باريس - حذّر تقرير لمجلس الشيوخ في فرنسا، أعدّته لجنة تحقيق أُنشئت في نوفمبر 2019 بمبادرة من حزب الجمهوريين، من أنّ “التطرف الإسلامي” في تزايد في عدد من المناطق في فرنسا مشيرا إلى ضرورة أخذ الحذر من 50 ألف عضو من الإخوان المسلمين و40 ألفا من السلفيين. وقدّم التقرير الذي تمّ إعداده بناءً على 70 مقابلة أجراها أعضاء مجلس الشيوخ مع باحثين وناشطين وجهات فاعلة في المؤسسات وقادة سياسيين، نحو 40 إجراءً للحدّ من “التطرف الإسلامي” المُتزايد، ومن بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام. وتُعتبر فرنسا الدولة الأوروبية الأولى من حيث عدد المسلمين على أراضيها، إذ يتجاوز تعدادهم الـ6 ملايين شخص. وأشار التقرير أيضا إلى أنّ مؤيدي الإسلام السياسي يسعون حاليا إلى السيطرة على الإسلام في فرنسا من أجل “إنشاء الخلافة”، ويُغذّون في بعض المدن “نزعة انفصالية” خطيرة، وذلك دون تقديم تفاصيل عن هذه الأعمال. ويُشير التقرير إلى أن هذه النزعة “المتصلبة” المستلهمة من الإسلام الأصولي “تشكك في قيم الجمهورية”، في إشارة إلى حرية المعتقد، المساواة بين الرجل والمرأة والاختلاط. ووفق كاتبة النص، السيناتورة جاكلين أوستاش برينيو “يجب التحرك سريعا” لأن “كل مناطق فرنسا صارت متأثرة اليوم، باستثناء غرب البلاد وإلا ففي غضون سنوات قليلة، قد تخرج بعض من هذه المناطق والأحياء من الجمهورية عن السيطرة”. وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد حذر في فبراير الماضي من “الحركات الانفصالية الإسلامية”، وأعلن إجراءات ضدّ “التأثيرات الأجنبية” على الإسلام في فرنسا (تمويل المساجد والأئمة). ويبرز الجهاديون بين الجماعات المستهدفة في التقرير، وهم الجهة الرئيسة التي وقفت خلف سلسلة من الهجمات التي أودت بحياة أكثر من 250 شخصا في فرنسا منذ العام 2015. ولكن اللجنة أبدت قلقها أيضا إزاء الحركات الإسلامية المتشددة التي تدعي أنها غير عنيفة ولاسيما السلفية منها (حوالي 40 ألفا في فرنسا) أو الإخوان المسلمون (50 ألفا). وتدعو اللجنة إلى تعزيز شبكة الدولة للكشف عن السلوك أو الكلام “المنحرف” بشكل أكثر فعالية. تقرير أعده مجلس الشيوخ حذر من أن مؤيدي الإسلام السياسي يسعون إلى السيطرة على مسلمي فرنسا لـ"إنشاء الخلافة" وإضافة إلى ذلك، تريد تسهيل عملية إغلاق الأماكن أو الجمعيات التي تبث خطابات تمييزية أو تحض على الكراهية والعنف، وتدعو أيضاً إلى عدم تجديد الاتفاقات الموقعة مع دول أجنبية لتدريب الأئمة الذين يعتزمون الوعظ في فرنسا، في إشارة لوقف جلب الأئمة من تركيا وبعض دول المغرب العربي. وتُعرب عن الرغبة في زيادة الرقابة على المدارس غير المرتبطة باتفاقات مع الدولة وعلى ارتفاع عدد الطلاب الذي يتلقون تعليمهم في المنزل. وكان مركز أبحاث ليبرالي في فرنسا، نشر العام الماضي تقريرا، بتكليف من الرئاسة الفرنسية، يتضمن مقترحات للتصدي لـِ”صناعة الإسلاميين”، وذلك من خلال هيكل يكلف بتنظيم وتمويل ممارسة الديانة الإسلامية في فرنسا ومكافحة أكبر للخطاب السلفي على شبكات التواصل الاجتماعي. ونشر تقرير معهد مونتاني في خضم نقاش عام حول تنظيم ممارسة الديانة الإسلامية في فرنسا وذلك بهدف إصلاح ممارسة ثاني ديانة في البلاد، مُعبرا عن مخاوف إزاء انتشار الأفكار الإسلامية المتطرفة عبر الإنترنت. وعنون التقرير “صناعة الأسلمة” وعدّد منها “مصانع إنتاج الأسلمة” كتنظيم الإخوان المسلمين في مصر، ومصنع “إسلامي في تركيا”، إلى إيران بعد ثورة 1979، وغيرها من التنظيمات ذات الفكر المُتطرف. ومنذ الأحداث الإرهابية الكبرى التي وقعت في العاصمة الفرنسية في نوفمبر 2015، تضاعفت رغبة الحكومة للسيطرة على تمويل وتوجّهات وإدارة المساجد على أراضيها، والعمل على إبعاد المُتشدّدين والمُتبرعين من أصحاب الأجندات الخفية، الذين يُغذّون الفكر المُتطرف من مبدأ التمويل مقابل التأييد والتنفيذ. ويشير مراقبون إلى ضرورة مراقبة مصادر تمويل بعض المساجد والمدارس القرآنية التي تنشر الفكر الأصولي، والتي نجحت بالفعل في دمغجة الشباب سواء الفرنسي أو غيره وهو ما كانت له تداعيات خطيرة تتمثل في الهجمات التي ضربت نيس وباريس وغيرهما من المدن الفرنسية. وكانت فرنسا أعلنت مراراً أنها لا ترغب في توظيف أئمة مساجد من تركيا والمغرب والجزائر، وقررت خصوصا تخفيض عدد الأئمة القادمين إليها من تركيا، كما رفضت الحكومة الفرنسية افتتاح مدارس دينية تركية في البلاد.
مشاركة :