تأجيل اتفاق التجارة الحرة يصيب دول جنوب الصحراء الأفريقية في مقتل

  • 7/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

حل وباء كورونا (كوفيد- 19) كالصاعقة على اقتصادات دول جنوب الصحراء الأفريقية، ليقضي على النزر القليل الذي تشارك به في منظومة التجارة العالمية بانقطاع روابطها التجارية مع الصين وأوروبا وأمريكا الشمالية، وهو ما دفع خبراء إلى القول إنه لا مفر لتلك المنطقة المهمشة تجاريا وعالميا سوى بالتكامل الإقليمي، وإن تحرير التجارة بات قضية أكثر إلحاحًا عن ذي قبل.وفوجئ المراقبون بإعلان الاتحاد الأفريقي، خطته لإرجاء "الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة" AfCFTA ، بدلًا من الإسراع بخطى تنفيذ الاتفاقية التي تُعد من أكثر مشروعات التجارة الحرة طموحًا على وجه الكرة الأرضية، إذ تستهدف إزالة جوهرية للقيود التجارية بين 54 دولة أفريقية بناتج محلي إجمالي يتجاوز 4ر3 تريليون دولار، وتعزيز آفاق التعاون التجاري والاقتصادي للقارة التي يزيد تعدادها على 3ر1 مليار إنسان.كان من المقرر بدء المرحلة الأولى لنقاش القواعد واللوائح وصياغتها، تمهيدًا لإطلاق الاتفاقية القارية في الأول من شهر يوليو الجاري، على أن تبدأ المرحلة الثانية للنقاشات حول الاستثمار والمنافسة والملكية الفكرية وتنتهي بحلول يناير من العام المقبل 2021.يؤكد خبراء أفارقة ودوليون أن منطقة جنوب الصحراء الأفريقية والقارة بأكملها في أمس الحاجة إلى تفعيل اتفاقيات التجارة الحرة وإزالة القيود التجارية عبر البلدان الأفريقية والاستفادة من مردوداتها الإيجابية على التجارة والاقتصاد القاري، مشيرين إلى أنه لا شك أن هناك المزيد من الأعمال والإجراءات التي يمكن، بل يتعين مواصلتها وعدم النكوص عنها، برغم تفشي وباء "كوفيد- 19"، فـ"الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة" AfCFTA ينبغي النظر إليها بوصفها عملية متصلة وليست مجرد حدث.على صعيد المردود الإيجابي المرتقب، يستحضر الصحفي ديفيد هيمبارا - في تقرير نشرته مجلة "أفريكا ريبورت" - ما أشارت إليه المساعدة السابقة للممثل التجاري الأميركي للشؤون الأفريقية، فلوريزيل ليسر، أنه إذا تمكن الأفارقة من زيادة نصيبهم في التجارة العالمية من 2 في المائة إلى 3 في المائة، فإن تلك الزيادة بنسبة لا تزيد على 1 في المائة فقط، ستدر دخلًا إضافيًا لقارة أفريقيا بأكملها يصل إلى 70 مليار دولار، "وهو مبلغ يزيد بواقع ثلاث مرات على إجمالي المساعدات التنموية التي تحصل عليها أفريقيا من العالم بأسره.وبدلًا من قرار إرجاء الاتفاقية، قال هيمبارا - في تقريره - "بدلًا من قرار تأجيل الاتفاقية، كان يجب على الاتحاد الأفريقي مواصلة نقاش بنودها وإقرارها، والإسراع في إنهاء المهام الدقيقة المتعلقة بقواعد المنشأ الصناعي لاتفاقية التجارة الحرة الأفريقية وغيرها من البروتوكلات الاستراتيجية التي يجب ألا تتوقف عن العمل، كما أن سكرتارية الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة، التي تعمل حاليًا بصفة مؤقتة خارج (أديس أبابا) يجب عليها الاستمرار في تعيين طواقمها، والبدء في العمل من مواقعهم عن بعد".وكان صندوق النقد الدولي كشف - في تقرير له صدر في يونيو الماضي حول آفاق النمو الإقليمي - أن منطقة دول جنوب الصحراء الأفريقية تأثرت بصورة حرجة بوباء فيروس كورونا، غير أن المؤسسة بدت صامتة ولم توجه أي دعوات لزعماء المنطقة بالعمل على إعادة هيكلة اقتصاد بلدانهم.وذكر تقرير المؤسسة المالية الدولية أن وباء (كوفيد- 19) تسبب في خسائر فادحة لاقتصادات بلدان جنوب الصحراء وأدى إلى طمس 10 سنوات من التحسن في التنمية الاقتصادية، فضلًا عن انزلاق 26 مليون في هوة الفقر المطلق خلال عام 2020، متوقعًا أن يرتفع العدد إلى 39 مليونًا إذا ساءت الأوضاع الاقتصادية.وتقول التوقعات إن معدلات النمو الاقتصادي في المنطقة ستشهد هبوطًا في معظم البلدان التي تعتمد في اقتصادها على السياحة وحوافر بيع الموارد الطبيعية، بينما النمو سيقترب من الثبات في البلدان التي لا تعتمد على الموارد، وتشير الأرقام أن بلدان المنطقة باستثناء دولتين، ستشهد تراجعًا في نصيب الفرد من الدخل الحقيقي بنسبة تتراوح بين 1ر0 و15 في المائة.وكانت العديد من دول المنطقة، البالغ عددها 29 دولة، قررت فتح حدودها ورفع الإغلاق قبل بلوغ وباء كورونا ذروته فيها، وهو ما يرفع مستويات المخاطر بأن تتعرض أنظمتها الصحية لضغوط يصعب احتمالها.وأمام الصعوبات التي تعانيها المنطقة، بادرت المؤسسات المالية الدولية بتقديم مساعدات للدول الأكثر احتياجًا في منطقة جنوب الصحراء الأفريقية بلغت حتى منتصف يونيو الماضي 1ر10 ملياردولار، وهي مبالغ يراها المراقبون غير كافية، إذ أن التقارير تؤكد أن بلدان أفريقيا لا زالت بحاجة إلى تمويلات ضخمة تقدر بنحو 110 مليارات دولار في عام 2020 وحده.ويسلط تقرير "أفريكا ريبورت" الضوء على أهمية أن يبادر صندوق النقد الدولي والزعماء الأفارقة إلى بدء جولة نقاش نشطة وفعالة لتشجيع التجارة مع القارة وبداخلها والبحث عن مجالات جديدة لتعزيز النمو، مشددًا على أهمية التمويل والمساعدات الطارئة التي يقدمها صندوق النقد الدولي أو مجموعة دول العشرين، و يستدرك.. قائلًا "لا ينبغي أن تكون المساعدات هي الغاية في حد ذاتها، فالإصلاحات الهيكلية ضرورية لتحفيز التنافسية، وفوق كل ذلك لا ينبغي إرجاء الاتفاقية القارية الأفريقية للتجارة الحرة".

مشاركة :