من يتحمل مسؤولية فشل الأبناء وانحرافهم: الأصدقاء أم الوالدان | | صحيفة العرب

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يوجه الكثير من الآباء أصابع الاتهام للأصدقاء معتبرين أنهم السبب في فشل أبنائهم وانحرافهم وحيادهم عن الطريق السوي الذي رسموه لنجاحهم، في مقابل ذلك يعتبر البعض أن البيئة التي ينتمي إليها الطفل قد تكون السبب في جنوحه وفشله وتعلمه بعض العادات السلبية. لندن- تعتبر الصداقة من الحاجات الأساسية للإنسان في مختلف مراحل حياته، وهي دعامة أساسية في تكوين شخصيته وخبراته، إلا أن الكثير من الآباء يحملون الأصدقاء مسؤولية تغيير سلوكيات أبنائهم ويرون أن تأثر الأبناء بالأصدقاء قد يكون سببا مباشرا في انحرافهم وفشلهم، في حين يرى البعض الآخر أن الآباء قد يكونون هم السبب في هذا الفشل والانحراف. وكشفت دراسات حديثة أن الكثير من الأبناء يفضلون ما يتلقونه من الأصدقاء على ما يتلقونه من آبائهم وأمهاتهم، ويستجيبون لنصح زملائهم الذين يفتقرون إلى الخبرات بينما يرفضون الاستماع إلى إرشادات الآباء، ويقلدون ما يفعله الأصدقاء وينفرون من سلوك الآباء؛ تارة تمردا وتارة ميلا نحو الاستقلالية الشخصية. ولهذا يقع على عاتق الآباء دور كبير في مساعدة أبنائهم على اختيار الأصدقاء الذين من الممكن أن يظلوا معهم حتى وقت طويل. وأوضح الدكتور محمد حسين مشرف، المختص في علم النفس الإكلينيكي وخبير نفسي في التربية والتعليم، أن هذا الميل للأصدقاء بدرجة أكبر يرجع إلى أن الأصدقاء هم أقرب الناس عمرا للأبناء والمستوى الثقافي ومستوى الإدراك، لذلك فإن الأسلوب الذي يتبعه البعض دون قصد منهم، لتلقين أصدقائهم الآخرين بسلوكياتهم وتصرفاتهم وآرائهم هو الأسلوب الأقرب إلى نفوسهم. كما أشار إلى أن علاقة الصداقة هي علاقة وقتية، مما يجعلها لا توجد فيها وصاية أو مسؤولية من طرف على الآخر؛ لذلك فإن درجة تقبل ما يقوم به الزملاء أكبر تأثيرا على الأبناء من تأثير الأب والأم. وأفاد أخصائيو علم النفس أن الصداقة في مرحلة المراهقة تحقق كل الحاجات الإنسانية للمراهق مثل الحب والانتماء والشعور بالسيطرة وتنمي قوة الشخصية لديه، أما الشباب فتشكل لهم سندا قويا يلجأ إليه لتغطية احتياجاته المختلفة كما تمتد أهمية الصداقة لمراحل العمر المتقدمة. وأشاروا إلى أن الأسرة تعتبر المصدر الأساسي لاختيار الأصدقاء، لافتين إلى أن الوالدين هما القدوة وبالتالي عليهما اختيار أصدقائهما بعناية حتى يتعلم منهما الأبناء. الأصدقاء يؤثرون في حياة بعضهم بنسبة 75 في المئة، وهو ما يغير سلوكهم بمجرد الذهاب إلى المدرسة ويستمر التأثير من مرحلة الطفولة حتى المراهقة الأصدقاء يؤثرون في حياة بعضهم بنسبة 75 في المئة، وهو ما يغير سلوكهم بمجرد الذهاب إلى المدرسة ويستمر التأثير من مرحلة الطفولة حتى المراهقة وشددوا على ضرورة عدم اتباع أسلوب عنيف لإبعاد الأبناء عن الأصدقاء، وبمجرد إدراكهم أن الأصدقاء لهم تأثير سلبي على الأبناء أن يجمعوا معلومات وأدلة مقنعة ويقدمونها للأبناء لإظهار الحقيقة أمامهم، تحطيم الحواجز بين الأبناء والآباء، وبناء علاقة صداقة قوية بينهم تشجعهم على اللجوء إلى الوالدين لاستقاء المعلومات، التي يرغبون في الحصول عليها وتقبّل توجيهاتهم. ولفتت الدكتورة نبيلة السعدي أخصائية التواصل الاجتماعي بالمركز المصري للاستشارات الأسرية والزوجية، إلى أن الأصدقاء يؤثرون في حياة بعضهم بنسبة 75 في المئة، وهو ما يغير سلوكهم بمجرد الذهاب إلى المدرسة ومخالطة العديد من الأطفال في نفس أعمارهم، ويستمر التأثير من مرحلة الطفولة حتى المراهقة، مشيرة إلى أن هذه النسبة المرتفعة