عاطف الغمرى هناك احتمال كبير لاندفاع الولايات المتحدة والصين نحو حرب في المستقبل، ستكون أكثر حدة من الصراع الأمريكى السوفييتي من قبل أن تتفجر كارثة وباء كورونا، كان الشغل الشاغل لكثير من المحللين السياسيين في الغرب الإجابة عن هذا السؤال: إلى أي منحدر ينزلق الصراع الأمريكي الصيني؟ وكان لافتاً ما قاله بول هانيل المستشار العسكري السابق لشؤون آسيا لكل من الرئيسين جورج بوش وباراك أوباما.. من أننى كلما تحدثت إلى رجال وزارة الدفاع حول هذا الموضوع، فإنهم يقولون: نحن لم نعد نناقش ما إذا كانت الصين عدواً أم لا.. ويضيف هانيل: كان يبدو عليهم أنهم يستعدون لحرب. وإذا حدثتهم عن التعاون فإنهم ينظرون إليك وكأنك رجل ساذج. وكانت لهنري كيسنجر وجهة نظر مهمة، ففي نوفمبر 2019 زار الرجل الصين للمشاركة في «منتدى الاقتصاد القادم»، وهناك حذر من أن الولايات المتحدة والصين تقفان على عتبة حرب باردة. وقال إن الصراع بينهما يمكن أن يكون أسوأ من صراع الحرب العالمية الأولى، لو أننا تركناه دون أن نقيد حركته. وإن مما يزيد من هذا الصراع في الوقت الحالي، التوترات الناتجة في السنوات القليلة الماضية بشأن التجارة، والتنافس على تحديد قواعد جديدة للنظام الدولي. وأمام التحول في سياسة الدولتين من المشاركة إلى التنافس والاحتواء، يرى البعض أمثال كيرتس تشين، الخبير الآسيوي في معهد ميلكين الأمريكى، أن ذلك قد يدفع العلاقة نحو الصدام. ويشير إلى هذا الاحتمال الجنرال أيك تيري الأستاذ في جامعة ستانفورد، محذراً من احتمال وقوع حادث عسكري، أو سوء تقدير من القوات المسلحة للبلدين، مثلما حدث في عام 2018 من تصادم بين مدمرة صينية وسفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية في بحر الصين الجنوبي. أي أن سوء التقدير يمكن أن يقود إلى تصعيد الصراع. هذا الوضع أدت إليه استراتيجية الرئيس ترامب بالإعلان أن الصين هي منافس استراتيجي، وبالتبعية عمل على تصعيد الحرب التجارية مع الصين، التي وصفها بعض الخبراء بأنها حرب باردة جديدة وأن الخروج من هذه الدائرة يتطلب توصل الدولتين إلى حل وسط يخرجهما من دائرة تنافسية المصالح إلى توازنها، من أجل تفادي حدوث مواجهة لن تكون في مصلحة أي منهما. وفي الظروف القاسية لأزمة كورونا التي تجر العالم كله نحو أزمة صحية، وسياسية، واجتماعية، ومالية، فإن ذلك يستدعي التراجع عن مبدأ التنافس الإستراتيجي، وهو بدوره يتأسس على معنى الصراع، لأن هذا التنافس قد يكون أشد خطورة من الحرب الباردة. لكن خلافاً ظهر بين الخبراء المختصين حول المدى الذي يمكن أن يصل إليه الصراع الأمريكي الصيني حيث يرى البروفيسور جون مارشمير خبير العلاقات الدولية في الجامعات الأمريكية أن الاحتمال كبير في اندفاع الولايات المتحدة والصين نحو حرب في المستقبل، ستكون أكثر حدة من الصراع الأمريكي السوفييتي أثناء الحرب الباردة. وهو قال في حوار أمام المنتدى الذي نظمته مطبوعة «ناشيونال إنترست» في واشنطن إن الولايات المتحدة ستواجه تحدياً هائلاً في آسيا، إذا ما واصلت الصين الصعود اقتصادياً. وحسب هذا السيناريو فمن المحتم حدوث اشتباك بينهما، وإن كان قد حرص على إيضاح أنه لا يقصد حرباً مسلحة بالمعنى الحرفي للكلمة، لكنها ستكون حرباً بوسائل أخرى متنوعة. وإن كان الخبيران الأمريكيان في الشؤون الصينية أندرو شينج وتيو جانج، يريان أن أفضل وصف للصراع الراهن بين الدولتين هو Cool War، أي الحرب الباردة باعتدال، أو الحرب الهادئة. الصورة كما تبدو تتداخل فيها الخيوط الآن، وفي إطارها تظهر وجهة نظر مضافة، يرى أصحابها أن مأساة فيروس كورونا، قد أربكت الحسابات السياسية والإستراتيجية لدى الدولتين، والعالم أجمع، ما قد يدفعهما إلى رؤية تستوعب معنى توازن المصالح قبل التنافسية والصراع من أجلها. يبقى الآن إيجاد طريق بعيداً عن حرب باردة جديدة. فالبعض يتساءلون.. هل يوجد ما يغير من اندفاع ترامب نحو المواجهة؟ من يطرحون السؤال في أمريكا يقولون إن ثلثي تعداد الأمريكيين لديهم نظرة للصين تميل إلى المحافظة على حسن العلاقة، وإن احتمال فوز الديمقراطيين في انتخابات الرئاسة المقبلة سيعزز وجهة النظر هذه، لأن ترامب يريدها حرباً باردة لإبعاد النظر عن اتهامات الديمقراطيين له.
مشاركة :