لم تكن سنة 2019 لترحل كغيرها من السنوات دون أن تخلد ذكرى سيتذكرها العالم بأسره لقرون عديدة وترتبط ذكراه باسمها ألا وهي (جائحة فيروس كورونا المستجد) أو ما يسمى ب(كوفيد-19) ذلك الفيروس الذي وضع بصمتة الكارثية على كل نواحي الحياة فأغلق الحدود بين الدول وأقفل المدارس والأماكن المقدسة وتباطأ الاقتصاد العالمي بسببه فتسارعت الدول للحد من انتشاره وتقليل إثاره، ومن ضمن تلك الدول دولتنا الحبيبة حفظها الله التي بذلت الغالي والنفيس في سبيل الحفاظ على الانسان أي كان جنسه او لونه ، مسطرة بذلك اسمى آيات الإنسانية حتى كانت جهودها محط إعجاب العالم بأسره. ولكن للأسف قابل البعض تلك الجهود بقصد أو بدون قصد بالاستهتار والتساهل واللامبالاة ليكونوا كالذين يدقون بإسفين في جسم سفينتا ليغرقوا ويغرقونا معهم، مما استوقفني للبحث عن أسباب ذلك وبالفعل وجدت أن من أهم وأبرز الأسباب (قلة او غياب الوعي الوقائي) لذا اسمحوا لي بأن أسلط الضوء عليه في ثنايا الأمواج القادمة. لنبدأ بمعرفة مفهوم (الوعي الوقائي) هو عملية الإدراك الداخلي بالمخاطر المرتبطة بشيء معين، وكيفية تفاديها حتى تصل إلى مرحلة العادة وتبني نمط حياة وممارسات صحية دائمة، وترمي إلى المحافظة على صحة الفرد والمجتمع، ومن أهم وسائله التثقيف الصحي ويكون ذلك بنشر المفاهيم الصحية السليمة في المجتمع، وتعريف الناس بأخطار الأمراض، وإرشادهم إلى وسائل الوقاية منها، ويُستعان على ذلك بوسائل مختلفة من ذلك تعزيز ذلك المفهوم بنفوس أطفالنا منذ نعومة أظفارهم عن طريق المناهج الدراسية، والتربية الصحية السليمة. ولأهميته أولته الدول العظمى اهتماما كبيراً، فعملت حوله البحوث، التي وجدت بالفعل فعاليته المطلقة بالحد من انتشار الأمراض، من ذلك: وجد بحث أجري في ليبيريا عام 2015 أن بناء الوعي الوقائي لدى الفرد ساهم بالحد من انتشار مرض ايبولا المميت بنسبة تجاوزت ال 30%، وغيرها من الأمثلة كثير. سبق تلك البحوث ديننا الحنيف الذي اهتم بذلك المفهوم أيما اهتمام، تجلى ذلك بآيات قرآنية وأحاديث كثيرة منها قول الله تعالى :( وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ (، وقول النبي ﷺ): فر من المجذوم فرارك من الأسد)، وقوله: (إذَا سمِعْتُمْ بالطَّاعُونَ في الأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا)، مبينا بذلك أهمية الأخذ بالأسباب مع التوكل على الله، ومؤسساً لأدق مبادئ العزل الصحي أو بما يسمى الآن بسياسة الحجر الصحي. ختاما فلتبحر سفينتا مع التقيد الفعال بالحرص على التباعد والعمل كما نصت الأنظمة الوقائية الاحترازية والبعد كل البعد عن الاستهتار والتخاذل ولنشد على يد حكومتنا الرشيدة في جهودها للحد من انتشار هذا المرض حتى ترسو بسفينتنا إلى بر الأمان ولنرفع راية بيد واحد (كلنا مسؤول) و (لنعود بحذر) لنكون مثالاً يقتدي به العالم بأسره على لحمة الشعب والحكومة. ✍️بقلم الطبيب وائـل بن نـاجـي الغــفـاري أخصائي الباطنة وطب الطيران*
مشاركة :