أبوظبي: عدنان نجم أكد المهندس سهيل المزروعي وزير الطاقة والصناعة أن الاقتصاد العالمي وخاصة في قطاع النفط والغاز قد تأثر من ناحية الطلب تأثراً كبيراً وفي وقت قصير للغاية، ولم نشهد من قبل قيوداً على الحركة في جميع دول العالم تقريباً، هذا أدى بدوره كما ذكرت إلى انخفاض كبير في الطلب الذي سبب صدمة لمصافي التكرير وأنظمة العمل.وقال المزروعي خلال إحدى جلسات «المجلس الافتراضي» ضمن سلسلة «روئ وقراءات أدنوك» لدعم حملة «متطوعين.إمارات»: إن البنية التحتية لقطاع النفط والغاز تمتاز بأنها قوية للغاية، ولم يسبق أن تأثر العرض والطلب بنحو 10٪ أو أكثر لفترة قصيرة للغاية مثل هذه، لذا فإن هذا الاضطراب الكبير غير المسبوق في الطلب يقودنا إلى التقارب والعمل سويّاً، والحاجة إلى القيام بشيء مشترك من حيث التدابير اللازمة، ولم تكن منظمة أوبك بمفردها في هذا الوقت كافية لتلبية مثل هذه التدابير، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى جهود عالمية لضبط العرض ليتوافق مع الطلب، وهذا يقودنا إلى الاتفاق التاريخي الذي أبرمناه مع «أوبك بلس»، هذا الاتفاق حظي بمساهمات مباشرة أو غير مباشرة من بقية دول العالم، من حيث تقليص بعض المعروض نظراً لانخفاض الطلب.وحول الإجراءات التي تتخذها دولة الإمارات للتغلب على التحديات الحالية في قطاع النفط والغاز ولتعزيز جهودها، قال المزروعي: الإمارات عضوٌ نشطٌ للغاية في كل من «أوبك» و«أوبك بلس»، ولقد ترأست دولة الإمارات المنظمة في عام 2018، وعملنا بجد من أجل حشد الجهود مع باقي الأعضاء مما أدى إلى توقيع إعلان التعاون «أوبك بلس»، ولم يكن هناك وقت أكثر مثالية لاستخدام تلك الدبلوماسية من هذه الظروف التي نعيشها الآن. التخفيض الأكبر في التاريخ وأضاف المزروعي: لذلك فقد عملنا مع الأمير عبدالعزيز بن سلمان آل سعود؛ وزير الطاقة في السعودية، وكذلك ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي، للمحافظة على وحدة هذه المجموعة معاً، ولكن هذه المرة كانت الجهود لعقد اتفاق شديد الأهمية، ولقد عملنا بجد واجتهاد مع العديد من الوزراء لإعدادهم لهذا الاتفاق التاريخي الذي ينص على خفض نسبة 23٪ من إنتاج كل دولة عضو في المجموعة، وهو الأمر الذي لم يحدث من قبل.وأوضح المزروعي: في السابق، اعتدنا التحدث عن تخفيض بنسبة 3٪ إلى 4٪، أما الآن فنتحدث عن 23٪، لذا فإن هذا التخفيض الكبير قد قادنا إلى هذا الاتفاق التاريخي، كما اتخذت الإمارات خطوة إضافية، بعد الصفقة، اتفقنا مع السعودية والكويت لإجراء تخفيض طوعي في يونيو 2020 وقد ساهمت الإمارات بخفض إنتاجها 100 ألف برميل إضافيّ، وكان هذا التخفيض طوعيّاً، فهذا ليس جزءًا من الصفقة بل زيادة عليها. تعافي الاقتصاد وقطاع الطاقة وحول تعافي الاقتصاد العالمي، وتعافي قطاع الطاقة على وجه الخصوص، على المدى القصير والمتوسط، أجاب المزروعي: ما زلت إيجابياً ومتفائلًا، لقد كنت متفائلاً حتى خلال هذا الوباء، عندما كان الجميع يقولون «سيكون هذا عام مستوى الأسعار عند 10 دولارات للبرميل وسيحدث انهيار