تختلف على حسب دور الأسرة في حياة الطفل ذاته، فهناك أسر تترك أطفالها دون اهتمام بين أصدقائهم، وأسر أخرى تقوم بجذب أبنائها من شلة الأصحاب ليكونوا وسطهم يستمعون لنصائحهم ويكونوا بجانبهم في كل المواقف سواء الجيدة والسيئة حتى لا يكون انتماء الطفل لأصدقائه أكثر من أهله. وأشارت إلى أن الأم تلاحظ دائما تغيرات تدريجيا في تصرفات طفلها بمجرد ذهابه للحضانة أو المدرسة، ويرجع ذلك إلى مخالطة أطفال من مختلف الثقافات والتربية، وفي حالة إهمال الأسرة لطفلها وقلة اهتمامها به يتجه الطفل إلى أصدقائه أكثر ليسيطروا على عقله ويكونوا هم ملجأه الأول قبل الأسرة في الرعاية والاهتمام، وهو ما ينعكس بعد فترة بالسلب عليه، من الممكن أن يكون هؤلاء أصدقاء السوء الذين يقودوه لإدمان المخدرات والانحراف، والتي أصبحت حقيقة وفقا لتقرير العديد من المؤسسات الحكومية، حيث أصبح عمر الإدمان في مصر يبدأ من 10 سنوات. وأضافت موضحة “صديق الطفل لا يلومه أو يعنفه ويستمع إلى مشاكله ويحاول حلها قدر ما يستطيع ويحاول طوال الوقت إسعاده، لذلك ينجذب الابن له أكثر من الأهل ويقوم كل منهم بالاستماع إلى الآخر دون تفكير، فلديهم ثقة كبيرة في بعضهم البعض، ويعملون على تغيير سلوك بعضهم البعض ليكون لها سمة واحدة تميزهم عن غيرهم، ومن هنا يجب على الأهل معرفة سمات وصفات أصدقاء أبنائهم ومحاولة التقرب منها”. الأطفال ذوي الآباء المسيطرين يميلون إلى النضال من أجل الحصول على الاستقلال واتخاذ قرارات مستقلة في وقت لاحق حينما يكبرون ونصحت الأهل بأهمية جذب أبنائهم إلى داخل الأسرة مرة أخرى ولن يتحقق ذلك إلا عن طريق استخدام العقل والمنطق في التعامل معهم، ومشاركتهم منذ الصغر في كل المواقف والمحطات التي يمرون بها، ولا ننسى أهمية الاستماع لأبنائنا حتى لا يلجأوا إلى الفضفضة مع أصدقائهم بدلا من الأهل. وأكدت دراسات حديثة أن رفاق السوء هم العامل الأساسي في الإدمان، حيث أشارت دراسة عربية إلى أن أكثر من 60 في المئة من المتورطين في قضايا تعاطي المخدرات، خاصة الجرعة الأولى من المخدرات، كان أصدقاء السوء السبب وراء تورطهم فيها، بالإضافة إلى دور صديق السوء في تورط أكثر من 70 في المئة من المضبوطين في جرائم السرقات . وأكدت إحصاءات وتقارير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية في شرطة دبي أن أصدقاء السوء وراء حوالي 90 في المئة من جرائم الأحداث، وأكد خبراء أن جرائم الأحداث تزداد سنويا خاصة في الصيف بسبب رفاق السوء وأوقات الفراغ وتتنوع الجرائم بين السرقات والقيام بأفعال فاضحة سواء كانت لفظية أو حركية، أو غيرها من التورط في جرائم أخرى مثل تعاطي المخدرات، أو المشاجرات. وأشاروا إلى أن دراسات عدة كشفت أن معظم أسباب المشكلات السلوكية والأخلاقية والتدني الدراسي سببها أصدقاء السوء، مشددين على أهمية مراقبة الآباء لتصرفات أولادهم بطرق غير مباشرة حتى لا تسبب فقدان الثقة بين الطرفين. وأكد المختصون أن أصدقاء المراهق لهم تأثير كبير على تكوين أفكاره ومعتقداته ولهم دور في رسم سلوكياته، وهذه المرحلة تتسم بسرعة انتقال الخبرات بين المراهقين سواء أكانت هذه الخبرات من النوع الإيجابي أم السلبي، وتأثير المراهق على صديقه قد يفوق تأثير المنزل والمدرسة مجتمعين، وتتوافر فرص قضاء الفترات الطويلة بين المراهقين خلال اليوم الواحد سواء في المدرسة أو النادي أو حتى بسبب الجيرة، وهذه الفترات تسمح بانتقال الخبرات والأفكار دون رقيب، واستعانة كل منهم برأي الآخر في حل مشكلاته أو تكوين وجهات نظر معينة تجاه بعض الموضوعات. كما أن أجهزة الإعلام تتحمل جزءا من المسؤولية تجاه انحراف