بعد العثور على جثث لمهاجرين أمام ساحل صبراتة، تزايدت مخاوف الليبيين من عودة عصابات تهريب البشر إلى أوروبا، في ظل ما وصفوه بحالة الفوضى الأمنية وانشغال الأجهزة الأمنية بالحرب الدائرة بين «الجيش الوطني» وقوات «الوفاق». وعثر فريق جمعية الهلال الأحمر الليبية على جثمانين لمهاجرين غير نظاميين، قبل يومين، على ساحل مدينة صبراتة، بينما تحدث مواطنون إلى «الشرق الأوسط» عن انتشالهم ثلاثة جثامين لمواطنين من «ذوي البشرة الحنطية».وصبراتة الواقعة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، غرب العاصمة طرابلس بنحو 70 كيلومتراً وتسيطر عليها قوات «الوفاق» بعد انتزاعها مرة ثانية من قبضة «الجيش الوطني»، تعد من أهم نقاط انطلاق المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، بجانب مدن أخرى مثل الزاوية وزوارة والقرة بوللي، شرق وغرب العاصمة. وفور إعلان الهلال الأحمر عن انتشال جثتين لمهاجرين من على شاطئ صبراتة، دون تحديد دولتهما؛ ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في ليبيا بحالة من «التشفي» وإظهار أن المدينة التي تسيطر عليها حكومة «الوفاق» الآن، «باتت مرتعاً» لمجموعات من الميلشيات المطلوبين دولياً، وسط اتهام للميليشيات المسلحة باستعادة نشاطها القديم في عمليات تهريب المهاجرين إلى أوروبا للحصول على الأموال.ويرى حقوقيون ليبيون مهتمون بملف الهجرة غير المشروعة، أن عمليات الاتجار في البشر وتهريبهم إلى أوروبا وإن كانت قلت حدتها خلال الأشهر الماضية بسبب الحرب، إلا أنها مستمرة في ظل انشغال الأجهزة الأمنية بالترتيبات الأمنية بعد «تحرير» العاصمة، مشيرين إلى أن غالبية المجموعات التي يتم ضبطها قرب دول مجاورة مثل تونس انطلقت بزوارقها عبر سواحلنا.وأعلنت وحدات من الحرس البحري، أول من أمس، أنها أنقذت 20 مهاجراً غير نظامي من مصر واليمن قرب سواحل جزيرة قرقنة التونسية بعد تعطل مركبهم في رحلة كانت تستهدف إيطاليا، وفي تصريح صحافي لمنظمة الهلال الأحمر بولاية صفاقس أوضحت أن المهاجرين، وهم 18 مصريا ويمنيان، كانوا انطلقوا في رحلة سرية من سواحل ليبيا وأطلقوا نداءات استغاثة بعد أن تعطل مركبهم قرب قرقنة.وزاد من هذه المخاوف ظهور مهرب البشر أحمد الدباشي المعروف باسم «العمو» بين قوات السراج التي دخلت مدينتي صبراتة وصرمان الساحليتين، الواقعتين غرب العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى عودة «بيدجا» أو عبد الرحمن ميلاد، الذي يتهمه مجلس الأمن بالضلوع في عمليات تهريب البشر وقتل مهاجرين.وقال المدون الليبي، محمد قشوط، عبر صفحته على «تويتر» إن «نشاط الهجرة غير الشرعية عاد من جديد في مدينتي صبراتة والزاوية، بعد هيمنة ميليشيات طرابلس على الساحل الغربي، تحت حماية (الرئيس التركي رجب طيب) إردوغان، مشيراً إلى أن التدخل الجوي والبحري هو الذي مكنهم من ذلك، قبل أن يلفت إلى تحطم زورق يحمل 30 شخصاً نجا منهم 18 وفقد 12 بينهم أطفال.وقالت ستيفاني ويليامز الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، إن المهاجرين وطالبي اللجوء في ليبيا لا يزالون يتعرضون بشكل مستمر «للاحتجاز التعسفي والتعذيب، بما في ذلك العنف الجنسي، والاختطاف مقابل فدية والابتزاز والسخرة والقتل غير المشروع».وأضافت ويليامز في التقرير الشفوي المقدم إلى الدورة الرابعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان، أنه في 27 مايو (أيار) الماضي قُتل ما لا يقل عن 30 مهاجراً وأصيب 11 آخرون بجروح في مزدة على يد مجموعة مسلحة ذات صلة بالمتاجرين بالبشر، لافتة إلى أنه منذ يناير (كانون الثاني) تم اعتراض أكثر من 4 آلاف شخص في البحر وإعادتهم إلى ليبيا، في ظل ظروف احتجاز تعسفية، بينما اختفى آخرون تماماً.وفيما لفتت البعثة إلى أن ليبيا ليست ملجأ آمناً لإعادة المهاجرين وطالبي اللجوء؛ قالت إنها تلقت تقارير عن عدم تقديم المساعدة وصد قوارب المهاجرين في عرض البحر الأبيض المتوسط، الذي لا يزال أحد أكثر طرق الهجرة فتكاً في العالم. وتعددت عمليات العثور على جثث لمهاجرين على السواحل الليبية، حيث سبق وانتشلت فرق تابعة للهلال الأحمر الليبي، العام الماضي، جثث 62 مهاجرا، كان مركبهم قد غرق قبالة الساحل شرق العاصمة طرابلس؛ كما أعلنت منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة أن جثث ما لا يقل عن ستة مهاجرين كانوا في طريقهم إلى أوروبا عُثر عليها على ساحل البحر المتوسط في ليبيا، وكتبت «المنظمة الدولية للهجرة» التابعة للأمم المتحدة أن المياه جرفت الجثث إلى شاطئ بلدة الخمس الساحلية الليبية.وامتداداً لحملات التحريض المتبادلة في ليبيا، ظهرت اتهامات مُرسلة دون سند، بأن صبراتة باتت ملجأ لعناصر تنظيم «داعش»، وأن هناك أكثر من 500 عنصر يتبعون جنسيات مختلفة، يتدربون في تخومها قبيل انتشارهم في شرق البلاد، لكن تبقى هذه الأنباء مجرد أقاويل لم يثبت صحتها بعد. وفي وقت سابق من هذا الشهر لقي حوالي 60 مهاجراً من دول أفريقيا جنوب الصحراء حتفهم إثر انقلاب مركبهم قرب سواحل جزيرة قرقنة. وتنطلق رحلة تهريب المهاجرين عادة بالتسرب عبر الحدود الرابطة بين ليبيا ومصر والسودان وتشاد والنيجر بالإضافة إلى الجزائر.
مشاركة :