اقتصادي»، كما أن المؤشرات التي رأيناها من الصين كانت إيجابية، ونحن مستمرون في المراقبة، إن الصين والهند اقتصادان عظيمان، والصين قد أصيبت بالوباء قبل أي دولة أخرى، و لقد تعاملت الدولتان مع الوباء، ونرى الآن عودة حركة الطيران داخل الصين إلى طبيعتها تقريباً، وقد عاد الطلب في الصين إلى مستوياته الطبيعية قبل انتشار جائحة كورونا، وهي بالفعل نتائج مشجعة للغاية. قطاع النقل وأضاف المزروعي: إننا نشهد أيضاً تحولاً في قطاع النقل، حيث يميل الناس الآن إلى القيادة أكثر من ذي قبل، لذا فإن الطلب على البنزين والديزل آخذ في الارتفاع أيضاً لأن بعض الأشخاص يحاولون تجنب وسائل النقل العام وينتهي بهم الأمر إلى القيادة لمرات أكثر، وأعتقد أن الطلب سيعود لمستوياته السابقة، ولكن علينا أيضاً أن نتذكر أن لدينا اتفاقاً، حيث إن اتفاق «أوبك بلس» مدته سنتان، لذلك نأخذ في الاعتبار أن العودة إلى الوضع الطبيعي لن يكون بضغطة زر، وسيستغرق الأمر وقتاً وسيكون تدريجياً.لهذا لدينا هذه الاتفاق لمدة عامين، وأعتقد أنه مع ضبط العرض الذي نجريه، سنلبي مستوى الطلب وسنبدأ في نقل النفط من وحدات التخزين الإضافي إلى المخزونات، وآمل أن نعود إلى المستويات الطبيعية في وقت أقرب مما يقوله بعض المحللين. عام الـ 20 دولاراً وتابع: بالعودة للوراء عندما التقينا حتى بعد عقد الصفقة، كان الجميع يقولون: «هذه سنة تتراوح الأسعار فيها بين 10 إلى 20 دولاراً»، ونحن قد شهدنا تغييراً في اتجاه الأسعار، وبينما لا نهتم في الإمارات كثيراً بالسعر، ولكن دور هذا القطاع ودورنا في حمايتها لهما أهميتهما، وهذا الدور مضمونه الحفاظ على توازن سليم بين العرض والطلب حول مستوى متوسط 5 سنوات للتخزين وأن نترك السعر عند ذلك المستوى.وأوضح أن المشكلة تكمن عندما لا تفعل أي شيء على الإطلاق أو تؤخر إجراءاتك، حينها ينتهي بك الأمر إلى تشويه استقلالية الشركات الأصغر مما سيؤدي إلى فقدان ملايين الوظائف الذي سيضر بالعديد من العائلات في هذا الوضع الاقتصادي الحرج للغاية.وأكد أن دور دولة الإمارات أيضاً العمل من أجل حماية تلك العائلات وحماية هذا القطاع. قطاع البتروكيماويات وعن تأثير جائحة كورونا في قطاع البتروكيماويات، أجاب المزروعي: أثناء الوباء؛ فإن البلدان التي اعتادت التركيز على العلاج، تركز الآن على شيء آخر وهو كيفية حماية أنفسنا في المقام الأول، لذلك أصبحت معدات الحماية الشخصية والأقنعة والقفازات والملابس الواقية كلها ضرورية للغاية، بل أكثر من أي وقت مضى.وأضاف: إن العديد من معدات الوقاية الشخصية والمستلزمات الطبية هذه مصنوعة من البلاستيك؛ المصنوع بدوره من سلسلة القيمة لقطاع التكرير والبتروكيماويات، لهذا قررت شركة أدنوك بالتشارك مع المجلس الأعلى للبترول الاستثمار في تطوير قطاع البتروكيماويات.