جورجيا ... «بنت النهار وأخت القمر» | سياحة وسفر

  • 7/12/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جورجيا احتار في وصفها الشعراء قديما وحديثا، لكنهم اتفقوا على انها «هي الدنيا» فهي اخذت من الشمس ليديها سوارا، ومن القمرفي نحرها عقدا، وهي بنتُ الجِبال وأنَّ اللقاء على سفحها حُلمٌ، وهي ايضا بنتُ البحارِوكلُّ مراكبِ سحرها خَيال، وهي فتنةَ القلب ومهوى البصرْ لكون بعض من مدنها جاوزت مقياس جمال الطبيعة في الكرة الارضية لانها خلقت من أحلى وأرق الصور فأحيتْ بتاريخها مَواتَ الهوى وجددتْ ذكرى زمانٍ غبرْ، ايامها عطروغدها كلحن الوترْ. عندما تحتضن اقدامك مدنها تبيلسي وكوتايسي وباتومي وروستافي وزوغديدي وغوري وبوتي تجد في كل حجر فيها ما يمكن أن يقول لنا أكثر من كتاب كبير، فالقلاع القديمة والأديرة والكاتدرائيات تتوج المناظر الطبيعية الرائعة للقوقاز. وجورجيا عروس منطقة القوقاز تتوضع عند ملتقى أوروبا الشرقية مع غرب آسيا، كما يحدها من الغرب البحر الأسود، من الشمال روسيا، تركيا وأرمينيا من الجنوب، وأذربيجان من الشرق. تغطي جورجيا مساحة 69.700 كم2. ولذلك لا عجب عندما تمر في شوارع مدنها العريقة ان تلتحم معها في عناق ، إلى أن تختلط أضلاعيك بأرصفتها وأسوارها وحجارته وتنصت في هيبة وجلال للنبض المنبعث من عمقها في كل شارع او حارة او بيت او شرفة من يدندن لحناً أو يتلو قصيدة أو يرسم لوحة أو يضيء عود ثقاب. في المدن الجورجية تبيلسي وكوتايسي وباتومي وروستافي وزوغديدي وغوري وبوتي، جبهة الجبال تواجه التاريخ، الألوان الزيتية تفترش الواديان كأنه قطع من الفردوس وصوت النسيم القادم من بحرها او اعالي جبالها موسيقى إلهية تبدعها الريح على أوتار الأرض، ولا تملك الا ان تصغى لسماع الأغصان والجذوع والطيور والماء المتفجر من أعماق الصخر يبارك هذه الحياة. هناك في مدن الحلم تبيلسي وكوتايسي وباتومي وروستافي وزوغديدي وغوري وبوتي تتشعب الحكايات بين السفوح، صاعدة حيث الجبال التي ترسم الطرق على الجانب المقابل للبحر، تحصنها بغابات من أشجار كثيفة ومتداخلة ومتعانقة وتلونها شجيرات الزهور التي تملأ روائحها في الافاق الاوسع مابين القمم والشاطىء، حتى انك تعتقد انه يحيا خارج متاهات المكان ومعايير الزمان رغم كل ماخلفه الإنسان هناك في مسيرته ترك من بعده آثاره لتحكي لنا تاريخ الاجناس التي غبرت في دهاليز الايام. وكانت رسالات تركوها وراءهم لنتعرف على حياتهم وسبل معيشتهم وتاريخهم. ولذلك لاعجب ان تشهد في المدن الجورجية رغم ان العالم يلهث خلف محاولاته التي يتخبط فيها في وجهاته ورؤاه ان ترىو فيها لادة الأماكن واحتضار الوجوه وارتحال الخرائط. ولكن وحدها جورجيا صبية واسنة مضطجعة على صدر البحر الاسود، تشدو تراتيلها وترخي أحلامها وتجدل أمواجها وتفرز زهورها المتنوعة والمتعددة رائحة العطر من كل دربها فهي قدرها كما قال شعراؤها انها «جوهرة الحب» رغم انف ابن رحمها ستالين الذي تسلم مقاليد الحكم الاتحاد السوفيتي بعد عجز قائد الثورة البلشفية فلاديمير لينين ووازهق ارواح 50 مليون نسمة. انها بنت النهار فعلى امتداد شواطئها على البحر الاسود، طائرات ورقية تعانق الريح، صنارات طويلة تنسل بين الأمواج تطفو بأمل حذر وترتد بحياة، وموسيقى عجيبة تجتاح الكيان، تخترق الحارات العتيقة والشوارع المرصوفة بالحجر، تعانق الروح كلما ارتطمت موجة بصخرة. وتتميز جورجيا بالمرتفعات والأنهار والبحيرات ويشق اراضيها