إقرار الأسد بأخطاء البعث تحمّل للمسؤولية أم هروب إلى الأمام | | صحيفة العرب

  • 6/16/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

دمشق - أقر الرئيس السوري بشار الأسد الاثنين بارتكاب حزب البعث الحاكم لأخطاء في مسيرته ما تسبب في تراجع دوره، مشددا على ضرورة تدارك تلك الأخطاء التي أدت إلى تغييب الكوادر الحزبية ذات الكفاءة. يأتي هذا الاعتراف الذي جاء في شكل رسالة مكتوبة موجهة لأعضاء حزب البعث، قبل ساعات قليلة من بدء تطبيق سلسلة عقوبات أميركية غير مسبوقة ضد النظام السوري في علاقة بقانون قيصر الذي وقّع عليه الرئيس دونالد ترامب في ديسمبر الماضي ودخل حيز التنفيذ بداية الشهر الجاري. ولم يأت الأسد في رسالته على ذكر تلك العقوبات التي يتوقع أن يكون لها تأثير مدوّ على الداخل السوري، بدأت تمظهراته تتكشف مع الاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء منذ أيام، وإن حرص الرئيس في الرسالة على التذكير بأن بلاده لا تزال تواجه حربا مركبة، ما يعكس تمسّكا بسياسة الإنكار لأي مسؤولية له عن الأزمة التي تعصف بسوريا منذ العام 2011. وأوضح الأسد في رسالته “أن مسيرة الحزب لم تخل من الأخطاء التي تقع فيها الكثير من الأحزاب والتي أدت إلى تراجع دوره في بعض المراحل”. ولفت إلى أن “غياب الآليات والمعايير الموضوعية شكّل بعض الخلل في العلاقة بين القيادة والقاعدة داخل الحزب” وكان ذلك عقبة سببت “انكفاء القواعد عن تحمل مسؤولياتها، وبالتالي غيابها أو تغييبها عن ممارسة حقها وواجبها في الترشح والانتخاب والمشاركة في إيصال القيادات الكفؤة لتمثيلها في المواقع الحزبية أو في المؤسسات الوطنية المنتخبة”. واعتبر الرئيس السوري أنه “لا بد من القيام بأهم إجراء يحفظ المؤسسة الحزبية ويطورها ويقويها، وهو توسيع مشاركة القواعد الحزبية في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب”. يحيى العريضي: الأسد يراهن على البعث كحامل لمشروع إعادة تأهيله يحيى العريضي: الأسد يراهن على البعث كحامل لمشروع إعادة تأهيله ومن المقرر إجراء انتخابات تشريعية في سوريا في 19 يوليو ، وكان الحزب الذي يتولى بشار الأسد قيادة أمانته العامة قد أدخل جملة من التعديلات من بينها إقرار آلية “الاستئناس” بآراء كوادر الحزب لاختيار مرشحيه إلى مجلس الشعب، بعدما كان الاختيار يتم عن طريق القيادة الحزبية. وقال الأمين العام المساعد لحزب البعث، هلال الهلال، في وقت سابق إنها “المرة الأولى في تاريخ الحزب التي يتم فيها اختيار ممثليه لهذا الاستحقاق عن طريق هذا العدد الكبير من البعثيين وبشفافية عالية”. وتأسس حزب البعث عام 1947، وصعد إلى السلطة في سوريا عام 1963، وكانت سطوة الحزب أحد الأسباب الرئيسية في اندلاع الأزمة في سوريا في العام 2011، ولوحظ خلال السنوات الأخيرة تراجع دوره بشكل لافت وأنه لم يعد مؤثرا في سلطة القرار. ويقول محللون إن محاولات الرئيس بشار الأسد لإنعاش حزب البعث تأتي استباقا للمرحلة المقبلة، في علاقة