شيماء المرزوقي الحاجة للإبداع البشري كانت دوماً ملحة ومحل بحث من كل مؤسسة تريد التطور والتقدم وتحقيق الأرباح والنجاحات. والبراعة والتميز ليسا من الصفات العامة التي يمكن للجميع التمتع بها، بل من الصفات الفئوية التي تتعلق بالأشخاص القادرين على تطوير أفكارهم وزيادة معارفهم ومعلوماتهم بشكل مستمر ودائم. هؤلاء يمثلون الفئة التي لديها نهم ورغبة في البحث عن كل جديد وإيجاد الحلول وتطوير الأعمال، وهذه الفئة في العادة هي الأقل تواجداً وحضوراً، لأنها فئة نخبوية تتميز بالندرة، إن صح التعبير، وهذه الكوادر تعتبر مكسباً لأية جهة عمل، لأنهم الصف الأول في عمليات التطوير وتسهيل الأعمال. في هذا العصر، نسمع بين وقت وآخر على مستوى العالم عن عمليات توقف لكثير من الأعمال بسبب جائحة «كوفيد- 19» ومعها تتم عمليات تسريح الكثير من الموظفين وإيقاف أعداد كبيرة عن أعمالهم. عمليات التسريح ليست حلاً بقدر ما أنها مشكلة جديدة، لأن تلك المؤسسات تعتبر بعض أقسامها ثانوية ومع أول أزمة تمر بها تطيح بهذه الأقسام، وتركز على الأقسام الرئيسية أو تلك التي تسمى العصب الرئيسي في استمرارها. والحقيقة أن مثل هذا التفكير سطحي ولا ينم عن عقلية تستوعب الابتكار والإبداع حتى في ظل الأزمات. عندما تتخلى المؤسسة عن كوادرها المبدعة بحجة أنهم يعملون في أقسام ثانوية، فهي تضحي بالمستقبل وأيضاً تهدر فرصة الحصول على الحلول المناسبة في الوقت المناسب. الشواهد كثيرة لشركات وقطاعات مرت بظروف قاسية وكانت على مشارف الإعلان عن الإفلاس ولم ينقذها إلا موظفوها المبتكرون المبدعون. مثلاً، شركة أطعمة كانت تعاني من الخسائر المتوالية، وتفكر في التخلي عن بعض موظفيها، إلا أن عقلاً مبتكراً أبلغها أن الحل ليس في توفير رواتب أناس نحتاج لخدماتهم وخبراتهم، بل في إيقاف بعض وجبات الطعام الفارهة المكلفة، وتخفيض الأسعار وتقديم عروض ونحوها من الحلول. في العادة تتخلى المؤسسات والشركات عن موظفيها الذين يقابلون الجمهور أولاً، بحكم أن وظائفهم لا داعي لها مع قلة الزبائن، وبين هؤلاء الموظفين من يملك كنزاً حقيقياً ومفتاحاً للتطور والازدهار، فهؤلاء الموظفون هم من كان يسمع ملاحظات ورغبات الجمهور وهم أقدر الناس على إبلاغ صانع القرار بجوانب الضعف وما يحتاجه الناس، ومع هذا يتم التخلي عنهم، رغم خبرتهم والاحتكاك بالناس الذين يدفعون المال. تسريح الموظفين قد يكون حلاً مؤقتاً وبسيطاً، لكنه يجرد المؤسسة من خبراتها ويعيدها إلى الوراء كثيراً. Shaima.author@hotmail.com www.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :