رجح محللون أن يثير مقترح قانون كويتي لوقف تحويل جزء من أموال الإيرادات إلى صندوق الثروة ضمن خطة لتوفير السيولة، الكثير من الجدل خلال الفترة المقبلة، في الوقت الذي كشفت فيه بيانات حديثة أن الاحتياطات النقدية من العملة الصعبة ارتفع حجمها بعد أن قامت الحكومة بتسييل أصول سيادية. الكويت - اعتبر خبراء اقتصاد أن تحركات الحكومة الكويتية الأخيرة الهادفة إلى توفير السيولة المالية بعد انحسار عائداتها من تجارة النفط تعكس عمق الأزمة، التي باتت تحاصر البلد الخليجي. وفي آخر محاولات الحكومة في هذا المضمار، ظهرت مؤشرات على قرب وقف ضخ جزء من الإيرادات إلى الصندوق السيادي، والذي قد يثير جدلا طويلا في مجلس الأمة (البرلمان). وكشف مصدر حكومي لرويترز الأحد الماضي أن الحكومة تعتزم إرسال مشروع قانون إلى البرلمان لوقف استقطاع حصة صندوق الأجيال القادمة من إجمالي الإيرادات الفعلية للموازنة. وتأتي الخطوة في وقت تمر فيه الكويت بضائقة مالية كبيرة جراء تراجع عائدات النفط وانعكاسات كورونا فضلا على اختلالات هيكلية تتمثل في احتكار الدولة للإنتاج وإهمال دور القطاع الخاص رغم مطالب تنويع الاقتصاد. وتستقطع الكويت حاليا بحكم القانون ما لا يقل عن 10 في المئة سنويا من إيراداتها لصالح احتياطي الأجيال القادمة، الذي تديره الهيئة العامة للاستثمار. وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه إن “هذه الخطوة ستوفر أكثر من مليار دينار (حوالي 3.25 مليار دولار) في السنة المالية الحالية وحدها، والتي وصفها بالاستثنائية في ظل تفشي فايروس كورونا وهبوط أسعار النفط الخام”. وكانت صحيفة القبس المحلية قد قالت الاثنين إن “الحكومة وافقت على إرسال مشروع وقف الاستقطاع إلى البرلمان على أن يُربط مستقبلا بتحقيق فوائض فعلية في الميزانية العامة بدلا من الوضع الحالي الملزم بالتحويل بصرف النظر عن تسجيل فائض أو عجز”. 58.3 مليار دولار قيمة تراجع أصول الصندوق السيادي منذ بداية 2020 من 592 مليار دولار وضاعفت أزمة الوباء وانهيار أسعار النفط الضغوط على الحكومة لدخول مسار التقشف الإجباري بعد أن فشلت محاولاتها السابقة بسبب الرفض الشعبي والبرلماني لأي تقليص للدعم واعتماد معظم المواطنين على الوظائف الحكومية. والدولة الخليجية النفطية أمام العديد من التحديات، بدءا من انخفاض الإيرادات النفطية وتآكل الاحتياطيات النقدية من العملة الصعبة في البنك المركزي وعدم القدرة على إيجاد بدائل للدخل. وتسبب هذا الأمر في تخفيض التصنيف الائتماني للكويت، وهو ما دفع الأوساط الاقتصادية لتكثيف الضغوط على السلطات من أجل التحرك السريع قبل وقوع أخطار أخرى من بينها تخفيض سعر صرف الدينار. وتواجه الكويت أزمة مالية غير مسبوقة جعلت من الخيارات الكثيرة، التي كانت مطروحة أمامها في السابق مجرد مقترحات لا يمكن تفعيلها على أرض الواقع. ويبدو أن توسيع رقعة الدين العام بات أمرا لا مفر منه في الوقت الراهن، وذلك مع تقلص هوامش تحرك الحكومة في توفير السيولة الكافية لإنهاء العام المالي الحالي. ولا يزال مشروع قانون الدين العام يثير جدلا بين الأوساط السياسية وخاصة تحت قبة مجلس الأمة، حيث يسمح للحكومة باقتراض 20 مليار دينار (64.8 مليار دولار) على أن يتم سداد المبلغ على أقساط ولفترة عشر سنوات، والمشروع القديم كان يتيح للحكومة اقتراض 81 مليار دولار. ورُفض القانون في السابق لأن الحكومة كانت تفتقد إلى الظهير الشعبي وكانت هناك مخاوف كبيرة من إنفاق القروض على المصروفات الجارية، وهو الأمر الذي تغير كليا في ظل الحكومة الحالية التي تحظى برضا شعبي كبير. وأفادت بيانات رسمية حديثة بارتفاع الأصول الاحتياطية للكويت في أبريل الماضي بنسبة 4.45 في المئة على أساس شهري، ولأعلى مستوى على الإطلاق. كورونا زاد الصعوبات المالية الناجمة عن تراجع النفط كورونا زاد الصعوبات المالية الناجمة عن تراجع النفط ويأتي الارتفاع، رغم تداعيات الجائحة على الاقتصاد الكويتي، وانهيار أسعار النفط، المصدر الرئيس للإيرادات العامة للبلاد. وأظهر التقرير الشهري لبنك الكويت المركزي، ارتفاع الأصول الاحتياطية إلى 12.7 مليار دينار (41.42 مليار دولار) في أبريل، مقابل 39.65 مليار دولار في الشهر السابق. وعلى أساس سنوي، زادت الاحتياطيات بنسبة 7 في المئة في أبريل الماضي، من 38.7 مليار دولار بالشهر المماثل من 2019. وتضمنت احتياطيات البلد الغني بالنفط، نحو 38.8 مليار دولار رصيد الودائع والعملات، إضافة إلى نحو 1.8 مليار دولار حقوق السحب الخاصة للكويت لدى صندوق النقد الدولي، و659.5 مليون دولار رصيد لدى نفس الصندوق. وارتفعت احتياطيات الكويت الأجنبية بنسبة 7.2 في المئة في 2019 إلى 40 مليار دولار، مقارنة مع 37.1 مليار دولار بالعام السابق له. وأقرت الكويت، حزمة من الإجراءات لدعم الاقتصاد للتعافي من أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط، إلا أن ارتفاع الاحتياطي الأجنبي، يظهر اللجوء إلى مصادر بديلة، مثل تسييل بعض أصول الصندوق السيادي. ووفق بيانات معهد صناديق الثروة السيادية، تراجعت أصول هيئة الاستثمار الكويتية (الصندوق السيادي) بمقدار 58.3 مليار دولار من 592 مليار دولار مطلع العام الحالي. ويعتمد اقتصاد الكويت على الصناعة النفطية، ويشكل أكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية، وكان يبلغ إنتاجها النفطي 2.8 مليون برميل يوميا، والذي انخفض إلى نحو 2.2 مليون برميل في ظل الالتزام بتخفيضات تحالف أوبك+.
مشاركة :