الولايات المتحدة تطوي صفحة الكونفيدرالية | | صحيفة العرب

  • 7/3/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ريتشموند (الولايات المتحدة) - بدأ جنوب الولايات المتحدة، الأربعاء، طي صفحة الماضي الثقيل للكونفيدرالية من خلال إزالة العديد من رموز أنصار العبودية خلال الحرب الأهلية الأميركية، بدفع من موجة من الاحتجاجات التاريخية ضد العنصرية في البلاد. وأزالت مدينة ريتشموند في ولاية فرجينيا، أول نصب تذكاري للجيش الكونفيدرالي، وضع في العاصمة السابقة للجنوب خلال حرب الإخوة (1861 – 1865). كذلك، أزالت ميسيسيبي شعار الكونفيدرالية عن علم الولاية، وهي لحظة تاريخية لهذه الولاية التي تحمل الكثير من جروح فترة العبودية. وكانت ميسيسيبي الولاية الأميركية الوحيدة التي لا تزال تحتفظ بعلم جيش “الولايات المتحدة الكونفيدرالية” المؤلف من مستطيل أبيض في أعلى زاويته اليسرى مربّع أحمر يتوسّطه صليب أزرق قُطريّ بداخله نجوم صغيرة بيضاء ترمز إلى الولايات الجنوبية. وفي ريتشموند، يعتبر المنتقدون العديد من المعالم الكونفيدرالية رموزا لتمجيد تراث العبودية الأميركي فيما تشكل البلاد مسرحا لحركة تاريخية لمناهضة العنصرية عقب عدد من الحوادث التي مات فيها أميركيون سود على يد عناصر من الشرطة. ومن تلك المعالم الأكثر رمزية، تمثال القائد العام للجيش الجنوبي الجنرال روبرت لي الذي يقبع منذ قرن في ساحة المدينة. ويعمل موظفو البلدية منذ الأربعاء حول تمثال توماس “ستونوول” جاكسون وهو جنرال آخر في جيش الجنوب. ووفقا لوسائل إعلام محلية، انتزع التمثال من قاعدته برافعة. وبرّر رئيس البلدية ليفار ستوني قراره بالحاجة إلى “طي صفحة” الماضي من أجل المدينة. وقال في رسالة بالفيديو على تويتر “منذ النهاية الرسمية للكنفيدرالية قبل 155 سنة، أصبحنا مثقلين بهذا التراث”. وأضاف “هذه التماثيل رغم أنها رمزية، ضلّلت أحلام أطفالنا الملونين. بإزالتها يمكننا البدء في الشفاء وتركيز انتباهنا على المستقبل”. واعترف ستوني بأن “إزالة هذه التماثيل ليست حلا لمعالجة العنصرية المتجذرة بعمق في مدينتنا وبلدنا”. كما أشار إلى ضرورة مراعاة “الصحة العامة” وسط تفشي فايروس كورونا المستجد فيما يجتمع معارضو هذه التماثيل “منذ 33 يوما بلا انقطاع” للمطالبة بإزالتها. وأعلن الحاكم الديمقراطي لولاية فرجينيا رالف نورثام في مارس أن البلديات يمكنها أن تقرر ما إذا كانت تريد إزالة تماثيلها أم لا، وما زال مصيرها غير محدد. وأوضح ستوني إلى أن التماثيل ستوضع في مكان معين حتى يتم إيجاد حل نهائي لها. وبدأت التظاهرات المناهضة للعنصرية وعنف الشرطة قبل أكثر من شهر بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد الذي قتل على يد شرطي أبيض في مينابوليس في 25 مايو الماضي. وقد ساهمت في إعادة إطلاق النقاش الحساس حول إرث تجارة الرقيق في البلاد الذي ترمز إليه هذه التماثيل التي قام متظاهرون بتخريب بعضها وحاولوا تدميرها في أنحاء البلاد وخصوصا في ريتشموند. وبالنسبة إلى المدافعين عن هذه التماثيل، فهي رمز للتراث التاريخي لجنوب الولايات المتحدة. ورغم التقدم الذي حققه الأميركيون السود لنيل حقوقهم المدنية فإن بعض الولايات لا تزال تقاوم إزالة هذه الرموز. وكان الرئيس دونالد ترامب يعتبر في الماضي أن إزالتها ستؤدي إلى “تمزيق” التاريخ والثقافة الأميركيين. وتعليقا على جدل إزالة التماثيل في الولايات المتحدة، يقول الكاتب كاس ر. سانستاين في مقال له في وكالة بلومبيرغ إن “التاريخ الأميركي يزخر بالكثير من الأبطال المغمورين، الذين لم تصبح أسماؤهم مألوفة أو ضاعت قصصهم؛ فلنستعد أولئك الأبطال؛ فسواء كانوا يستحقون إقامة تمثال يخلد ذكراهم أم لا، فهم يستحقون التقدير والاحتفاء على المستويين؛ القومي والمحلي. لافتا إلى أن الرموز ليست بديلا لخطط الإصلاح، سواء إصلاح السياسات الاقتصادية والاجتماعية أو طرق تطبيق القانون. وأقر سانستاين بأن هناك جدلا كبيرا بشأن إقامة تماثيل ونُصب تذكارية جديدة تخلد ذكرى من عملوا من أجل تحقيق المصالح العليا للأمة، ومن بينهم فريدريك دوغلاس، وروزا باركس، وثورغود مارشال، أعظم محامٍ دافع عن الحقوق المدنية في تاريخ الولايات المتحدة. ثم ختم متسائلا “ماذا عن إقامة تمثال مارشال في العاصمة الأميركية؟”. ووقع، الثلاثاء، في جاكسون عاصمة ولاية ميسيسيبي إزالة العلم الذي يحمل شعار الكونفيدرالية والذي رفع أمام مقر الحكومة لمدة 126 عاما خلال احتفال رسمي. وكان البرلمان في الولاية قد أقر الأحد إزالة هذا الرمز المثير للجدل بعد 19 سنة من التصويت بأغلبية ساحقة على الاحتفاظ به. وقال رئيس البرلمان الجمهوري فيليب غان “اليوم نقبل ماضينا ونتطلع إلى المستقبل”. وأشار السيناتور الأسود جون هورن إلى أن الاحتجاجات بعد مقتل جورج فلويد كان لها “تأثير غير عادي” على اتخاذ هذا القرار التاريخي. وترددت في بعض الاحتجاجات مطالبات للسلطات بإزاحة نصب تذكارية تكرم شخصيات من الجانب الكونفيدرالي الذي كان مؤيدا للعبودية إبان الحرب الأهلية الأميركية. وكانت الولايات الجنوبية قد شكلت الكونفيدرالية في القرن التاسع عشر رفضا لإلغاء العبودية مما أدى إلى نشوب الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1861 إلى عام 1865.

مشاركة :