الإسلام والخيل عند بني سُليم أكثر منها بالحجاز. العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي يروي عن غاوي أي راشد بن عبد ربه أنه حينما تم تعيينه على القضاء والمظالم في نجران قال هذه الأبيات: صحا القلب عن سلمى وأقصر شأوه .. وردّت عليه ما نعته تماضر وحكّمه شيب القذال عن الصّبا .. وللشيب عن بعض الغواية زاجر فأقصر جهلي اليوم وارتدّ باطلي.. عن اللهو لما ابيضّ مني الغدائر على أنه قد هاجه بعد صحوة .. بمعرض ذي الآجام عيس بواكر ولما دنت من جانب الفرض أخصبت .. وحلّت ولاقاها سليم وعامر وخبّرها الركبان أن ليس بينها .. وبين قرى بصرى ونجران كافر فألقت عصاها واستقرّ بها النّوى .. كما قرّ عينا بالإياب المسافر الخـنـســــــاء تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية الشاعرة الصحابية من مشاهير بني سُليم ، وقد قالت من عيون الشعر الكثير ، وهذا بيت من قصيدة رثاء لأخيها صخر : كـأن عـيـنـيـك لـذكـراه إذا خـطــــرت .. فيض يسيـل عـلى الخـديـن مـدرارا المتأمل في مندوحة دلالات ومجازات نص القول : “لقد ذل من بالت عليه الثعالب” تندفع للسؤال : كم ذهن تلقى ذل بول تلوث به حينما تعلّق بأوهام أفكار وسلوكيات وعلائق أغرته أنها ذات قيمة واعتبار وفتحت له دونما جهد حقيقي كسب المال والجاه ؟! الذُّل هذا يظهر أكثر مع الجشع وحب النفوذ والأثرة فيعتل ضميره فيحب نفسه ومصالحه بايّ وسيلة بلا تردد. الموازين المعنوية بين العزِّة والذُّل خطها رفيع ، ويدرك الإنسان في خلوته إيقاع موقع رجله في أي منهما يكون ، وبهذا حذرنا غاوي وهو راشد في فهمه حينما حمى ذهنه من آفات الأرباب فقال راجِزا: أربٌّ يبولُ الثَّعلبان برأسه .. لقد ذلَّ من بالت عليه الثعالب The post ” ذلَّ من بالت عليه الثَّعالب “ appeared first on صحيفة عناوين الإلكترونية.

مشاركة :