حركة النهضة أمام مأزق قبول أو رفض رئيس الحكومة المكلّف | الجمعي قاسمي | صحيفة العرب

  • 7/27/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

تونس – أجمعت مصادر سياسية تونسية على أن الرئيس قيس سعيد، قد وجه أشد رسالة عملية إلى حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي باختياره وزير الداخلية هشام المشيشي، لتشكيل الحكومة الجديدة. واعتبرت المصادر أن الرئيس التونسي باختيار المشيشي، استخدم أهم صلاحياته السياسية والدستورية، لتضييق الخناق على حركة النهضة الإسلامية وعلى رئيسها راشد الغنوشي. وتوقعت المصادر في تصريحات لـ”العرب” استمرار المعركة السياسية دون أن تطول كثيرا، وفق أدوات دستورية يستخدمها الرئيس سعيد على أساس “لا للتطبيع مع مناورات حركة النهضة، وعدم السماح باستمرار سطوتها على المشهد السياسي”. في إشارة إلى تعبير الرئيس عن احترامه للشرعية “لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية”. واستقبل الرئيس قيس سعيد، في ساعة متأخرة من مساء السبت بقصر قرطاج الرئاسي، وزير الداخلية هشام المشيشي (46 عاما)، وسلمه رسالة تكليف لتشكيل الحكومة الجديدة، خلفا لرئيس حكومة تصريف الأعمال إلياس الفخفاخ الذي استقال من منصبه في منتصف الشهر الجاري على خلفية شبهات بتضارب المصالح تُلاحقه منذ مدة. وشكلت هذه الخطوة مفاجأة لمختلف القوى السياسية، لأن اختيار المشيشي جاء من خارج قائمة الأسماء التي سبق أن رشحتها الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية. وقال الرئيس التونسي مُخاطبا المشيشي إن هذا الاختيار “يأتي بعد الاطلاع على المقترحات التي تلقتها رئاسة الجمهورية من ممثلي الأحزاب والكتل النيابية، وطبقا للفصل 89 من الدستور”، داعيا إياه إلى تشكيل حكومة في أجل أقصاه شهر واحد، ويتم احتسابه بداية من يوم الأحد السادس والعشرين من يوليو الجاري. وشدد على أن “الاستجابة لمطالب شعبنا المشروعة والطبقات المحرومة من أهم الأولويات”، مُضيفا أن “الحفاظ على السلم الأهلية واجب مقدس لا مجال للتسامح فيه وأن احترام القانون لا يقل قداسة عنه”، وختم كلامه بالقول “نحترم الشرعية لكن آن الأوان لمراجعتها حتى تكون بدورها تعبيرا صادقا وكاملا عن إرادة الأغلبية”. وقال المشيشي في أول تصريح له بعد تكليفه رسميا بتشكيل الحكومة الجديدة، إن “هذه الثقة مسؤولية جسيمة وتحد كبير خاصة في وضع بلادنا”، مؤكدا أنه سيعمل جاهدا على تكوين حكومة “تستجيب لتطلعات كل التونسيين وتعمل على الاستجابة لاستحقاقاتهم المشروعة والتي طال انتظارهم لها”. ويُنظر إلى المشيشي الذي انطلق في مشاوراته مع الأحزاب السياسية لتشكيل حكومته في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوما، على أنه رجل قانون ومُقرب من الرئيس قيس سعيد، الأمر الذي رأى فيه البعض أن اختياره جاء كرد مباشر على تصريحات سابقة للغنوشي اعتبر فيها أن تونس بحاجة إلى رجل اقتصاد، وليس رجل قانون لرئاسة الحكومة. ولزمت حركة النهضة الصمت على ترشيح المشيشي حتى إعداد هذا التقرير باستثناء تعليقات شخصية لمحسوبين عليها. واعتبر عبدالحميد الجلاصي القيادي السابق في حركة النهضة أنّ رئيس الدّولة قيس سعيّد لم يوفّق في اختياره للمشيشي ”بقطع النّظر عن كفاءته من عدمها”. فيما سارع النائب المثير للجدل، سيف الدين مخلوف، القيادي في اِئتلاف الكرامة المُقرب من حركة النهضة، إلى توجيه انتقادات شديدة للرئيس، معتبرا أن “رئيس الدولة تحوّل إلى عبء حقيقي على الانتقال الديمقراطي في تونس”. ورحب عدد من الأحزاب بالمشيشي، منها حركة الشعب التي قال أمينها العام زهير المغزاوي إنه يتميز بعدة خصال أبرزها نظافة اليد، معتبرا أن الرئيس قيس سعيد بعث من خلال تكليف هشام المشيشي بتشكيل الحكومة المقبلة عدة رسائل أبرزها ضرورة استمرارية الدولة وجعل التحديات الأمنية المطروحة على رأس أولويات الحكومة. واعتبر النائب وليد جلاد، القيادي في حزب تحيا تونس، أن الرئيس قيس سعيد “أحسن الاختيار” بهذا التكليف، مشددا في تصريحات إذاعية على أن حزبه “سيتفاعل إيجابيا مع هشام المشيشي من أجل إنجاح مهامه في تكوين الحكومة الجديدة”. ويرى مراقبون أن اختيار المشيشي يرفع من درجة القلق السياسي الذي بات ينتاب حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي؛ باعتبار أن قرار التكليف حشرها هي والائتلافات القريبة منها، في زاوية ضيقة جعلتها أمام خيارين وكلاهما مر. ويتعلق الخيار الأول بالقبول بهشام المشيشي، والتصويت لصالح منح الثقة للفريق الحكومي الذي سيُشكله بغض النظر عن توجهاته السياسية وأولوياته الاقتصادية والاجتماعية، بينما يتعلق الخيار الثاني برفضه، وإسقاط حكومته في البرلمان، وبالتالي تحمل النتائج المُترتبة على ذلك، بحل البرلمان والذهاب إلى انتخابات سابقة لأوانها. ويصف المراقبون الخيارين بالمؤلمين والصادمين لحركة النهضة الإسلامية، باعتبار ذلك نقطة مفصلية في الاشتباك السياسي الذي بدأه رئيس البرلمان راشد الغنوشي بتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية.

مشاركة :