القاهرة - آلت المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة برعاية الاتحاد الأفريقي إلى الفشل وذلك بسبب عدم التوصّل إلى اتفاق لحل النزاع. وأعلنت إثيوبيا الثلاثاء عدم التوصّل إلى اتفاق مع مصر بشأن سد النهضة رغم تحقيق تقدم في المفاوضات بحسب ما جاء في تغريدة لوزير المياه والري والطاقة الإثيوبي سيليشي بيكيلي. وقال بيكيلي إن المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة التي عقدت خلال الأيام الـ11 الماضية بحضور 11 مراقبا وخبيرا انتهت الليلة الماضية وأنها لم تفض إلى أي اتفاق يحدث انفراجا في الأزمة. وأكد وزير الري الإثيوبي “نعدّ اليوم تقارير إلى الاتحاد الأفريقي وزعمائنا”، متوقعا استمرار المفاوضات، دون ذكر زمن محدد. ويرى مراقبون أن الفشل في تقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث سيفضي إلى المزيد من الخلافات الجديدة ما قد يدفع مجددا القاهرة للتمسك برفع الملف مرة أخرى إلى مجلس الأمن في ظل ما تعتبره الأوساط المصرية مواصلة أديس أبابا نهج سياسة التعنت. ودخل عامل جديد مباشرة عقب نهاية المفاوضات من شأنه أن يغذي النزاع خاصة بين القاهرة وأديس أبابا، حيث كشفت وكالة “أسوشيتد برس” أن إثيوبيا بدأت في ملء خزان سد النهضة. وبحسب الوكالة الأميركية أظهرت صور التقطتها أقمار صناعية، بدء ملء خزان سد النهضة الإثيوبي بالمياه. وتأتي هذه الخطوة بعدما قالت أديس أبابا في وقت سابق إنها ستمضي في خطة الملء خلال الشهر الجاري، حتى وإن لم تتوصل إلى اتفاق مع القاهرة. وأوضحت “أسوشيتد برس” أن الصور رصدتها وكالة الفضاء الأوروبية بتاريخ 9 يوليو الجاري، فيما رجح محللون أن تكون تلك المياه ناجمة عن هطول أمطار موسمية، مستبعدا أي دور للحكومة الإثيوبية في ذلك. وقال ويليام دافيسون، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إنه من المرجح أن يكون الامتلاء الذي رصدته الصور “تراكما طبيعيا للمياه خلف السد خلال موسم الأمطار”. وأضاف “لا يوجد حتى الآن أي إعلان رسمي من إثيوبيا بأنه تم إكمال جميع عمليات البناء اللازمة لإغلاق كل المنافذ والبدء بتجميع المياه في السد”. وتطرح هذه الخطوة إن أقدمت عليها بالفعل إثيوبيا تساؤلات كثيرة في الشارع المصري عن الخيارات المتاحة الآن أمام القاهرة التي يقول الكثير من المحللين إنها ستلجأ مجددا لمجلس الأمن. ويقول مراقبون، إن أديس أبابا تمكنت طيلة المفاوضات من ربح المزيد من الوقت لتنفذ تأكيد آبي أحمد رئيس الوزراء الإثيوبي مرارا عزمه على ملء خزان سد النهضة في المواعيد التي قررها حتى دون الاتفاق مع مصر والسودان. وكانت وزارة الموارد المائية والري المصرية، قد أصدرت بيانا استعرضت فيه نتائج المفاوضات، التي شارك فيها وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا، إضافة إلى مراقبين من الولايات المتحدة والاتحادين الأوروبي والأفريقي. وأكد البيان “في نهاية الاجتماع اتفق الوزراء على قيام كل دولة برفع تقريرها النهائي عن مسار المفاوضات الثلاثاء إلى جنوب أفريقيا، بوصفها الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي، تمهيداً لعقد القمة الأفريقية المصغرة”. وأضاف أن “اجتماعات اللجان الفنية والقانونية من الدول الثلاث عقدت بغرض الوصول إلى تفاهمات بشأن النقاط العالقة (لم يوضحها) في المسارين”. وكشفت القاهرة أن استعراض مناقشات اللجان الفنية والقانونية، عكست استمرار الخلافات حول القضايا الرئيسية بشأن قواعد ملء وتشغيل سد النهضة. وتقول الكثير من المصادر السياسية في مصر إن الوساطة الأفريقية برئاسة جنوب أفريقيا لم تقدر على حل الأزمة وتشدد على أن طول المفاوضات دون الخروج بنتائج ملموسة يؤكد العجز عن فض النزاع داخل إطار داخلي أفريقي. ويقول متابعون إن وساطة جنوب أفريقيا أسهمت في منح إثيوبيا هامشا كبيرا للمناورة، لكنها منحت أيضا الفرصة لمجلس الأمن الدولي ليواصل النظر في الأزمة بعدما لجأت إليه مصر الشهر الماضي وبعدما عادت القضية إلى المربع الأول. وفي 3 يوليو، تم استئناف الاجتماعات الثلاثية، عبر تقنية الفيديو، بين وزراء المياه من الدول الثلاث، لبحث التوصل إلى اتفاق بشأن ملء وتشغيل السد، وذلك برعاية الاتحاد الأفريقي. وتتمسك إثيوبيا بملء وتشغيل السد خلال يوليو الجاري، فيما ترفض مصر والسودان إقدام أديس أبابا على هذه الخطوة قبل التوصل إلى اتفاق. وتخشى مصر من المساس بحصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتطالب باتفاق حول ملفات، بينها أمان السد، وتحديد قواعد ملئه في أوقات الجفاف. فيما تقول أديس أبابا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر والسودان، وإن الهدف من بناء السد توليد الكهرباء وتنمية بلادها.
مشاركة :