هو من أقدم الدبلوماسيين في العالم فقد قاد السياسة الخارجية على امتداد 40 عامًا وعاصر العديد من الملوك وواجه الكثير من الصراعات الدولية المعقدة وساهم بدور بارز في إيجاد الحلول لكثير من الخلافات الدولية، كان يتمتع بالعديد من المواهب التي قل أن تجتمع في رجل واحد ومنها إجادته لسبع لغات مختلفة، وعلى الرغم من أنه ابن ملك إلا أنه شق طريقه بعصامية مطلقة في عالم الدبلوماسية المعقد والمضطرب وتمتع بمواهب فريدة وبنبرة هادئة وبحنكة تفادى من خلالها العديد من الأزمات المختلفة. لم يثنه المرض من القيام بواجبه فكنا نراه يشارك في العديد من المؤتمرات الدولية وهو يقاوم آثار المرض، كما كان وعلى الرغم من المعاناة من الآلام بشوشًا يداعب من حوله من صحفيين وأصدقاء ويحرص على أن يرسم البسمة على شفاههم، ومع كل هذا اللطف والكرم فقد كان في أوقات الجد صارمًا فله العديد من المواقف المشهورة والتي سعى من خلالها لإعلان كلمة الحق والخروج عن إطار الدبلوماسية التقليدية والتحدث بصراحة عن الأسباب الرئيسة لما يعانيه عالمنا العربي والإسلامي من مشكلات وأزمات. كان يتحلّى بصفات الصدق والإخلاص والشجاعة، وكان محبًا للسلام وغيورًا على الإسلام، أشبه ما يكون بمدرسة يتعلم منه من حوله الكثير من معاني الحب والولاء والانتماء، وإذا نظرت إليه تذكَّرت والده (رحمه الله) فلا تملك إلا أن تقول هذا الشبل من ذاك الأسد. على الرغم من بقائه وزيرا للخارجية على مدى 40 عامًا، فإنه عند ترجله من هذا المنصب أكد في برقية جوابية لخادم الحرمين الشريفين بأنه سيبقى الخادم الأمين وبأنه اجتهد طوال تلك الفترة وأصاب وأخطأ كما أنه لم ينسَ في برقيته الأخيرة شكر زملائه في العمل كما شكر الشعب السعودي على ماعبّر عنه من مشاعر حب وودّ وتقدير فياض وصفها بأنها أشبه ما تكون بوسام تمنى أن يكون جديرا به. رحم الله سعود الفيصل.. وأسكنه فسيح جناته فقد كان وزيرًا عظيمًا ومثلًا ورمزًا ومشعلًا وضاءً لجميع العاملين في دهاليز السياسة. Ibrahim.badawood@gmail.com
مشاركة :