رسالة الحكومة المصرية للمواطنين: مجابهة كورونا مسؤولية شخصية | | صحيفة العرب

  • 6/26/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة - أصدر رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي، الخميس، جملة من القرارات التفصيلية المتعلقة برفع الحظر كليا، بدءا من السبت، في رسالة مفادها أنه على كل مواطن وأجنبي يعيشان على أرض مصر أن يتعاملا مع فايروس كورونا بطريقتهما الخاصة، ويتأقلما مع الوباء كأنه نزلة برد وأنفلونزا موسمية يمكن أن تصيبهما في أي وقت من العام، وستوفر الحكومة الأدوية والبروتوكول المتاح للعلاج. ويقول متابعون إن الحكومة جازفت ووضعت سمعتها على المحك، في حين رأى آخرون أنها تعاملت مع الأمر الواقع، قبل أن تواجه احتجاجات اجتماعية خطيرة. وتزامنت خطوة التعايش المفاجئة مع تذمر طبي من الحكومة التي ألقى رئيسها، الأربعاء، بالمسؤولية على الأطقم الطبية واتهمها مباشرة بالتقصير في أداء واجبها، وزيادة الإصابات والوفيات، ما دفع نقابة الأطباء إلى إصدار بيان رفضت فيه كلام مدبولي وطالبته بالاعتذار على اعتبار أن اتهامه قد يتسبب في صدام بين المواطنين والأطباء في توقيت حرج. وحاولت الحكومة تسخير خبرات الفترة الماضية في ضبط مواعيد إغلاق المحلات والمقاهي والمطاعم ليلا، فبعد أن كانت تعمل حتى صباح اليوم التالي حددت أقصى موعد في العاشرة مساء لأسباب تنظيمية لا علاقة لها بالحد من انتشار الوباء، ويشك كثيرون في أن يتم الالتزام به. وقررت الحكومة فتح دور العرض السينمائي والمسارح والأندية، ومنع فتح المنتزهات والحدائق العامة والشواطئ في هذه المرحلة، كما قررت عودة النشاط الرياضي، ومسابقة الدوري المصري لكرة القدم وسط انقسام حاد بين أندية موافقة وأخرى رافضة. وقال أحمد حسان، موظف متقاعد، مستغربا “كيف تقبل الحكومة فتح جميع الأبواب وكورونا لم يرحل عنا، بل لم يتراجع أصلا، والنسب لا تزال مرتفعة في الإصابات والوفيات، وحال المستشفيات ليس على ما يرام، هل تريد أن تتخلص من نسبة من المواطنين عن طريق هذا الوباء؟”. تساؤل حسان، الذي ظهر واضحا في كلامه مع “العرب”، يتردد منذ إعلان الحكومة رفع الحظر، وكأنها تريد أن تخلي مسؤوليتها تماما عن أي إخفاق حدث في الفترة الماضية، أو يمكن أن يحدث خلال الفترة المقبلة، فلسان حالها يقول “الحكومة عملت ما عليها، وعلى الشعب أن يتعايش مع المرض بالطريقة الصحيحة”. لم يعد المصريون مشغولين بأرقام الإصابات والوفيات التي كانت تعلنها مساء كل يوم وزارة الصحة، كما كانت في الأسابيع الأولى، فقد وجد هؤلاء أنه لا طائل من وراء المتابعة سوى شد الأعصاب، حتى الحكومة نفسها فتر تحمّسها لمؤتمراتها الصحافية اليومية. تحرك الحكومة مبرر في ظل عدم التزام أغلب المصريين بالحظر العام تحرك الحكومة مبرر في ظل عدم التزام أغلب المصريين بالحظر العام ومن غير المعروف ما إذا كان اليأس والإحباط أصابا الطرفين، أو هو التعايش الذي فرض طقوسه بكل همومه، أم محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه للاقتصاد، وتحاشي التدهور؟ وربما تكون هذه الأسئلة دارت في عقل الحكومة والمواطنين، لأن الأولى ملت البحث عن حلول عملية، فبعد كل الإجراءات التي اتخذتها لا يوجد رضاء عنها، وهناك إصرار على تحميلها مسؤولية كل المشكلات، من انتشار للوباء وحروب مع الأطباء، وحتى تدهور الاقتصاد، ولم يعد أمامها من خيار سوى فتح الأبواب على مصراعيها. فئة صغيرة من المواطنين التزمت بالحجر المنزلي الصحي، وعاشت الغالبية حياتها دون اعتبار للفايروس وتداعياته، والكل يأكل ويتنفس تحت وطأة كورونا، حتى منحت الحكومة الفريق الأخير تصريحا بالتكيف عندما قررت رفع الحظر. وتحول تحديد نسبة 25 في المئة، كنسبة مسموح بها لرواد المقاهي والمطاعم ودور العرض والأندية، إلى حملة سخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بكيفية تحديدها، على أساس النوع الاجتماعي أم على أساس السن أم وفق أولوية الحضور؟ وهكذا احتدم النقاش الساخر حول أداء حكومة قررت الضرب عرض الحائط بكل المحاذير والإجراءات التي اتخذتها من قبل. ويقول مراقبون إن تحرك الحكومة يبدو مفهوما في ظل عدم التزام شريحة كبيرة من المواطنين بالحظر العام، بمعنى أنها لن تواجه ما هو أسوأ من الوضع الراهن، كما أن العديد من الدول بدأت تفتح أبوابها تدريجيا، وتتعايش مع المرض. تقول إنشاد عزالدين، أستاذة علم الاجتماع بجامعة المنوفية (شمال القاهرة)، إن قرارالتعايش يعني تحميل المواطن المسؤولية الأكبر في الحفاظ على حياته، لأن الحكومة رأت في استمرار نزيف الاقتصاد كوارث أمنية ومجتمعية منتظرة، في حين ما زال هناك من يتمردون على إجراءاتها، وقررت رفع يديها نسبيا، ووضع الكرة في ملعب الجمهور بلا مواربة. وأضافت لـ”العرب” أن “التعايش يعكس أن حضانة الدولة للوباء انتهت بنسبة كبيرة، فلم تعد لديها الإمكانيات التي تسمح لها بالاستمرار في المواجهة بمفردها، لكن الخطورة تكمن في إلقاء العبء الكامل على مواطنين من بينهم فئة كبيرة متدنية الوعي، جراء ارتفاع مستوى الأمية التعليمية والثقافية”.

مشاركة :