هند العربي تكتب: خليك في حالك

  • 7/15/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

"بلينا بقوم يظنون بأن الله لم يهدي سواهم"، قالها ابن سينا.. استكمالا لما كتبناه في مقالنا السابق، عُراة الفكر والدين، والذي تحدثنا من خلاله عن خطورة الفتاوي التي يطلقها بعض المشايخ من خلال حسابهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بخصوص ظاهرة التحرش وما سيترتب عليه من نتائج وخيمة، سنظل عاجزين امامها وعلي السيطرة عليهم.و ها هي النتائج والسلبيات تهل علينا من كل جانب وتتزايد يوما بعد يوم، وكانها "ماسورة" تحرش لم تُغلق بعد، وكأن ذلك المتحرش حصل علي تصريح يحق له ان يستخدمه إبان اي فتاة، به ينتهك عرضها او جسدها في اي وقت، ومن مشايخ الـ "بدي بلدنج " مفتولي العضلات و مستعرضين القوة علي الفتيات والنساء، إليّ مريدين هولاء.  سبق وان تعرضن بنات الفنان شريف منير التحرش اللفظي واللاتي يبلغن اعمارهن ١١ و ١٣ عام  تقريبا، انقلبت عليهن الدنيا ولم تهدأ بسبب ملابسهن بعد ان نشر منير صورة تجمعه بهما، كما تعرضت ابنة لاعب النادى الأهلي عمرو السولية للتحرش اللفظي بعد نشر عمرو صورة برفقة ابنته ليلي التي تبلغ من العمر٣ سنوات ونص عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي انستجرام معلقا عليها :"كل شيء بالنسبالي، والتي قُبلت بتعليقات غريبة الشكل من عدد من متابعيه، الذين رأوا أن ملابس الطفلة ذات الـ ٣ سنوات ونصف غير محترمة، وحينها قال السولية أنه سيتقدم ببلاغات ضدهم. حتي الفنان هشام سليم لم يسلم هو الآخر بسبب ابنته نور المتحولة جنسيا التي خضعت لعملية وتحولت لشاب، رغم ان "الأب” اعلن موافقته وشجعها الا انه تعرض للاذي النفسي بسبب الكثيرين الذين جعلوا من قصة ابنته مادة سمينة علي طاولة النقاش بين مؤيد ومعارض وحلال وحرام، و بصرف النظر عما فعلته "نور" صح او خطا، فلن اتطرق في الحديث عنه الآن، وجميعنا حسابنا عند الله.فكل ما اود ايضاحه كالتالي: كل هؤلاء تعرضوا للاذي النفسي والداخلي بسبب التحرش، وما زال هناك العديدات من البنات والسيدات ممن يتعرضن للتحرش يوميا بكافة انواعه سواء كان بالملس او الاشارة او اللفظ، وكل ذلك نتيجة فتاوي مشايخ "الشو الاعلامي والسبوبة"، والاراء المتعصبة التي ترمي الحمل علي النساء فقط دون المتحرش، وبطبيعة الحال يسير علي خطاه العديد من معدومي النخوة والضمير والاخلاق والتربية والدين، واصحاب النفوس المريضة، والسؤال اذا ما هو المطلوب ..! هل المطلوب ان نغرس وجوه البنات في الرمال في عملية إبادة جماعية، او نحجر علي البعض نشر صور لبناتهن واولادهم خوفا من ايذائهم بالتحرش او التنمر مثلا .. او من الافضل ان نلغي تاء التأنيث من قاموس حياتنا ارضاءا لهولاء ! ولكن العيب ليس في لباس البنات والسيدات، والسبب بسيط .. كنا آدميين اكثر قبل  ظهور مشايخ الشو، الذين يقيمون الحد علي المراة ويلتمسون الاعذار للمجرم.فنيًا... انظر الي فاتنات السينما المصرية الانيقات، كيف كان مظهرهن وجمالهن، امثال الفنانة صباح وشادية، والسندريلا سعاد حسني وفاتن حمامة، وغيرهن من الفنانات.