بمشروع استمرارية بقائه في كرسي السلطة. ويشير هؤلاء إلى أن الأسد يسعى لإعادة الوصل مع القواعد الشعبية التي انفض جزء كبير منها من حول الحزب، فيما انكفأ الجزء الآخر، لشعور باليأس من إمكانية الإصلاح. رياض نعسان آغا: الرسالة تتضمن اعترافا بتخلي كثير من البعثيين عن الحزب رياض نعسان آغا: الرسالة تتضمن اعترافا بتخلي كثير من البعثيين عن الحزب ويقول عضو هيئة المفاوضات السورية والعميد السابق لكلية الإعلام في دمشق يحيى العريضي لـ”العرب” إن انتقاد الأسد للحزب والدعوة لتجديد دمائه يصب في سياق رهانه على هذه المؤسسة الحزبية كحامل لمشروع إعادة تأهيله. ويشير العريضي إلى أنه “بدل أن يخاطب رئيس النظام هموم الناس، لاسيما في ظل وضع اقتصادي منهار وتهتك اجتماعي، نجده يخاطب مسألة لم يعد أحد يهتم لها، لا لشيء إلا لغرض معين ألا وهو الحفاظ على الكرسي”. ويعتبر عضو هيئة المفاوضات السورية والمشارك أيضا في اللجنة الدستورية المكلفة بكتابة دستور جديد لسوريا، أن إصرار الأسد على إجراء الانتخابات التشريعية يعكس استمراره في رفض أي عملية سياسية يدعو لها المجتمع الدولي، وتفضي إلى انتقال حقيقي بناء على دستور جديد يكتب من خلال اللجنة الدستورية، وخلق بيئة آمنة محايدة لإجراء انتخابات تعكس ما يريده السوريون وليس ما تريده عصابة متسلطة على سوريا حولتها إلى مزرعة تدمرها وتقتل أهلها. ويرى أنه كان الأجدى بالأسد توجيه تلك الرسالة للشعب السوري يعترف من خلالها بالأخطاء التي ارتكبها بحقه، في ظل وجود نحو مليون قتيل وأكثر من نصف السكان مهجرون، وأكثر من نصف مليون معتقل لا يعرف بعد إن كانوا على قيد الحياة، وفي ظل بنية تحتية مدمرة واقتصاد على أبواب الانهيار، لاسيما مع حزمة العقوبات الأميركية المرتقبة. وتعكس رسالة الأسد حالة تململ مشوب بالقلق من الوضع الذي آل إليه حزب البعث الذي بات على حد تعبير الكثيرين خارج سياق التاريخ وعلى هامش الأحداث في سوريا، وسط استبعاد إمكانية نجاح ترميمه في ظل القيادة الحالية. وقال الوزير السوري الأسبق الدكتور رياض نعسان آغا “من الواضح أن الأسد غير راض عن أداء الحزب حيث رشحت قيادة الحزب في الدورات السابقة لمجلس الشعب شخصيات هزيلة جدا باتت موضع سخرية الشعب وتندره، لذلك هو يطالب القيادة بما سماه الاستئناس برأي القواعد الحزبية لاختيار الأفضل”. وأضاف آغا في تصريحات لـ”العرب” أن الرسالة تضمنت اعترافا بتخلي كثير من البعثيين عن الحزب، وذلك أمر طبيعي فالغالبية باتوا معارضين، والمتظاهرون الأوائل الذين أشعلوا شرارة الثورة من الشباب كانوا بعثيين بالضرورة. ويشير آغا الذي سبق أن تقلد أيضا منصب سفير سوريا لدى دولة الإمارات إلى أن “رسالة الأسد حزبية بحتة ولا علاقة لها بما تعانيه سوريا، والغريب أنها تأتي عشية دخول قانون قيصر حيث كان البعث نفسه ينتظر حديث الرئيس عن خططه لمواجهة تبعات القانون في ظل خشية من السقوط المدوي في هوة المجاعة مع وجود نحو 85 في المئة من الشعب يعيش تحت خط الفقر”.

مشاركة :