لا يلقى تصعيد رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب ميشال عون وتهديده باللجوء إلى الشارع تحت شعار «المحافظة على حقوق المسيحيين» رضى حلفائه في فريق «8 آذار»، المسيحيون منهم وغير المسيحيين كما خصومه في فريق «14 آذار». وهذا ما عكسته بشكل واضح المواقف الأخيرة التي صدرت عنها، لا سيما لجهة التمسك بالحكومة، آخر المؤسسات الدستورية الفاعلة اليوم، وتجنّب التصادم في الداخل محذرين من الوصول إلى مرحلة «الانفجار». وفيما وصل عون إلى درجة تشبيه خصومه، وتحديدا «تيار المستقبل»، بـ«تنظيم داعش» الذي يخوض حروب إلغاء للدور المسيحي، اعتبر رئيس الجمهورية السابق، أمين الجميل، أنّ هذا الكلام التحريضي غير مسموح به إطلاقا بعدما أصبح معلوما أنّ الإسلام المعتدل هو في خطر كما غيره من المكونات. وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها البلد أحوج ما نكون إليه هو الاستقرار والحوار وحلّ قضايانا بالسياسة لأن الوضع لم يعد يحتمل مزايدات لا في السياسة ولا في الشارع». ورأى الجميل أنّ رئيس الحكومة تمام سلام يدير الجلسات بدراية فائقة والأجدى بالجميع التعاون ضمن إطار المؤسسات الدستورية، الأمر الذي يحقّق مصلحة اللبنانيين وخاصة المسيحيين. ولفت الجميل إلى أنّ حلفاء عون كما خصومه باتوا منزعجين من مواقفه ولا يتفقون مع التصعيد الذي يلوّح به، وقال: «لا أعتقد أن مستقبل المسيحيين معلّق على هذه المواقف والمبادرات التي يطرحها»، مضيفا: «اللبنانيون عامة والمسيحيون خاصة هم بأمس الحاجة إلى الهدوء والتعاون خاصة عندما تكون المنطقة مشتعلة إلى هذا الحد وبعدما أظهرت الأحداث في العالم أنه لا تمييز بين مسيحي وغير مسيحي، وبالتالي الحل لن يكون إلا بتحقيق الاستقرار ورص الصفوف». كذلك، وبينما لا يرى مصدر في «القوات» أن «أحدا يهجم على المسيحيين في لبنان»، طمأن رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أنّ «وضع المسيحيين في لبنان جيد وليس في تراجع كما يُهوّل البعض» في إشارة إلى مواقف عون. واعتبر جعجع أمس، أن «مستقبل المسيحيين في لبنان والشرق متوقف على ما تفعله أيديهم، فإذا عملوا بجهد وكدّ وصمود سيكون لهم مستقبل آمن، مستقر وزاهر في هذا الشرق، فإلى العمل بدل تضييع الوقت بالبكاء والنحيب والوقوف على الأطلال». من جهتها، اعتبرت «كتلة المستقبل» بعد اجتماع لها أمس، أنّ الحفاظ على مصالح المسيحيين بالدرجة الأولى يكون بانتخاب رئيس للجمهورية وفقا للدستور وليس بتعطيل العملية الانتخابية والتحول للضغط في الشارع من خلال فرض الشروط السياسية والإملاءات والتهديدات المرفوضة. وأبدت استغرابها اللهجة والأسلوب والطريقة السلبية التي يتصرف بها عون محاولا تعطيل عمل مجلس الوزراء ومنعه من الاجتماع لمتابعة أمور الدولة والناس وإيجاد المعالجات الناجعة للقضايا الحياتية والمعيشية التي تهم جميع المواطنين. وبعدما كان عون، المرشّح لرئاسة الجمهورية، قد قاطع مع حلفائه جلسات الانتخاب ما أدى إلى فقدان النصاب وبقاء لبنان في فراغ رئاسي منذ نحو سنة وشهرين، بدأ الأسبوع الماضي بالتصعيد السياسي مهددا بالتحرك شعبيا ضد الحكومة رافضا حضور جلسات مجلس الوزراء مشترطا أن يتضمن جدول الأعمال تعيين صهره العميد شامل روكز قائدا للجيش.
مشاركة :