التحديات الاقتصادية تفرض إعادة هيكلة مجلس المنافسة الجزائري | | صحيفة العرب

  • 6/30/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

فرضت التجاوزات المهنية، التي يشهدها القطاع التجاري في الجزائر تسريع وتيرة اتخاذ قرارات موجعة لحماية الأنشطة التجارية وحماية السوق من كل أشكال الاحتكار من خلال إقرار حزمة إصلاحات هيكلية تقطع مع الماضي وتضمن تحقيق المنافسة العادلة. الجزائر - تزايدت مطالب القطاع التجاري في الجزائر لإعادة ضبط قواعد التجارة المحلية من خلال إصلاحات هيكلية لمجلس المنافسة، الذي صار دوره مهمشا، في ظل انفلات كبير يشهده القطاع واستفحال الاحتكار وكافة شروط المنافسة العادلة. وقدم المجلس مقترحات لإعادة تأهيل صفته ومهامه لضمان تطبيق فعال لقواعد المنافسة والشفافية في جميع الأنشطة التجارية والاقتصادية. ويقول خبراء إن توجيه الأنظار إلى مجلس المنافسة بات مطلبا يطالب به الحراك الشعبي، للقطع مع الممارسات السابقة في عهد نظام عبدالعزيز بوتفليقة. وتشهد السوق الجزائرية اشتعالا غير مسبوق في الأسعار، فضلا عن ندرة حادة في بعض المواد الاستهلاكية، ما أدى إلى انتشار ظاهرة التهريب من تونس بسبب توقيف استيرادها ونفادها من الأسواق. وبات الجزائريون والحكومة تحت رحمة شبكات المضاربة والاحتكار، التي تعمد إلى إخفاء المنتجات لفترة معينة، ثم تقوم بطرحها في السوق بأسعار خيالية. وبادر المجلس برئاسة عمارة زيتوني في وثيقة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية بعنوان “الدعوة إلى إعادة تأهيل المنافسة في الجزائر”، بتقديم عدة مقترحات بهدف تمكين هذه المؤسسة من ضمان تطبيق فعال لقواعد المنافسة والشفافية في جميع الأنشطة الاقتصادية. مطالب باستعادة استقلالية المجلس عن السلطة لضمان استدامته ونجاعته وتجنيبه ضغوط مجتمع الأعمال ومن بين المقترحات المقدمة في هذه الوثيقة والتي تتناول العلاقة السببية بين المنافسة والفساد، دعا المجلس إلى إعداد قانون خاص لتطبيق القانون، الذي يفرض خمسة مبادئ تتعلق بالمنافسة. وينص القانون على منع الاحتكار والمنافسة غير الشريفة وعدم التمييز بين المؤسسات في ما يتعلق بمساعدات الدولة، وضبط السوق وحقوق المستهلكين. كما أكدت الوثيقة على ضرورة أن تسمح إعادة التأهيل لهذه السلطة باستعادة مكانتها في الهيكل المؤسساتي وضمان استدامتها، وكذلك ضمان استقلاليتها في صنع القرار بعيدا عن أي ضغط، لاسيما من مجتمع الأعمال، التي عادة ما تشكل لوبي لمنع أي قوانين ضد مصالحها. ويعتبر المجلس أنه يستمد نشاطه من الشرعية الدستورية كسلطة مسؤولة عن ضمان النظام الاقتصادي العام وذلك من خلال ضبط السوق. وتعتقد الأوساط الاقتصادية أن هذا التكريس من شأنه أن يعزز وضعه القانوني، واستقلاليته ومسؤوليته في استقرار الإطار القانوني المسير للمنافسة. ورغم ترسانة القوانين والتشريعات يكافح القطاع التجاري وعديد القطاعات الاقتصادية من اختلالات أخلت بمبادئ التجارة الحرة والنزيهة ما استوجب إعادة نظر في مهام الهياكل المهنية المعنية وضبط أطر جديدة لتطبيق القوانين. واعتبر المجلس أن إلحاقه بمصالح رئاسة الجمهورية والحكومة كان له أثر سلبي حيث أن الأمر حدّ من استقلاليته وأثر على عمله في تنظيم القطاع ودوره في ضبط السوق. ويطالب المجلس بضرورة فرض استقلاليته من خلال توفير الضمانات القانونية لأفراده ووضعه تحت وصاية سلطة عليا كما جاء في توصيات الخبرة التي أجرتها سنة 2017 مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (كنوسيد). وتضمنت مطالبه قضايا أخرى تتعلق باحترام قواعد المنافسة في السوق الرقمية، مع التأكيد على أهمية مراجعة القوانين المتعلقة بحماية المستهلك والبيانات وتكييفها. ومجلس المنافسة الذي استحدث كسلطة إدارية مستقلة تقع على عاتقه معاقبة الممارسات المنافية للمنافسة لاسيما التكتلات الاحتكارية والاتفاقات الأفقية وإساءة استخدام المركز المهيمن. كما يمنع التحكم في الأنشطة الاقتصادية، المتعلقة بعمليات الدمج والاستحواذ لمنع التجاوزات، التي قد تنجر عنها في ما يخص الأسعار والعرض والجودة والابتكار. وبشأن الوقاية من الفساد، يقوم مجلس المنافسة، بموجب قانون الإجراءات الجزائية، بإبلاغ السلط المعنية بالأحداث والدلائل التي من المرجح أن تكون محل تصنيف جنائي المكتشفة في إطار المهام القضائية. وكانت هذه السلطة قد شهدت فترة دامت عشر سنوات قبل أن يتجمد نشاطاتها ما بين 2003 و2013 بسبب عدم تجديد عهدات أفرادها، ما منع هيئة المداولة بالفصل في الملفات التي تم إخطارها بشأنها. وعاد المجلس إلى عمله في يناير 2013 إثر الاختلالات التي عرفتها بعض المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك خصوصا الزيت النباتي والسكر في يناير 2011 الأمر الذي فرض عودتها إلى مراقبة السوق. ووجدت عديد الشبكات التي تعمل خارج إطار القانون في مناخ السوق الجزائرية فرصة لإنعاش تجارة مواد غير خاضعة لأي رقابة وللمضاربة والاحتكار في أسعارها.

مشاركة :