لبنان يواجه انهيارا اقتصاديا متسارعا وتآكل القدرة الشرائية للسكان

  • 6/24/2020
  • 21:15
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

مع الانهيار الاقتصادي المتسارع الذي أدى إلى تدهور غير مسبوق في قيمة العملة المحلية، وجدت شرائح واسعة من اللبنانيين قدرتها الشرائية تتآكل بسرعة، ما جعل كثيرين عاجزين حتى عن ملء ثلاجاتهم بالخضار والألبان واللحوم. ووفقا لـ"الفرنسية"، لم تستثن تداعيات الانهيار، وهو الأسوأ منذ عقود، أي فئة اجتماعية وانعكست موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشح الدولار الذي لامس سعر صرفه في السوق السوداء عتبة ستة آلاف ليرة فيما السعر الرسمي لا يزال مثبتا على 1507 ليرات. وخسر عشرات آلاف اللبنانيين منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزءا من مداخيلهم جراء الأزمة التي دفعت مئات الآلاف للنزول إلى الشارع منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر) ناقمين على الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة. وفاقمت تدابير الإغلاق العام التي فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد الوضع الاقتصادي والمعيشي سوءا، إذ تسبب ذلك بارتفاع معدل التضخم في بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير، وسجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا جنونيا تجاوز 72 في المائة من الخريف حتى نهاية أيار (مايو)، وفق جمعية حماية المستهلك غير الحكومية. وجعلت الأزمة نحو نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق البنك الدولي، مع توقع خبراء اقتصاديين اضمحلال الطبقة الوسطى في بلد كان حتى الأمس القريب يعرف باسم "سويسرا الشرق" ويشتهر بمرافقه وخدماته ومبادرات شعبه الخلاقة. وبحسب عاملين في منظمات إغاثية ومتطوعين، فإن عائلات كثيرة كانت قادرة على تأمين قوتها اليومي باتت اليوم عاجزة عن تأمين أبسط المتطلبات من خبز وطعام ودواء مع خسارة أفرادها عملهم أو قدرتهم الشرائية. خلال الأيام الماضية، التقطت "الفرنسية"، صورا صادمة لثلاجات شبه فارغة داخل منازل في مدن رئيسة هي بيروت وجونية وجبيل وطرابلس شمالا وصيدا جنوبا، تأثر أصحابها بتداعيات الأزمة وبتدهور الليرة. فمن كان راتبه يعادل 700 دولار الصيف الماضي على سبيل المثال، بات اليوم بالكاد يعادل مئتي دولار. أمام باب برادها المفتوح وفيه عبوة مياه وحبتين من الخيار فقط، تروي فدوى المرعبي (60 عاما) المقيمة في منزل متواضع في مدينة طرابلس شمالا أنها باعت برادها الكبير العام الماضي لأنها لم تكن قادرة على تخزين كثير فيه واشترت آخر أصغر حجما. وتقول "اليوم، حتى هذا البراد الصغير لست قادرة على ملئه، ولو وجدت أصغر منه في السوق لبعته، على الأقل لأستطيع شراء الطعام من ثمنه". وكانت قد عقدت الحكومة اللبنانية اجتماعا طارئا في 13 الشهر الجاري، على مرحلتين مخصصا لبحث الأوضاع النقدية، بعدما أثار هبوط سعر صرف الليرة غير المسبوق موجة احتجاجات وقطع طرق جديدة في أنحاء البلاد. وجاء الاجتماع الطارئ بعد أن نزل مئات اللبنانيين إلى الشوارع في طرابلس وعكار شمالا، وصيدا وصور جنوبا وفي البقاع شرقا، وفي بيروت، وأحرقوا إطارات ومستوعبات نفايات وقطعوا طرقا رئيسة وفرعية، وهتفوا ضد الحكومة برئاسة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة. ودفع الانهيار الاقتصادي مئات الآلاف من اللبنانيين للخروج إلى الشارع، وتراجعت وتيرة التحركات بعد إعلان حالة الإقفال العام لمواجهة وباء كوفيد - 19 منذ منتصف آذار (مارس)، لتعود منذ أيام. ورفعت شعارات كتب فيها "كلنا جائعون". وتعد المصارف من أبرز الجهات المعارضة للخطة الاقتصادية، التي أقرتها الحكومة وطلبت على أساسها مساعدة صندوق النقد، ومنذ تشكيلها، تبدو الحكومة عاجزة عن احتواء الأزمة والحد من انعكاساتها الاجتماعية والمعيشية. ويتهمها متظاهرون وناشطون وقوى معارضة بمواصلة اتباع سياسة المحسوبيات في القرارات والتعيينات بخلاف ما تعهدت به. ويحتج المتظاهرون أيضا على الارتفاع الجنوني في أسعار المواد الاستهلاكية وخسارة قدرتهم الشرائية. وتأمل الحكومة الحصول من صندوق النقد على أكثر من 20 مليار دولار كدعم خارجي، بينها 11 مليارا أقرها مؤتمر سيدر في باريس عام 2018 مشترطا إجراء إصلاحات لم تبصر النور.

مشاركة :