وذكر المزروعي أن هذه الاستراتيجية جيدة وخطوة ذات رؤية واضحة لمساعدتنا في المستقبل، معرباً عن اعتقاده بأننا في عالم ما بعد فيروس كورونا سنصبح مبدعين في المزيد من المنتجات التي تشق طريقها لتدخل ضمن القطاع الطبي، والتي ستعتمد على الصناعات البلاستيكية. البلاستيك تحت الهجوم وتابع المزروعي: لكن يتعين علينا أن نتوخى الحذر، المشكلة أن البلاستيك قد أصبح تحت الهجوم، ودائماً ما يتعرض للهجوم بسبب سلوك الناس، وليس بسبب البلاستيك نفسه، ولذا نحتاج أيضاً إلى تغيير سلوكنا بعد انقضاء جائحة فيروس كورونا حتى نتمكن من إعادة تدوير البلاستيك وتجميعه وفرزه، حتى لا نواجه مشاكل بيئية معه، وتضطلع دولة الإمارات أيضاً بدورٍ رئيسيٍ في ذلك، وبدأت في الاستثمار في إعادة التدوير والبحث في طرق ووسائل للتنويع داخل سلسلة القيمة للبتروكيماويات في مجمع الرويس الذي تعمل به أدنوك حالياً. القطاع الصناعي وحول الكيفية التي تعمل بها وزارة الطاقة مع حكومة دولة الإمارات وغيرها من الوزارات في إطار استجابة الدولة لهذه الأزمة، قال المزروعي: إن وزارة الطاقة والصناعة ترعى أيضاً شؤون القطاع الصناعي، ومن ضمن القطاع الصناعي، توجد العديد من الشركات والصناعات الصغيرة المصنفة على أنها شركات صغيرة ومتوسطة.لذا عندما واجهنا الوباء؛ بدأت قيادتنا وحكومتنا في وضع حزم تحفيزيّة استباقيّة، وذلك في محاولة منها لمساعدة هذه الشركات الصغيرة والمتوسطة، سواء كانت منشآت للتصنيع أو مزودي خدمات، كما نظرنا في كيفية مساعدتهم في العمل مع شركات المرافق العامة في تخفيض مستحقّات فواتير الكهرباء خلال هذا الوباء.وأضاف: لذا تكاتف الجميع والوزارة معهم في محاولة لتقديم وتنفيذ حزمة تحفيز ساعدتهم في اكتساب بعض المرونة والقدرة على الصمود أثناء هذه العاصفة، وبدأنا في التركيز على أشياء معينة ودراستها بعدسة جديدة لم ننظر بها من قبل، على سبيل المثال قطاع الخدمات الطبية، حيث اكتشفنا وجود إمكانات هائلة في قطاعنا الصناعي ونعمل معاً مع وزارة الصحة والجهات المعنية الأخرى للتوسع في قطاعنا الصناعي، مع التركيز بشكل خاص على توفير سلسلة الإمدادات للقطاع الصحي من داخل دولة الإمارات بدلاً من الاستيراد الضخم من الخارج. ضخ استثمارات جديدة وتابع المزروعي: ستبرز الحاجة هنا إلى ضخ استثمارات جديدة، وهذا مجرد قطاع واحد ذكرته، أيضاً في مجال الغذاء، فإن دولة الإمارات هي الموزع والمورد الرئيسي للمنتجات الغذائية للعديد من البلدان في إفريقيا وآسيا، لذا، فإننا نتطلع أيضا إلى التوسع في ذلك القطاع والبناء على برنامج الأمن الغذائي الذي نعمل عليه مع الوزارات الأخرى أيضاً، ويمكن القول إن هذا الوقت مثيرٌ للغاية، الكثير من الدروس لنتعلمها، ونحن حريصون على تحويل وضعنا للاستفادة من هذا الوباء بدلاً من مجرد التأثر به وعدم القيام بأي شيء آخر حيال ذلك. تقنيات المستقبل وقال المزروعي: كما نستثمر أيضاً في تقنيات المستقبل، عبر تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاعات، حتى في قطاع النفط والغاز، ورقمنة اقتصادنا والتركيز على الخدمات الرقمية بدلاً من التصنيع الفعلي فقط، والنظر في مجالات الطباعة ثلاثية الأبعاد وتقديم الخدمات للمزيد من المنتجات في المستقبل، كل ذلك جزء من استراتيجيتنا في التعامل مع تحديات عالم ما بعد جائحة كورونا.
مشاركة :