دخل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، السبت، مرحلة جديدة في مواجهته للميليشيات الموالية لإيران ونفوذها وذلك من خلال دفعه نحو تشديد الرقابة الأمنية على الحدود بهدف وضع حد للتهريب وتدفق الأسلحة والمعدات العسكرية. بغداد - فتح رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، جبهة جديدة في مواجهة نفوذ الميليشيات المسلحة الخارجة عن القانون، وهذه المرة في محافظة ديالى بالقرب من الحدود الإيرانية، مستهدفا ممرات تهريب الأسلحة والعملة هناك. وفوجئ العراقيون صباح السبت بسلسلة إعلانات أمنية، أولها وضع القيادة العسكرية يدها مباشرة على معبرين حدوديين حيويين مع إيران، بالتزامن مع عمليات مداهمة لأوكار ومواقع مشبوهة في ديالى، ثم وصول الكاظمي إلى مقر القيادة العسكرية في المحافظة. وتعد منافذ إيران على ديالى، أبرز خطوط دعم وتموين الميليشيات العراقية بالسلاح والمعدات اللوجستية، كما أنها تعد الممر الرئيس لتهريب العملة الصعبة من العراق إلى الأراضي الإيرانية. والسبت، خصص الكاظمي فريقين من قوات النخبة العراقية للسيطرة على منفذي مندلي والمنذرية بين ديالى وإيران. وتقول مصادر مطلعة إن المنفذين يصبحان تحت سيطرة الميليشيات الشيعية كليا خلال ساعات الليل، لتهرب منهما ما تشاء، لتعود سيطرة الحكومة عليهما جزئيا خلال ساعات النهار. ويدخل عبر هذين المنفذين معظم السلاح الإيراني المخصص لدعم الميليشيات، فضلا عن مختلف المعدات العسكرية غير المرخصة. وتستخدم طهران كذلك هذين المعبرين لإرسال عناصر الحرس الثوري الذين لا تريد تسجيل دخولهم رسميا إما لأغراض التدريب (الميليشيات الموالية لها) أو الإشراف على بعض العمليات ميدانيا. وفي المقابل، تستخدم الميليشيات الشيعية العراقية هذين الممرين لتهريب الدولار الأميركي إلى إيران بعد جمعه من المصارف والأسواق يوميا. ويقدر مختصون أن الميليشيات تجمع وتهرب نحو 200 مليون دولار أميركي من العراق إلى إيران أسبوعيا، ما يضع الدينار العراقي واقتصاد البلاد تحت ضغط دائم. وتشير المصادر إلى أن أثر منفذي مندلي والمنذرية تعاظم كثيرا لدى إيران عندما أحكمت الولايات المتحدة عقوباتها عليها، إذ أصبح المنفذان رئة إيران للتنفس اقتصاديا. العراقيون فوجئوا السبت بإعلانات أمنية، أولها وضع القيادة العسكرية يدها مباشرة على معبرين حدوديين مع إيران وعندما تحولت أخبار ما يحدث في المنفذين إلى فضائح يتداولها المدونون والساسة في عهد الحكومة السابقة، وجه رئيس الوزراء المستقيل عادل عبدالمهدي بإغلاق أحدهما مؤقتا. وجاء قرار الإغلاق بعد ورود معلومات مفصلة عن قيام عناصر في ميليشيات عراقية بمحاولة لإدخال صواريخ من إيران عبر منفذ مندلي خلال النهار، وعندما رفض الموظفون الحكوميون الأمر، تعرضوا للضرب والطرد من الموقع. ولكن عبدالمهدي أعاد تشغيل المعبر، تحت ضغط إيران وزعماء الميليشيات، بعد التعهد باقتصار عمليات تهريب الأسلحة والدولار على ساعات الليل. وتقول مصادر حكومية إن الكاظمي كان يخطط لإطلاق هذه العملية في غضون شهرين، لكن الضربة التي تلقتها البلاد باغتيال الخبير الأمني البارز هشام الهاشمي، وما سبقها من ارتباك الموقف الحكومي في احتواء تهديد ميليشيا كتائب حزب الله العراقية، التابعة للحرس الثوري الإيراني، ضد المنشآت الحيوية في بغداد، دفع نحو تسريع موعد التنفيذ. وتؤكد مصادر حكومية أن الكاظمي، وهو القائد العام للقوات المسلحة وفقا للدستور العراقي، وجه بتعزيز الوضعين الأمني والعسكري في ديالى، بما يضمن وجود إسناد كاف في حال اندلاع مواجهة، وهو ما يفسر تحرك قطعات عسكرية وأمنية كبيرة في مناطق قرب الشريط الحدودي بين العراق وإيران، بذريعة تمشيط المنطقة بحثا عن عناصر داعش. ويوم السبت، ذهب الكاظمي شخصيا إلى محافطة ديالى وتجول بين قواطع العمليات، مشيدا بالجهود العسكرية والأمنية التي تبذل في أجواء شديدة الحر، حيث تصل درجات الحرارة في عدد من مدن البلاد خلال ساعات الظهيرة 50 درجة مئوية. وقال الكاظمي في تصريحات صحافية إثر وصوله إلى ديالى “رسالة واضحة لكل الفاسدين بأنه ليس لديكم موطئ قدم في المنافذ الحدودية أجمع” مشيرا إلى أنه “على جميع الدوائر، العمل على محاربة الفساد لأنه مطلب جماهيري”. وليس واضحا حتى الآن، على وجه الدقة، طبيعة الأهداف التي يتوخى الكاظمي تحقيقها من وراء هذا التحرك العسكري الواسع في ديالى. لكن المراقبين يضعون احتمالات عديدة لهذه الحملة، أولها رد اعتبار الدولة التي تعرضت إلى الاهتزاز بسبب الاشتباك غير الناجح مع كتائب حزب الله، والسيطرة على المنافذ الحدودية مع إيران وضرب سلسلة التهريب المتبادل وتفكيك مخازن السلاح الخاص بالميليشيات، من دون وجود ضمانات على تحقيق أي من هذه الاحتمالات.
مشاركة :