رفضت المحكمة الاتحادية العليا، طعن موظف عام على الحكم بحبسه أربعة أشهر وتغريمه 10 آلاف درهم، لاتهامه في جريمة رشوة، مؤكدة توافر الأركان القانونية للجريمة. وكانت النيابة العامة أحالت المتهم (كاتب حسابات لدى إحدى الجهات الحكومية المحلية) إلى المحاكمة الجزائية، كونه طلب وقبل لنفسه مبلغاً مالياً مقابل أداء عمل لمصلحة أحد المراجعين إخلالاً بواجبات وظيفته، وطلبت معاقبته. وقضت محكمة أول درجة حضورياً بحبس المتهم لمدة ستة أشهر، وتغريمه 10 آلاف درهم، ومصادرة مبلغ العطية التي عرضت عليه، ثم قضت محكمة الاستئناف بتعديل الحكم والاكتفاء بحبسه أربعة أشهر والتأييد فيما عدا ذلك، ولم يرتض المتهم بهذا الحكم وطعن عليه. وقال المتهم في طعنه، إن حكم محكمة الاستئناف الذي دانه بالجريمة خلا من الأسباب، وأيد الحكم الأول الذي عول على رواية القائم بالضبط وحده، رغم تناقضها وعدم معقوليتها والتفت عن طلبه بسماع شهود النفي، وكذا التفت عن دفاعه بانتفاء أركان الجريمة، وعدم وجود دليل في الأوراق، وبطلان محضر الاستدلال، ما يعيب الحكم ويستوجب نقضه. من جانبها، رفضت المحكمة الاتحادية العليا طعن المتهم، مبينة أن الدعوى تتوافر بها العناصر القانونية كافة لجريمة طلب رشوة التي أدين بها، مضيفة أن أقوال الشهود وتعويل القضاء عليها - مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات - تعود إلى محكمة الموضوع، تنزلها المنزلة التي تراها وتقدرها التقدير الذي تطمئن إليه. وبينت أنه من المقرر أيضاً أنه إذا استحال على المحكمة سماع الشاهد، فإنه يكون لها قانوناً في هذه الحال أن ترجع الى أقواله بالتحقيقات، وأن تعتمد عليها في حكمها، كما أن تعذُّر تحقيق بعض أوجه الدفاع لا يمنع من الإدانة، مادامت الأدلة القائمة في الدعوى كافية للثبوت. أما في ما قضى به الحكم من مصادرة مبلغ العطية، فقد رأت المحكمة أنه لا يتفق وصحيح القانون، لأن المادة (238) من قانون العقوبات الاتحادي جاءت متعلقة بالجاني، فإذا كان مبلغ الرشوة قد استقطع من مال شخص بعد أن أبلغ الجهات المختصة في حق المرتشي، أو سلم له من الشرطة لمسايرة المرتشي، فهو في حقيقة الأمر مجني عليه وليس راشياً، وتالياً فلا يصح الحكم عليه بمصادرة المبلغ الذي اقتطع منه أو سلم له، لأنه يستوجب لصحة الحكم بالمصادرة أن يكون موضعها شيئاً دفع ممن يصدق عليه أنه جانٍ، ومن ثم فإن حكم الاستئناف إذ قضى بمصادرة مبلغ الرشوة، فإنه يكون أخطأ في تطبيق القانون، ما يقتضي على هذه المحكمة ومن تلقاء نفسها عملاً بالمادة 246/2 من قانون الإجراءات الجزائية نقض الحكم جزئياً في هذا الخصوص، وتقضي بتصحيحه وفق متطلبات القانون، عملاً بالمادة 249/2 من القانون ذاته.
مشاركة :