تونس - عكس تضارب المواقف فيما يخص ملف الأزمة الليبية عمق الخلافات بين رئيس البرلمان ورئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي والرئيس التونسي قيس سعيد. ويسعى الغنوشي من خلال موقفه الداعم لحكومة الوفاق الليبية برئاسة فايز السراج إلى جر البلاد إلى المحور القطري التركي الداعم لجماعة الإخوان المسلمين. وجاء في تسريب نشر في وسائل إعلام محلية كإذاعة موزاييك أف أم، غضب رئيس حركة النهضة من موقف الرئيس قيس سعيد حيال الملف الليبي، في اجتماع لمجلس شورى الحزب. واتهم الغنوشي الرئيس التونسي قيس سعيد بعدم معرفته وإلمامه لتطورات الوضع الليبي، مشيرا إلى أن مبادرته في تشريك القبائل لإيجاد مخرج سياسي للأزمة غير واقعي وغير عابل للتطبيق على أرض الواقع. يذكر أن الرئيس التونسي أكد أن حكومة الوفاق باتت فاقدة للشرعية، وذلك في ندوة صحافية مشتركة مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقد أثار التسجيل الصوتي جدلا كبيرا في الأوساط السياسية، وخصوصا العبارة المهينة التي وصف بها الغنوشي عدم إلمام رئيس الدولة التونسية بخبايا الوضع في ليبيا. وكشف التسريب كذلك عن مساع من قبل رئيس حركة النهضة لإصلاح العلاقة بين حكومة الوفاق والرئيس سعيد وتغيير موقف الأخير من تطورات الوضع بما يتماشى مع مصلحة الإخوان. ويأتي التسريب تزامنا مع تصاعد التوتر بين الرئاسة التونسية ورئاسة البرلمان حيال مواقف الدولة فيما يخص قضايا خارجية، ومن شأن هذا التوتر أن ينعكس سلبا على الوضع السياسي الهش في البلاد. وقال مراقبون إن تحركات الغنوشي ولقاءاته بصفته رئيسا للبرلمان على المستوى الخارجي خصوصا بمسؤولين من ليبيا وتركيا، ستربك السياسة الخارجية التي طالما عرفت باتزانها. وفي محاولة يائسة للخروج من المأزق، نفى عبد الكريم الهاروني صحة التسجيل المنسوب للغنوشي، مشيرا إلى أن الأخير "رجل دولة وزعيم أكبر حزب ولم يوجه أي تهمة لرئيس الجمهورية في مجلس شورى الحركة، وسيقع فتح تحقيق داخليّ لمعرفة من سرب هذه التصريحات المغلوطة". وقالت الحركة إنها ستحقق في التصريحات المنسوبة لرئيسها، ينتقد فيها موقف الرئيس سعيّد من ليبيا، مؤكدة التزام الغنوشي بموقف الدولة التونسية حول الوضع في ليبيا. وأثارت مواقف الغنوشي وتحركاته على مستوى السياسة الخارجية ردود أفعال غاضبة داخل الأوساط السياسية التونسية. وكان الرئيس قيس سعيد اعتبر، خلال مؤتمر صحافي جمعه بنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، أن شرعية حكومة الوفاق الوطني في ليبيا هي “شرعية مؤقتة”، داعيا القبائل الليبية إلى وضع دستور جديد على الطريقة الأفغانية، وهو ما أثار جدلاً سياسياً كبيراً في تونس وليبيا.
مشاركة :