يتصدر ملف الرهائن الأميركيين في سوريا أجندة زيارة المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم إلى واشنطن، حيث من المرجح أن يعرض جملة من مطالب النظام السوري على المسؤولين الأميركيين مقابل الإفراج عنهم. بيروت – كشفت أوساط سياسية وإعلامية لبنانية عن زيارة بدأها المدير العام للأمن العام اللبناني عباس إبراهيم إلى واشنطن، بناء على دعوة رسمية تلقاها من مستشار الأمن القومي الأميركي روبرت أوبراين. وذكرت الأوساط أن الأجندة التي يحملها المسؤول الأمني أو “رجل المهمات الصعبة” كما يفضل اللبنانيون تسميته ستكون حافلة بدءا بتشعبات الوضع الداخلي في بلاده وعصا العقوبات التي تضغط على رقاب حزب الله وحلفائه السياسيين، وصولا إلى سوريا حيث تطمح إدارة الرئيس دونالد ترامب إلى حل قضية الرهائن الأميركيين المحتجزين هناك لتسويقه كنصر جديد ينضاف إلى سجلها مع بلوغ المنافسة الانتخابية بين الثري الجمهوري وغريمه الديمقراطي جو بايدن ذروتها. ونجحت الإدارة الأميركية مؤخرا في إبرام صفقة مع الحوثيين في اليمن تم بمقتضاها الإفراج عن أميركيين محتجزين لدى الجماعة المدعومة من إيران. وستستعيد واشنطن جثمان بلال فطين، وهو محتجز ثالث لدى الحوثيين والذي لم تتضح ظروف وفاته بعد. روبرت ساتلوف: قلق بشأن الثمن الذي قد يدفع لتأمين الإفراج عن الرهائن روبرت ساتلوف: قلق بشأن الثمن الذي قد يدفع لتأمين الإفراج عن الرهائن وجعل ترامب من ملف الإفراج عن “رهائن” ومواطنين أميركيين “معتقلين” في الخارج إحدى أولوياته على مدار سنوات حكمه الأربع. وسجّل عددا من النقاط في هذا المجال، لعل أبرزها إعادة أميركيين من كوريا الشمالية وإيران في عمليات جرى بعضها ضمن صفقات تبادل. ولعب اللواء عباس إبراهيم دورا محوريا في إحدى تلك الصفقات حيث نجح في إطلاق سراح المواطن اللبناني – الأميركي نزار زكا الخبير في تكنولوجيا الاتصالات والمعلوماتية في يونيو الماضي بعد سنوات من اعتقاله في طهران بتهمة التجسس لصالح واشنطن. وللواء عباس إبراهيم تاريخ طويل من النجاحات في الوساطات التي قام بها لإطلاق سراح أسرى ورهائن، وعلى سبيل الذكر لا الحصر إطلاق سراح الكندي كريستيان لي باكستر (44 عاما) المحتجز لدى دمشق، في أغسطس من العام الماضي، بعد شهر من إفراج السلطات السورية بوساطة المسؤول اللبناني نفسه عن المواطن الأميركي سام غودوين. ولا تستبعد الأوساط أن يكون اللواء إبراهيم حمل معه إلى واشنطن مطالب من النظام السوري مقابل التعاطي بإيجابية مع ملف الرهائن الأميركيين الذين تنكر دمشق أن تكون لها صلة بهم أو أنها من تحتجزهم. ويعتقد متابعون أن الإدارة الأميركية تراهن على أن يلعب اللواء عباس إبراهيم دورا متقدما في الوساطة لإطلاق سراح باقي مواطنيها في سوريا قبيل الاستحقاق الرئاسي، وسط تحذيرات من استغلال نظام الأسد حاجة الرئيس الأميركي لإغلاق هذا الملف سريعا، وطرح شروط مكلفة كتعليق العمل بقانون قيصر، والانسحاب من منطقة التنف الإستراتيجية. وكشف مدير “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى”، روبرت ساتلوف، في تغريدات على موقعه على تويتر، أن “المدير العام للأمن العام الصديق لحزب الله عباس إبراهيم