نور المحمود «الكل سواسية أمام القانون»، العبارة تبدو سهلة وتتردد كثيراً، لكن في ميزان القادة والمسؤولين فهي توزن في ميزان الذهب؛ لأنها تعكس مدى قدرة أي دولة وقيادة على تحويل القول إلى فعل، خصوصاً في المواقف الصعبة والمهمة. يعلمون جيداً أنها بمثابة اختبار يُثبت معادنهم ومدى صدقهم في تطبيق المساواة والتمسك بالشفافية، وكشف الفساد والفاسدين حين يلزم الأمر.ما حصل في وزارة الداخلية لم يُدهشنا كحدث من حيث وجود موظف فاسد استغل عمله في إحدى الدوائر الرسمية، وتمكن من ابتزاز بعض الأشخاص ومعه ثلاثة أفراد آخرين، بإيهامهم بأنهم مطلوبون ولا بد من دفع مبالغ مالية كي تشطب أسماؤهم من قوائم المطلوبين، ويتمكنوا بالتالي من السفر أو العمل أو الحصول على تأشيرات إقامة لهم ولعائلاتهم. ذلك الموظف أو تلك «العصابة» استغلت الوظيفة الحساسة في وزارة مهمة مثل وزارة الداخلية، دون مراعاة لقيم أو أخلاق، ودون وعي بأن تلك الجهة الرسمية قادرة على كشف أمرهم، وكأنها تمنح موظفيها حصانة تحجب أعين القانون عنهم، وتحميهم من المساءلة أو المحاسبة أو المحاكمة.«لا مكان للفاسدين بيننا»، كلمة حاسمة واضحة قالها الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، ليقطع أي شك بيقين واحد مؤكد، هو أن عيون «الداخلية» لا تنام، وتسهر على أمن الدولة والمواطن والمقيم، خارج أسوار مبناها وداخله أيضاً، حيث لا مظلة فوق رؤوس موظفيها أياً كانت جنسياتهم أو مناصبهم أو المهمة التي يؤدونها، ولتؤكد أيضاً أن القول مقرون دائماً بالفعل، وأن الشفافية نهج تسير عليه الإمارات وفق توجيهات قيادتها ورؤيتها التي لم تقبل يوماً إلا بتطبيق القانون، وإعلاء كلمة العدل والحق وكشف الفاسدين ومحاربة الفساد في كل المؤسسات والدوائر.ليس أمراً عادياً أن تكشف وزارة الداخلية عن تلك العصابة وعن موظف فاسد استغل عمله فيها كي يبتز الناس؛ وليس عادياً أن تعلن بجرأة وشفافية عن التفاصيل بلا مواربة أو استحياء أو تجاهل أو تستر؛ ففي العالم حكومات ودول تتستر على الفاسدين لديها، وتغلق ملفات، وعين القانون لديها عوراء ترى ما تريد رؤيته، وتغض الطرف عما تريد ستره وتجاهله، وفق مصالح الفاسدين فيها؛ لذا نعتبر كشف وزارة الداخلية عن قضية الفساد هذه، ورقة تحدٍ جديدة تقدمها الإمارات أمام العالم كله، تزداد بها ونزداد معها فخراً بقيادتها وإنجازاتها. noorlmahmoud17@gmail.com
مشاركة :