و في الخمسينات والستينات، وقبل انتشار الفكر الوهابى المنغلق فى مصر، كانت النساء ترتدى الجيبونه والفساتين القصيرة من خمسينات القرن الماضى حتى بداية الثمانينيات، ولعل ألبوم صور أقاربنا من النساء فى تلك الفترة خير دليل، و الفساتين القصيرة التي كانت تسيطر علي موضة الشارع المصري انذاك، و السيدات لا كُن محجبات او منتقبات ومع ذلك لم نسمع عن ظاهرة التحرش علي الاطلاق ولا تشتكي الفتيات من الشباب لان الاخلاق والاداب والسلوك الصحيحة كانت تسير بشكل سليم بين الأشخاص في المجتمع ، فكانت سمة "النخوة" والرجولة و شهامة ولاد البلد هي السائدة، و منذ عام 1920 وحتي أوائل 2000 لم يتم رصد شكاوي بين الفتيات في الجامعات في هذا الشأن، ولكن مع تطور العصور و دخول عصر الانترنت والسوشيال ميديا جعل الشباب يفعلون جميع الأعمال المكروهة التي تدمر المجتمع والآخر منهم يعتقد أن ذلك تلقيدا لما يفعله الدول الأوربية، ولكن بطبيعة الحال المجتمع الشرقي يختلف عن جميع المجتمعات نظرا لارتباطه للقواعد والتقاليد والأعراف الاجتماعية التي نشأ عليها.و حاليا.. ظاهرة التنمر والتعدي علي حياة الآخرين أصبحت منتشرة بنسبة 80% وتوحشت بقوة خلال هذه الفترة، و الذي بسببها انتحر الكثير، و البعض الاخر اضطر الي الهروب للخارج بسبب ايذائهم نفسيًا و معنويًا، فقد وصل بِنَا الحال إلي مرحلة تدني كبيرة في الأخلاق والقيم الإنسانية، وإنهيار كافة العلاقات الإنسانية واصبحنا دائما نعتمد علي إيذاء الآخرين و التنمر والتحرش بهم حتي وصلنا الي التحرش بالأطفال.قانونيًا .. لم تعد عقوبة التحرش كافية، حيث تنص المادة 306 مكرر (أ) تنص على"يعاقب المتهم فيهل بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنيه، و لا  تزيد على خمسة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية، ولكن نحتاج الي سن تشريع يغلظ عقوبة التحرش، وقوانين تضرب بيد من حديد، للحد من معدلات جرائم التحرش الجنسي.  و في النهاية.. بات لزامًا علينا اليوم الاعتراف بأننا أمام ازمة حقيقية تنتشر وتتوغل وتتغلغل داخل المجتمع كالهشيم في النار، وان لم نتصدي لها ستكون النتايج وخيمة، ولمواجهة ظاهرة التحرش والتنمر نحتاج الي نشر الوعي لدي الشباب، ومخاطبتهم بعين العقل والدين، فعلي الدعاة والدين دورا كبيرا من خلال نشر التوعية الدينية الصحيحة لهولاء الشباب حتي نحد من هذه الظاهرة التي اخترقت البيوت المصرية، وعرضت افرادها التي يقع عليها التحرش الجسدي والنفسي لازمة كبيرة، و التصدي لمشايخ السبوبة، و تعديل القانون و تغليظ عقوبة التحرش التي توحشت بقوة في المجتمع.و المضي قدمًا نحو تغيير السلوك و احترام خصوصية الغير، و عدم التدخل في شئون الآخرين، وان نعي جيدا ان لكل انسان مطلق الحرية  في شكل حياته طالما لم يخالف القانون ولم يتعد علي حرية الاخر، نحتاج من كل فرد ان ينشغل في امره تاركا امور وشئون الاخرين، نحتاج دائما الي تذكير بعضنا: " خليك مؤدب وخليك في حالك"، يا مؤمن " دع الخلق للخالق"..!

مشاركة :