أربعة أنهر رئيسة، وتقع فيها بحيرات مياه عذبة وعلى المسافة اياها، تقع مدن صغيرة ذات طبيعة زراعية ولكنها مأهولة بالمعالم العمرانية المتواضعة، واينما تشيد تلك المدن ترى اثراً لمجرى نهر (التكواري) الذي ينبع من الاراضي التركية ، اما الارض تفترش الطبيعة عليها سحرا من نوع متميز ينطبق عليها وصف ارض الينابيع الحارة. وهذا التنوع في المشهد الطبيعي حيث تبدو في اماكن السماء الزرقاء الصافية خالية من اثر لغيوم او رياح تنذر بهطول امطار، وثمة اماكن اخرى تغمر فيها السماء غيوم كثيفة سوداء مثقلة بالامطار ومنذرة بالرعد والبرق، وغالبا ما ترى هذه الغيوم على تماس حاد مع قمم الجبال الى درجة يصعب فيها الفصل بين الارض والسماء، جعل من جورجيا موطناً لعدد كبير من الأنواع الحيوانية، مثل النمر الفارسي، الدب البني، الذئب والوشق. و زيارة المدن الجورجية تبيلسي وكوتايسي وباتومي وروستافي وزوغديدي وغوري وبوتي تعد تجربة سوف تظل راسخة في الذاكرة ولن تمحى مع مرور الزمن، فهناك يخضع الزائر لكل مؤثرات السحر والبهجة الاتية من المزج ما بين تألق الشرق وأناقة وتميز الغرب لتشكل مزيجاً ثقافياً وتراثياً لا مثيل له في العالم، ابتداءً من طبيعتها الساحرة، مرورًا بموقعها على جبال القوقاز الخلّابة وحتى ثقافة شعبها التقليدية الذاخرة بالمأكولات الجورجية الشهية والملابس التراثية والإكسسوارات المدهشة وأيضاً بالرقصات الشعبية الشيقة. واذا كانت جورجيا «هي الدنيا» فان عاصمتها تبيلسي "ام العجائب"، فهي تقع في وسط المنطقة الشرقية وتمتد على سفوح جبال الترياليتي و يخترق وسطها (نهر كورا). ووفقا للأسطورة الجورجية فإن تبليسي سميت بهذا الاسم لأن ملك جورجيا كان خارجا للصيد، وأثناء الصيد أطلق على طائر فوقع في منطقة ينابيع ساخنة، وعندما وجده الملك انبهر بالمنطقة و قرر أن يبني مدينة على أطراف هذه الينابيع، وأطلق عليها اسم «تبلي» وهي كلمة جورجية تعني «دافئ» ومن هنا جائت تسمية هذه المدينة. و أشهر معالم تبليسي جسر السلام هو جسر زجاجي يعبر من فوق نهر كورا، يتميز بالتصميم الزجاجي الفريد الذي جعله معلما من معالم المدينة ، و ميدان الحرية حيث توجد المطاعم والمقاهي وأرقى دور الأزياء ، و شارع روستافيلي الذي يبدأ من ميدان الحرية ويمتد لمسافة 1.5 ميل، يعتبر قلبها النابض بالحياة فهو يحتوي على الكثير من المباني الحكومية والتاريخية والأسواق التجارية ،اما شاردني فهو شارع المشاة الرئيسي بالمدينة يحتوي على العديد من المقاهي والمطاعم الراقية التي توافر جلسات ممتعة على جانبي الشارع. وعلى بعد امتار قلعة ناريكالا الأثرية ، وبالقرب منها حديقة فيك ،ويوجد في منطقة ميداني جامع تبليسي ،اما بحيرة السلحفاة فتقع في طرف المدينة ،وتبعد قرية مسخيتا 20 كم وهي قرية جبلية تحتوي على الأنهار والأشجار الخضراء. ويقال في جورجيا ان من لم يزر ام الجورجيين فلم يتعرف على هذا البلد وهو تمثال يقع على قمة جبل «سولولاكي». حيث يمثل هذا التمثال للجورجيين كل شيء. يصل ارتفاعه الى اكثر من عشرة امتار قرب قلعة الملك ارثر. ويوجد قرب التمثال والقلعة شجرة عمرها نحو (400سنة) يلف كل من زار هذه الشجرة قطعة قماش ويسميها الجورجيون (شجرة الامنيات) وبالقرب منها حديقة النّباتات التي تحتوي على (3) آلاف من النّباتات والأشجار المتنوّعة والمختلفة، كما تضُمّ العديد من ينابيع المياه والبُحيرات الصّغيرة، إضافة إلى شلّال غزير، ومناظر خلّابة وطبيعة رائعة.

مشاركة :