استهلّ اتحاد كتاب وأدباء الإمارات أمس الأول ملتقاه الافتراضي الأول للقصة والرواية «ما لم يقله الراوي» دورة مريم جمعة فرج بندوة استذكارية لشخصية الملتقى القاصة والكاتبة الصحفية الراحلة مريم جمعة فرج، تحدث فيها عدد من النقاد، متناولين منجزها الإبداعي في التعبير عن هموم وقضايا المرأة الإماراتية والخليجية في فترات سابقة، كما عرضوا لجهودها الأدبية في الصحافة والترجمة، متمثلين بنماذج من مجموعاتها القصصية. وشارك في الندوة التي أدارتها الكاتبة والأديبة نجيبة الرفاعي، كلٌّ من القاص والكاتب إبراهيم مبارك، والناقدة والشاعرة الدكتورة أمينة ذيبان، والقاص والكاتب عبدالرضا السجواني، مسلطين الضوء على الجوانب الإنسانيّة والثقافية والمشروع الإبداعي المبكّر الذي تبنّته وعملت لأجله، واستحقاقها التكريم كقاصّة لم تكن لتسعى وراء الشهرة بقدر ما كان هاجسها توصيل رسالتها المجتمعية في مخاطبة عقل المرأة ووجدانها والرقي بفكرها، بما يحقق لها شخصيّتها التي تنطوي على الكثير من القضايا والطموحات. وتحدثت الدكتورة أمينة ذيبان عن لغة الكاتبة الحوارية التي دخلت بها عالم الأدب، متناولةً مجموعة «عبّار»، ومرحلة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، قارئةً التركيب النفسي والثقافي والاستعداد الفطري لأن تتناول الراحلة قضايا المرأة بجرأة وموضوعية تعلن فيها عن نفسها. وعرضت الدكتورة ذيبان لمفاهيم «الأنوثة» و«النسوية» والرؤية الفكرية غير العنصرية التي أسبغتها على شخصياتها القصصية نحو المزيد من التطوّر، متمثّلةً بمجموعة «فيروز»، واصفةً النسيج السردي لدى مريم فرج بأنّه يعتمد التكثيف، ويتخلّى عن النفس الطويل في كتابة الرواية. كما أكّدت جديّة القاصة في الإعلاء من شأن المرأة عبر شخوصها في قصة «رقص الفناجين» مثلاً التي كتبتها بعد وفاة والدتها، ما يعني تأثّرها العميق ومشاعرها التي صاغتها إبداعياً في هذا المجال. ورأى القاص إبراهيم مبارك أنّ مريم فرج كانت مختلفةً ومهجوسة بما تبحث عنه وتتقصاه وتطرقه من قضايا المرأة الاجتماعية في مفاصل حيوية، فكان أن أعلنت نفسها في الثمانينيات والتسعينيات، وانتقد مبارك الكتابة الأنثوية أو النسوية تحت أسماء مستعارة، داعياً إلى مواجهة حقيقية مع الذات والمجتمع، ومتحدثاً عن غلبة الشهرة على المضمون والرسالة لكثير من الأدباء في ظلّ تقنيات التواصل الاجتماعي الحديثة. كما تحدث مبارك عن النص القصصي لمريم فرج، الحاصلة على بكالوريوس الترجمة مبكراً، في ثقافة هذا النصّ وتكثيفه واستفادته أيضاً من النصوص الأجنبية، وتحديداً الإنجليزية، في تقنيات عدم الإطالة والإسهاب الذي ربما يعاني منه السرد لدينا في عالمنا العربي. وتحدث القاص عبدالرضا السجواني عن فترة منتصف الثمانينيات، مقدّماً شهادةً إبداعيّة عن حضور القاصة مريم فرج لدى كلّ شرائح المبدعين والكُتّاب، مركّزاً على جانب الوعي واشتغال المبدعة على ذاتها من خلال ثقافتها ومنجزها منذ البدايات ولاحقاً، باعتبار الأديبة الراحلة كانت تدرك وعن بصيرة مضامين عملها الإبداعي ورسالته التنويرية، كما تحدث عن عملها في صحيفتي «البيان» و«الاتحاد»، وتوسيع رؤيتها وأفكارها من خلال مشروعها في ترجمة الأدب العالمي البريطاني، وقال إنّ ذلك جعلها تلبي عنصر التجريب في الكتابة ومواكبة العصر، خاصةً في مجموعة «فيروز»، واشتغالها الإبداعي على ثنائيّة الماء والنار.
مشاركة :