«تطوير المساجد التاريخية» يعكس الأبعاد الثقافية للمملكة

  • 6/15/2020
  • 20:44
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يحمل مشروع «محمد بن سلمان لتطوير المساجد التاريخية» أبعادا ثقافية واقتصادية وإسلامية عديدة، وله علامة بارزة في تاريخ العمارة الإسلامية، حيث يعد المشروع الأكبر في تاريخ دعم المساجد التاريخية من حيث عدد المساجد والتكلفة الإجمالية، إذ يقوم على ترميم وتأهيل وتجديد 130 مسجدا تاريخيا بالمملكة. الطابع المعماريوقالت الحاصلة على ماجستير ودكتوراة من جامعة تكساس للتكنولوجيا في التصميم البيئي والداخلي، والمهتمة بمجال أنسنة المدن د. فاطمة عبدالفتاح جبران، إن العنصر الثقافي لترميم المسجد التاريخي يعكس الاتجاه نحو الاستدامة والعمارة الخضراء، حيث يسهم الحفاظ على المساجد التاريخية وتطويرها بشكل رئيسي في إبراز البعد الثقافي للمملكة، الذي يركز على رؤية السعودية 2030، ويلاحظ بوضوح أن هذه المساجد الـ 130 أعمق في الثقافة والتراث الإسلامي أكثر من العديد من المساجد الأخرى حول العالم، التي تستقبل عددا كبيرا من الزوار من جميع أنحاء العالم، ويعد هذا تغييرا كبيرا للزوار غير السعوديين لإثراء معالمهم الثقافية بمساجد تاريخية أكثر بكثير تستحق الزيارة، ما سيفتح أيضا فرصة عظيمة لعلماء الآثار من جميع أنحاء العالم لاكتشاف مراجع غير مسبوقة لأبحاثهم.وأضافت إنه في سياق أبعاد المشروع نلمس أن التجديد سيتم فيه الحفاظ على الطابع المعماري للمساجد من حيث التصميم، والأسقف التراثية وساحات المساجد، كما يؤخذ بعين الاعتبار المناخ سواء البارد أو الحار مثلا، وكذلك الحفاظ على مواقع استقبال الضيوف، الذين يذهبون للصلاة في المسجد، وأهمية الإضاءة والحفاظ على الآبار التراثية إن وجدت. البعد الثقافيوعن أبعاد هذا المشروع والعمق الثقافي البارز فيه، ذكرت أن تلك المساجد تعد واحدة من أهم سمات التراث الحضاري، لأصالة طبيعتها المعمارية وأهميتها في إبراز ملامح العمارة المحلية للمساجد، وتنوعها من حيث التصميم ومواد البناء بما يتماشى مع الموقع الجغرافي والطبيعة المناخية، ومواد البناء في مناطق المملكة المختلفة، بالإضافة إلى أن العقيدة الإسلامية تؤيد وتعزز أهمية المساجد باعتبارها الأساس الرئيس للمجتمع الإسلامي في التقاليد الإسلامية والعربية، تمثلا لأسرة ذات وحدة واحدة من العائلة، والمرتبطين اجتماعيا وعاطفيا يشاركون في جميع جوانب حياة بعضهم البعض.نسيج المباني وتابعت أنه من المهم الحفاظ على نسيج المبنى نفسه للمسجد، ومن المهم أيضا أن يكون بنفس القدر من تضمين أهمية التطور التاريخي لتصاميم وعمارة وفنون المساجد بمرور الوقت، والنظر في دور السياق الاجتماعي والحضري والبيئي والثقافي، ونتيجة لذلك يحرص هذا المشروع التاريخي الضخم على مراعاة أدق التفاصيل تصميميا ومعماريا وفنيا، بما يتوافق مع بيئة المجتمع السعودي وثقافته وتراثه، وبما يتناسب مع عمق مفاهيم الأنسنة، كما أن التصميم التقليدي للمساجد مصمم بمواد التراث المحلي، وبتطعيم المساجد بالعناصر الضرورية تصميميا، والجديدة الحديثة والمتماشية مع روح المجتمع السعودي، مثل تخصيص أماكن للنساء في الصلاة، وتقديم الخدمات للأشخاص ذوي الإعاقة، وتطوير المرافق الخدمية مثل التكييف والإضاءة والصوتيات، وتنفيذها بما يتوافق مع الهوية التاريخية للمساجد.