الكويت - ظلت الأدبيات الغربية تنسج من القصص والروايات حول المرأة الشرقية عامة، والعربية خاصة، والبدوية بصورة أكثر خصوصية؛ من وحي الكتب، التي ترجمت عن اللغة العربية إلى اللغات الأوروبية في عصر النهضة، وخاصة كتاب “ألف ليلة وليلة”. وبهذا ظلت صورة المرأة العربية حاضرة في الذهنية الأوروبية بما لا يتفق مع وضعها الحقيقي، حتى بدأ الرحالة الغربيون يجولون في المجتمعات العربية والإسلامية، ويدونون مشاهداتهم، ويرصدون صورة جديدة للمرأة البدوية في العراق والجزيرة العربية مغايرة تمامًا للصورة المتخيلة عنها. يسلط الدكتور علي عفيفي علي غازي في كتابه الموسوم “رؤية الرحالة الغربيين للمرأة البدوية في العراق والجزيرة العربية” الضوء على هذه الصورة كما رسمها الرحالة الغربيون عبر أربعة قرون، بين القرن السادس عشر والقرن العشرين، وذلك عبر عرض رؤيتهم لشكلها وصفاتها وزينتها وحليها وملابسها وحياتها وعاداتها وتقاليدها وقيمها ودورها في بيتها وقبيلتها. كما يتطرق هؤلاء الرحالة إلى الأعمال التي تقوم بها المرأة في ديرتها، ونشاطها في حياة القبيلة السياسية والعسكرية وحياتها العاطفية، ودورها في الزواج وما يمثل لها، ثم حملها وأمومتها ودورها في تربية أطفالها ورعايتهم والعناية بهم، وذلك بعيون الرحالة الغربيين، الذين تُعدُّ كتاباتهم مصدرًا مهمًا لتاريخ المنطقة، إذ توافد عليها عبر أربعة قرون عدد كبير من الرحالة والرحالات، وتركوا بين ثنايا كتاباتهم مواد جديدة تثير الاهتمام المتزايد بالمرأة، ودورها في تاريخ المنطقة. ومن هنا تتمثل أهمية هذا الكتاب في محاولة تقديم صورة للمرأة البدوية، من خلال ما ورد في كتابات هؤلاء الرحالة بتتبع الإشارات المتناثرة في طيات صفحات مؤلفاتهم، والمقارنة بين ما ذكروه، لنرى هل تتفق مع الواقع أم أن الرحالة جانبهم الصواب؟ يقع الكتاب، الصادر عن مركز طروس للنشر والتوزيع، في أربعة فصول، يتناول خلاله عفيفي بداية صورة المرأة البدوية، فيقدم وصفًا لصفاتها المادية والمعنوية ودورها في الحياة اليومية في القبيلة، والفتاة البدوية وحياتها العاطفية، وطقوس وعادات وتقاليد الزواج، والحمل والإنجاب والأمومة. ويسلط الفصل الثاني الضوء على زينة وحلي المرأة البدوية، كالملابس، المصوغات، الخلخال، الحناء، تصفيف الشعر، الكحل، الصبغة الزرقاء، الوشم. بينما يتتبع الفصل الثالث مراحل الحب والزواج في حياة المرأة البدوية بداية من الحب والخطبة والمهر ومراسم الزواج، وطقوس الزفاف، وتعدد الزوجات. ويختتم الكتاب بفصل رابع يقوم فيه المؤلف بإعطاء صورة للمرأة النجدية من خلال كتابات الرحالة آن بلنت، باعتبارها نموذجًا للرحالة المنصفين، الذين عشقوا حياة البادية.
مشاركة :