من المؤكد أن خطر الحرب النفسية فى زماننا الحاضر يظهر في العمل على تحطيم القوى المعنوية للشعب، وإيهامه بالعجز عن التقدم في أي مجال من مجالات الازدهار الصناعي والعلمي وهو عين ما ترجوه الحرب النفسية في حالة السلم، ومصر الآن من أكثر البلاد التي يسعى الأعداء للنيل منها لما لها من تاريخ مشرف ومشرق، ولعلمهم جيدًا بدور قادتها العظماء في العمل على الارتقاء بالبلاد.فإذا كانت الحرب النفسية العسكرية تهدف إلى الانتصار في ميدان المعركة، فإن الحرب النفسية في حالة السلم أشد خطورة من الحرب النفسية العسكرية؛ كون الأولى تستهدف الشعب بكل فئاته وتياراته، فتحدث في الجمهور أشبه ما يكون بالعاصفة التي تقضي على الأخضر واليابس، وأسلحتها أشد فتكًا وغايتها أوضح، ولكنها لا تظهر إلا على المدى البعيد لارتباطها الوثيق بالحرب الاستراتيجية؛ لأن (بذر التفرقة الدينية وإثارة التعصب الطائفي كان من الأسلحة القديمة في الحرب النفسية، والانفعالات والحماس الأعمى يزيدان من التفكك والخصام ويفعلان في عقول السطحيين والسذج والبسطاء فعل السحر؛ لذلك نجد البعض يؤمن بفكرة ما ويندفع في نشاط معين تحت التأثير الخبيث لعواطف العداء والتدمير ضد إخوانٍ له من البشر من الأديان أو الطوائف الأخرى).وبالتدليل العلمي على خطر الحرب النفسية فقد أصدر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء تقريرًا يوثِّق محاولات العديد من الجهات والمنظمات الخفية نشرَ الكثير من الشائعات والأكاذيب عبر وسائل التواصل الاجتماعى والترويج لها عبر أذرعها الإعلامية المختلفة؛ بهدف إثارة البَلبلة داخل المجتمع المصري.فقد انتشرت خلال الأشهر الأخيرة آلاف الإشاعات داخل المجتمع المصرى متناولة العديد من الملفات، لتنال بالسلب من مؤسسات الدولة ومختلف قطاعاتها الرسمية وغير الرسمية.وأوضح المرصد أن سلاح الشائعات قد امتد ليصل إلى مؤسسة القوات المسلحة المصرية الوطنية، ولم يقتصر دور الشائعات على الجوانب السياسية والاقتصادية فحسب، بل امتدت للشأن الديني وتشويه دور مؤسسات الدولة الدينية داخل المجتمع.كذلك قامت الإشاعات بمحاولات كبيرة لتشويه صورة المشروعات القومية الكبرى داخل المجتمع المصري كمشروع العاصمة الإدارية الذي ثار حوله العديد من الشائعات الكاذبة. كما هدفت الشائعات خلال هذه الفترة إلى إثارة حالة من الرعب داخل مختلف قطاعات المجتمع المصري من خلال تصدير حوادث فجَّة تشكك المواطنين في جدوى النهوض والعمل وشيوع حالة من الخوف وعدم الأمان. ويقوم مجلس الوزراء المصري بعمل نشرة دورية لرصد أهم الشائعات المتداولة والرد عليها.كل ما سبق قوله يعطيك دلالة واضحة على خطر الحرب النفسية على الجبهة الداخلية حيث الإشاعات التي هي ركن أساس في الحرب النفسية، فهي الوسيلة الفعالة لإحداث البلبلة في الحرب والسلم، والبلبلة مفتاح إلى تغيير الاتجاهات وزعزعة أسس الحكم، وهز الإيمان بالوطن والوحدة والصمود).تقوم الحرب النفسية في حالة السلم بـ(بث الإشاعات التي تولد الحيرة والقلق والهواجس والمخاوف. هي بداية زعزعة الجبهة الداخلية).. والكلام السابق حول خطر أسلحة الحرب النفسية في حالة السلم يندرج على بقية أسلحتها من الإغراء والاستمالة، غسيل الدماغ وغيرها.يا سادة .. نحن بحاجة الآن أن نتحقق من كل كلمة نسمعها ونتحقق من كل مقولة يرميها البعض على مسامعنا.. فخطر الدعاية والإشاعة على الرأي العام عظيم حيث يولد نوعًا من اليأس والكآبة والقلق، ومصر بعون الله ينتظرها مستقبل واعد مشرق بفضل سواعد أبنائها المخلصين.. حفظ الله مصر وجيشها ورئيسها.
مشاركة :