الأحداث، فعندما يشاهد المراهق من خلال الفضائيات أفلام العنف والتعري يشعر بالرغبة في المحاكاة. وكشفت دراسة استمرت 19 عاما، تتبع فيها الباحثون من جامعة فيرجيينا الأميركية 184 مراهقا من سن 13 إلى 32 عاما، أن الأطفال ذوي الآباء المسيطرين كانوا أقل تحقيقا للإنجازات الأكاديمية أو تكوين الصداقات أو نسج علاقات عاطفية حينما يكبرون، لافتة إلى أن تربية الأبناء يمكن أن تكون لها آثار سلبية تستمر مدى الحياة. الكثير من الأبناء يفضلون ما يتلقونه من الأصدقاء على ما يتلقونه من آبائهم وأمهاتهم الكثير من الأبناء يفضلون ما يتلقونه من الأصدقاء على ما يتلقونه من آبائهم وأمهاتهم وقالت مؤلفة الدراسة إميلي لوب، الباحثة المشاركة في جامعة فيرجينيا “كنا مهتمين حقا برؤية مدة استمرار هذه الآثار في مرحلة البلوغ. كان من المثير للاهتمام أن نرى أن التحكم النفسي بالمراهقين ارتبط ارتباطا وثيقا بالمشاكل في العلاقات العاطفية وانخفاض مستويات التحصيل التعليمي حتى أوائل الثلاثينات من عمرهم”. قام الباحثون في الدراسة بإحضار تلاميذ الصف السابع والثامن الذين كانوا في 13 من العمر تقريبا، إلى المختبر مع أقرب أصدقائهم. من أجل اختبار مدى قدرتهم على طلب المساعدة لحل مشكلة تزعجهم، وبينما يتحدث كل صديقين عن المشكلة يلاحظ باحثو المختبر مدى مشاركة الأطفال في هذه المناقشة. وأكد لوب “كان هؤلاء المراهقون يكافحون بالفعل في سن 13 لطلب الدعم وتلقيه، ولكن يبدو أن هذه المشاكل ساءت بمرور الوقت”. وكان الأطفال ممن كان آباؤهم أكثر تحكما فيهم، ينالون إعجابا أقل من أقرانهم، وأقل قدرة على التفكير في المواقف الاجتماعية بطريقة دقيقة وأخذ وجهات نظر مختلفة في الاعتبار. وقام الباحثون في عمر 15 و16 و27 و31 بإعادة المقابلة مع المشاركين بالدراسة، ووجدوا أن أولئك الذين لديهم آباء أكثر سيطرة قد أكملوا تعليما أقل من أقرانهم، وفي الوقت الذي وصلوا فيه لسن 32 سنة كانت قدرتهم ضعيفة على نسج علاقات عاطفية. الأم تلاحظ دائما تغيرات تدريجيا في تصرفات طفلها بمجرد ذهابه للحضانة أو المدرسة، ويرجع ذلك إلى مخالطة أطفال من مختلف الثقافات والتربية وتوصلت الدراسة إلى أن الآباء المسيطرين يتسببون في ضعف التحصيل الدراسي لأبنائهم، لافتة إلى أن افتقار المراهقين إلى التحصيل الأكاديمي الجيد قد يكون بسبب أن آباءهم المسيطرين كانوا يدفعونهم إلى بذل المجهود والأداء الجيد في المدرسة، ودون وجود الدفع المستمر من الوالدين بعدما كبر أطفالهم، توقف الأبناء عن الاهتمام وملاحقة النجاح الأكاديمي. كما لفت الباحثون إلى أن الأطفال الذين لديهم والدان مسيطران، من المرجح أن ينظروا إلى الأصدقاء على أنهم عبء، بدلا من كونها علاقة مفيدة للطرفين. وأوضحت لوب أن الأطفال ممن لا يقومون بما يطلبه منه آباؤهم من النوع المسيطر الذين يميلون إلى إشعارهم بالذنب وحجب المودة عنهم حينما يكبرون سيتوقعون هذا السلوك نفسه من الأصدقاء ومن يرتبطون بهم عاطفيا. وتجنبا لذلك وخوفا منه، فإن أطفال الآباء المتحكمين هم أقل طلبا للدعم من أصدقائهم تجنبا للرفض أو الانسحاب. وبين أستاذ علم النفس بجامعة بوسطن بيتر غراي، أن نتائج الدراسة بمثابة دليل مقنع إلى حد ما على أن نتيجة المراقبة الأبوية المستمرة والسيطرة على الأطفال لها بعض الآثار الضارة”. ونصحت إميلي لوب الآباء بمنح المراهقين الفرصة لاتخاذ خياراتهم الخاصة، وقالت إن الأطفال ذوي الآباء المسيطرين يميلون إلى النضال من أجل الحصول على الاستقلال واتخاذ قرارات مستقلة في وقت لاحق حينما يكبرون، وهذا دليل على أنه من المهم حقا السماح للمراهقين باتخاذ بعض خياراتهم الخاصة.

مشاركة :