د٠ أمل مصطفى : “العاطفة بين النهم والأكتفاء”

  • 7/6/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عندما يتردد على اسماعنا كلمة نهم او شخص نهم يفسر معناها على انها الشراهة وعدم الاكتفاء. بمعنى مثلا الشخص النهم هو الذى يأكل ولا يكتفى بكمية محددة فى طعامه ، اما لحالة نفسية يمر بها احيانا او لحالة مرضية تحتاج الى علاج . خلق الله انفسنا والفطرة فيها هى الاكتفاء ، ومعنى الاكتفاء هو الشبع وليس حد الامتلاء ولكنه حد الاكتفاء وهنا تحديدا فى مقالنا لا نقصد الطعام ، او الشراب ، او المادة ، ولكن ما نقصده هو الاكتفاء العاطفى. فكل انسان يحتاج الى كمية معينة من العواطف والمشاعر التى تمنحه ذلك الشعور الرائع بالاكتفاء ، والرضا التى تدفعه الى تحقيق ذاته ، واشباع رغباته بكل سعادة ويسر ، ويصبح واثق من نفسه فى كل خطواته .. يقول «فرويد»: ان الثقة بالنفس تشكل دعماً للشخصية في وجه التحديات، وانعدام الثقة بالنفس تجعل الفرد يعيش حياة هامشية لا معنى لها ولا هدف منها يُرجى.. فنرى الشخص النهم فى العواطف هو الشخص الذى لا يكتفى بمقدار معقول من المشاعر ، والعواطف. عندها يكون مصاب بحالة نفسية غير سوية ويحتاج الى ارشاد وعلاج ، ويصبح غير واثق فى نفسه ، ليس لديه سلام داخلى.. ان الانسان حين يفقد الثقة بنفسه يعيش غريبا عن نفسه يشعر بالكثير من الإحباط واليأس داخله صراع، ونفسه لا تهداء ، لانها غير مستقرة ومتوترة دائما.. ان بلوغ الانسان الى ذروة الشعور بالاكتفاء العاطفى يكون على الطريق السليم ومع الشخص السليم الذى يستحق ان يأخذ العاطفة ويعطيها وهو الحد والمسار الطبيعى للانسان السوى الذى بطبيعته لا يحب الا مرة واحدة فى حياته ، ولا يشعر بالرغبة الحقيقية ومعنى الحب الا مع شخص واحد فى حياته ، غير ذلك يكون دائم البحث عن نصفه الاخر ، هذا النصف المكمل له ويظل يبحث عنه لشعوره ان فيه شىء ما ينقصه شىء يبحث عنه دائما فى كل شىء ، وعدم الاحساس بالإكتمال دائما هذا النصف ليس من يحقق العاطفة المصطنعة المترتبة على مصلحة ، ولا يظهر مشاعر مزيفة كنوع من المجاملة ، وانما يكون كل مشاعره حقيقية نابعة من خفقات قلبه واعماق نفسه تجاه نصفه الاخر وتكون مشاعر صادقة متبادلة بين نصفين خلقهم الله فى هذه الدنيا كل منهم يبحث عن الآخر الى ان يجده ، والكثير مر عليه العمر وايامه وهو ما زال يبحث عنه وممكن فى الكثير من الاحيان ينقضى العمر وهو لم يتسنى ايجاده . عند تحقق الاكتفاء العاطفى الناتج عن الاختيار الصحيح لشريك الحياة عندها لا تحدث خيانة او خداع او صدمات عاطفية ، فلا يمكن للرجل الذى يشعر بذلك الشعور المريح والسعيد من الاكتفاء والاكتمال النفسى ان يشعر بامراءة اخرى لانه ليس لديه الا قلب واحد وجسد واحد وامراءة واحدة هى من تحقق له ذلك الاكتفاء وكذلك المراءة عندما يتحقق لها ذلك الشعور الطيب بالاكتفاء مع من اختارته شريكا لها فى الحياة تسعد وتهناء ويتحقق لها الرضى النفسى والمادى والمعنوى لانها ايضا ليس لها الا قلب واحد وجسد واحد ورجل واحد يجتمع العالم فيه ويحقق لها الاكتفاء العاطفى الكامل والإحتواء والشعور بالاكتمال.. لذلك هو الاختيار!! ولنغير نظرتنا فى اختيارتنا ، فى ان ليس كل شىء مادة ومستوى اجتماعى ومظاهر خادعة ، الاختيار يجب ان يكون عن من سيحقق لنا ذلك الاكتفاء والاكتمال فى المشاعر والعواطف حتى لا نعيش ومشاعرنا منهكة مرهقة متعبة تائهة تطلع دائما لذلك النصف الذى ينقلها من شعور النهم والبحث وفقدان الامل والياس الى الشعور بالسعادة والرضا والحمد الدائم على نعمة الاكتفاء ، والاكتمال من خلال نصفين اجتمعا فكمل كل منهما الاخر واتحدا نفسا وروحا وعمرا..

مشاركة :