تحديات اقتصادية وأضافت إن مشاريع الترميم والحفاظ على المساجد ستستخدم مناهج متنوعة لهذه المساجد التاريخية، وستطرح تحديات اقتصادية فريدة للترميم والحفظ وخلق فرص وظيفية متعددة للمواطنين السعوديين، وأيضا خلق فرص استثمارية واقتصادية من خلال استقطاب الزائرين لهذه الأماكن التاريخية العريقة، كما يحتوي المشروع على العديد من العناصر الاقتصادية والاجتماعية والإسلامية والثقافية، ويتمثل أحد الجوانب الاقتصادية الرئيسة في تعزيز الاهتمام بتنمية القرى والمدن التراثية والمدن التاريخية في المملكة، وإعادة تأهيل تلك المساجد بعد هجرها في السنوات الماضية بسبب الاتجاه نحو بناء المساجد الحديثة، بالإضافة لترميم المساجد التاريخية خلال المرحلة الأولى من قبل الشركات السعودية المتخصصة في المباني التراثية وذات الخبرة في مجالها، مع أهمية إشراك المهندسين السعوديين والمصممين والمخططين الحضريين، والمهندسين المدنيين ومصممي الديكور الداخلي ومصممي البيئة والفنانين... إلخ، لضمان الحفاظ على الهوية الحضرية الأصلية لكل مسجد منذ إنشائه. عمق تاريخيوأشارت د. فاطمة جبران إلى أن هناك الكثير من الأبعاد لهذا المشروع، الذي يعتبر علامة بارزة في تاريخ العمارة الإسلامية، أولا: من العمق التاريخي، فقبل بدء أعمال التجديد، تم إجراء العديد من الدراسات الشاملة لتوثيق الأبعاد التاريخية والمعمارية والبيئية والثقافية لكل مسجد، مع إدراك واستيعاب لكافة التحديات البيئية والثقافية والاجتماعية المحيطة بالمساجد، لهذا السبب يخبرنا أسلوب تصميم المسجد وهندسته المعمارية وتصميمه وزخرفته بالكثير عن تراثنا وتاريخنا بشكل عام، ويخبرنا عن الحقبة الزمنية، التي لازمت بناء تلك المساجد، وعن البيئة والمنطقة التي تم بناء المسجد فيها.عمق إنساني أما من ناحية العمق الإنساني، فإن تصميم المساجد التاريخية، الذي يلبي احتياجات إنسانية يقدم مجموعة من الفرص والتحديات، بالإضافة إلى الحفاظ على الهيكل التراثي التاريخي الأصيل للتصميم، فالمشروع يميز النمط المعماري لكل منطقة في المملكة بهويتها وثقافتها، التي تعتمد جزئيا على البناء بالحجارة والطين، واستخدام الخامات البنائية من نفس الموروث البيئي من الخشب المحلي والحجارة المحلية، وخامات أخرى من نفس نسيج الموروث، الذي يميز كل منطقة، ويعكس تجديد المساجد الاحتياجات المتطورة للزمن الحالي، وتعطشها للتراث الأصيل الذي لم يحظ بالاهتمام من قبل بأهمية تلك المساجد تاريخيا، وقيمتها التراثية والمعمارية العريقة لأزمنة لها من القداسة الكثير في التاريخ الإسلامي العريق، وأهمية الحفاظ عليها وإظهار تلك الأيقونات التصميمية لعهود قديمة جدا.عمق إسلامي كما نجد العمق الإسلامي والنسيج التاريخي، حيث تساعد مواد البناء المستخدمة والمتخصصة للمشروع، التي استخدمت على حسب نوع البيئة المحيطة في السابق، هذا الوعي بالطبيعة المتعددة وهذه العوامل البيئية جاءت بناء على تصور إسلامي وتاريخي دقيق لهذه المساجد، وكان هذا التصور أمرا ضروريا جدا للمهندسين المعماريين ومصممي المباني والتنفيذيين والبنائين، ليتم الترميم والتجديد بشكل صحيح مبني على مفهوم إسلامي عميق تاريخيا، مع مراعاة أن يتماشى الترميم مع متطلبات وتقلبات الطقس في المملكة من أجل أن يكون مستداما وطويل الأمد، ليس فقط للحفاظ على النسيج التاريخي للمساجد، ولكن أيضا لإعادة استخدام 130 مسجدا تاريخيا قديما، ولكن بمتطلبات حديثة لا تفقدها أيقونتها التاريخية.

مشاركة :