موجود في واشنطن للقاء مستشار مجلس الأمن القومي الذي كان كبير مفاوضي الرهائن، وذلك لمناقشة مصير الأميركيين الذين مازالوا محتجزين في سوريا”. وأعرب ساتلوف عن “قلق بشأن الثمن الذي قد يدفعه البيت الأبيض لتأمين الإفراج عن الرهائن. إذ احتجزهم خاطفوهم لسنوات وسيرغبون في الحصول على ثمن باهظ يمكن تسديده بسرعة قبل الانتخابات التي قد يلحقها تغيير سياسي مزلزل”. وقبيل زيارة اللواء عباس إبراهيم إلى واشنطن كان الرئيس اللبناني ميشال عون استقبل في قصر بعبدا الأربعاء السفير السوري لدى بيروت عبدالكريم علي، ما طرح تساؤلات كثيرة حول دوافع هذه الزيارة لاسيما في هذا التوقيت. وقال مدير “معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” إن إطلاق سراح المحتجزين الأميركين يجب ألا يكون مقابل خسارة إستراتيجية، مثل “انسحاب أبنائنا من التنف، وهو الأمر الذي سيكون مصدر سعادة النظام السوري وإيران وذراعها حزب الله”. واتهم الرئيس بشار الأسد في لقاء إعلامي مع إحدى الوكالات الروسية قبل أيام الولايات المتحدة بالنكث بتعهداتها لجهة عدم إخلاء قاعدة التنف التي تقع بالقرب من الحدود مع الأردن والعراق، الأمر الذي يعزز فرضية أن يطرح النظام مجددا هذا الشرط مقابل إطلاق سراح الرهائن الأميركيين. Thumbnail وتضم قائمة المحتجزين الأميركيين المعلومين أوستن تايس (37 عاما) وهو جندي سابق في البحرية الأميركية ومصور صحافي، جرى اعتقاله بحسب بيان لمكتب التحقيقات الفدرالي، في 13 أغسطس 2012، عند حاجز خارج العاصمة السورية على إثر إجرائه حوارات مع عناصر من المعارضة السورية في مدينة داريا جنوب دمشق. ويرفض النظام السوري الإقرار بمسؤوليته عن اختطاف تايس حيث قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، في عام 2016، إن “تايس ليس موجودا لدى السلطات السورية، ولا توجد أدنى معلومات تتعلق به”. وتشكك الولايات المتحدة في الرواية الرسمية السورية بناء على معطيات لديها، وكشف وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في أغسطس الماضي أن الرئيس دونالد ترامب وجه رسالة إلى النظام السوري في مارس، لفتح حوار حول أوستن. وإلى جانب أوستن تايس، هناك مجد كم الماز (61 عاما) طبيب نفسي يحمل الجنسيتين السورية والأميركية، كان اعتقل عند حاجز للجيش السوري في فبراير 2017. وترجح أوساط متابعة أنه بالإضافة إلى مسألة الرهائن الأميركيين سيبحث اللواء عباس إبراهيم جملة من الملفات في علاقة بالداخل اللبناني، لاسيما جس النبض بشأن إمكانية أن تذهب إدارة دونالد ترامب إلى فرض عقوبات جديدة على حلفاء حزب الله السياسيين. وكانت واشنطن أعلنت قبل أسابيع عن عقوبات بحق المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب وزعيم حركة أمل علي حسن خليل بتهمتي الفساد ودعم حزب الله. وقبيل زيارته إلى واشنطن كان المدير العام للأمن العام اجتمع برئيس مجلس النواب نبيه بري. وتستبعد الأوساط أن يكون ملف ترسيم الحدود اللبنانية الإسرائيلية محور مباحثات، حيث أنها لا تبدو في حاجة لذلك في ظل وجود مسؤولها مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى دفيد شنكر في بيروت لمتابعة هذا الملف.
مشاركة :