عرف القدماء الثقافة بشكلها المبسط: بأنها الأخذ من كل علم بطرف، ثم توالت التعريفات بعد ذلك للثقافة لتبدو أكثر اتساعا وشمولا، ومنها تعريف المفكر والكاتب (كوينسي رايت) الذي جعل الثقافة نموا تراكميا من المعرفة والمعتقد والفن والأخلاق والتقنيات والأدب، ونقل هذه التراكم عبر الأجيال. لكن الثقافة في عصرنا ووضعنا الحالي اتسعت لتشمل "النفاق" فلكي تبدو مثقفا حقيقيا تؤمن بأسس التعايش وتقبل الآخر، والتعاطي مع المختلف بشكل حضاري، يجب أن تكون سنيا تبحث عن أحد الشيعة أو العكس، لتلتقط معه الصور التذكارية، وتتعامل معه فيها وكأنه كائن فضائي قدم إلى عالمنا من كوكب آخر، حيث يشعر بالعزلة، تخيل كم تبدو بطلا وشجاعا وشهما وأنت تحتضنه أو تأكل معه في طبق واحد أو تسلم عليه وتحتفل به؟ ثم تنشر هذه الصور ليطير بها فرحا أنصار التعايش من الجانبين، ويروجون لك كمثقف حقيقي يحترم موقعه ويحب وطنه، بينما أنت على صعيد آخر تقف ضد كل مشروع لا يقرّ بأنك أفضل من غيرك وأكثر تميزا، ويأتي الوطن في الدرجة الثانية. ثقافتك تكمن في إقناع الجميع بوطنيتك.
مشاركة :