الوساطة الأفريقية تفشل في تسوية أزمة مالي السياسية | | صحيفة العرب

  • 7/25/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتجه الأزمة السياسية في مالي نحو المزيد من التعقيد بعد فشل الوساطة الأفريقية في تحقيق أي اختراق بين الفرقاء يمكن البناء عليه لتجاوز الخلافات القائمة. ففي حين تطالب المعارضة باستبعاد الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا كشرط أي تسوية سياسية، يبدو الأخير مستعدا لتقاسم السلطة مع معارضيه وهو مقترح يدعمه الأوروبيون والأميركيون. باماكو – تسعى دولة مالي المضطربة للحفاظ على استقرار سياسي بعد أن فشلت جهود وساطة من قبل مجموعة من رؤساء دول غرب أفريقيا في تسوية الخلاف بين المتنافسين، فيما يخشى حلفاء مالي الأفارقة والأوروبيون والأميركيون على حد السواء وجود عنصر آخر مزعزع للاستقرار في بلد يواجه الجهاديين وسلسلة من التحديات وسط منطقة غير مستقرة. وقاد رؤساء السنغال ماكي سال، وساحل العاج الحسن واتارا، والنيجر محمدو إيسوفو، ونيجيريا محمدو بوهاري، وغانا نانا أكوفو – أدو الوساطة إلى جانب رئيس نيجيريا السابق، جودلاك جوناثان في العاصمة باماكو. والتقت المجموعة أولا برئيس مالي إبراهيم أبوبكر كيتا، وأعقب ذلك محادثات مع ائتلاف من جماعات المعارضة، التي تطالب باستقالة كيتا، لكن لم يرغب أي من الأطراف في تقديم تنازلات، مما أدى إلى توقف الوساطة. وتأتي جهود الوساطة بعد أسابيع من احتجاجات مميتة قتل خلالها العشرات، حيث يتهم عشرات الآلاف من أنصار المعارضة كيتا بممارسة التخويف على نطاق واسع وشراء الأصوات خلال انتخابات برلمانية مثيرة للجدل أجريت في أبريل الماضي، مما أعطى إدارة كيتا أغلبية قوية. ويواجه الرئيس كيتا الذي يحكم مالي منذ 2013 حركة احتجاج في الشارع منذ يونيو. ويعبر المحتجون عن استيائهم إزاء العديد من الأمور في واحدة من أفقر دول العالم، بدءا من تدهور الوضع الأمني إلى عجز السلطات عن وقف العنف في البلاد والركود الاقتصادي وفشل خدمات الدولة والفساد في عدد من المؤسسات. وأضيف إلى هذه الأزمات قرار المحكمة الدستورية بإلغاء نتائج نحو 30 مقعدا في الانتخابات التشريعية التي انعقدت في أبريل. وفي 10 يوليو تطورت ثالث تظاهرة كبرى في البلاد ضد السلطة بدعوة من حركة 5 يونيو إلى ثلاثة أيام من الاضطرابات الدامية في باماكو، كانت الأسوأ في العاصمة منذ انقلاب 2012. ورفضت المعارضة المالية الأحد التنازلات التي قدمها كيتا بهدف حل الأزمة السياسية وقالت إنها لن تقبل بغير تنحيه عن الحكم. وأعلن كيتا في كلمة السبت حل المحكمة الدستورية وأنه يتجه إلى إعادة جانب من الانتخابات التشريعية المثيرة للجدل. وقال متحدث باسم تحالف المعارضة نوهوم توجو إن التحالف يرفض الاقتراح، مؤكدا “لن نقبل هذا الهراء، نطالب باستقالته بوضوح”، حيث يضم التحالف زعماء سياسيين ودينيين وقادة منظمات أهلية. وتثير الأزمة السياسية الحالية في مالي التي يشهد قسم واسع منها أعمال عنف جهادية أو نزاعات محلية، قلق حلفائها والدول المجاورة التي تخشى أن تغرق البلاد في الفوضى. وفي آخر أحداث العنف، قتل جندي فرنسي وأصيب اثنان آخران الخميس في هجوم بعربة مفخخة في شمال مالي، على ما أعلنت الرئاسة والجيش الفرنسيان. وكانت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا طرحت الأحد، توصياتها للخروج من الأزمة عبر مفاوضها الرئيس النيجيري الأسبق جوناثان، ونالت دعم الاتحاد الأفريقي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وقال مصدر مقرب من المفاوضات إنّ الرؤساء الخمسة سيسعون إلى “تعزيز” الجهود الدبلوماسية السابقة و”التوصل” إلى اتفاق. وغرّد المبعوث الأميركي الخاص إلى منطقة الساحل بيتر فام على مواقع التواصل الاجتماعي قائلا إن “حوادث باماكو تثير القلق”، مضيفا أنّ “أيّ تغيير حكومي خارج أطر الدستور غير وارد”. واعتبر مركز الدراسات “أي.أس.أس” في باماكو، في تقرير بحثي نشره الخميس أنّه “يتعيّن على الرؤساء الخمسة أن يثبتوا أنّ المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا ليست نقابة لرؤساء الدول الذين يتعاونون في ما بينهم ويحمون أنفسهم”. وأضاف المركز البحثي أنّ “توزيعا للمناصب على قاعدة نسب مئوية لكل فئة من الأطراف لا يكفي للتعامل مع التطلعات العميقة للسكان، إنّ البحث عن مخرج يجب أن يأخذ بعين الاعتبار الحاجة إلى تحسين يوميات الماليات والماليين”. وتنص خطة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا على تعيين سريع لمحكمة دستورية جديدة لتسوية الخلاف المتعلق بالانتخابات التشريعية وكذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية. وتلقى معسكر الرئيس خارطة الطريق بإيجابية لكن حركة 5 يونيو رفضتها حتى الآن، فيما تشير مصادر قريبة منها إلى ظهور توتر في صفوفها بين “صقور” يصرّون على استقالة الرئيس و”حمائم” أكثر توافقية. وفي حال عدم قبول مطلبهم بإسقاط الرئيس، وهو “خط أحمر” بالنسبة للمجموعة الدولية، فإن المعارضين يمكن أن يقبلوا في نهاية المطاف بالانضمام إلى الحكومة كما قال مصدر التقى مختلف الأطراف. واعتبر أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة باماكو بريما ديكو أنّ ما يجري التفاوض بشأنه يدور حول “استقالة رئيس الوزراء”. وأضاف ديكو أنّ الحراك الاحتجاجي “مضطر إلى مواصلة الضغوط من أجل الحصول على شيء ما”. ورأى دبلوماسي أنّ المعارضة التقليدية “ضعيفة” منذ خطف زعيمها إسماعيل سيسيه في نهاية مارس على أيدي جهاديين.

مشاركة :