هند العربي تكتب: «المتلونون» على كل شكل ولون!!!

  • 2/4/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

"المُتَلَوِّنٌ" عرف في المعجم : بَالحِرْبَاءِ، أي مَنْ لاَ يَثْبُتُ عَلَى حَالٍ، مُتَغَيِّرٌ".والمتلونون هم فئة من الناس تزينوا بالزيف والكذب والخداع والنفاق على كل شكل ولون لا يميزون بين ليلة وضحاها، فالتلون يجري في شيريانهم مجرى الدم.لم أر في حياتي مثل هذا الكم الوفير من هؤلاء المتلونين، خاصة في تلك الأيام الأخيرة، وإن كانت حياتنا يملؤها أشكال عديدة من المنافقين ولكن ما نراه ونسمعه وإن كنت أخص به الساحة السياسية بالتحديد، يفوق الخيال والإبداع في تفنين الخدع والمكر والتزييف، إعلاميون اتخذوا من منصتهم محرابا للنفاق والكذب وما أكثرهم، وسياسيون من حولنا سيطر التلون على أساليب حياتهم فأصبحوا يتنفسون كذبا ورياءً، مؤيد تارة هنا وأخرى معارض ومتمرد على الأوضاع اقتناعا منهم بأن التلون هو أفضل أساليب الحياة ويفتح مغاليق الأبواب ويخترق سميك الأسوار، ويسهل الوصول إلى تحقيق مصالحهم الشخصية.وعن تجربة تعايشت معها مؤخرا، فقد رأيت بعض السياسيين ممن على صلة بهم تحول موقفهم وإن كان يحمل الرأي والنقيض في آن واحد، كلامهم في فترة وجيزة بحال وبعد بضعة أيام بحال آخر في نفس الموضوع والرؤية السياسية على موقف واحد، فقد رأيت بأم عيني أحدهم على شاشات التلفاز، وإن كانت الفاجعة كونها قنوات إخوانية كـ"الشرق" و"مكملين"، يتحدث عن آخر الأحداث السياسية على الساحة بكلام مغاير ومزيف ومغاير لموقفه الذي أعلنه معي عن طريق أحد التصريحات الصحفية الخاصة به، الأمر الذي جعل عيني تحدق في الشاشة للتأكد من هوية واسم السياسي المصري المتصل وأذني لا تعي ما تسمعه من نفاق وتلون لم أر مثله بهذه السرعة في غضون أيام، وإن كان عقلي أدرك وقتها أن المصالح قد تغيرت إذا اصطدم سطح توقعاته إلى النقيض فجعله يجلجل ويهلهل في الكلام ويعلنها مغايرة لحقيقة مواقفه انتقاما كان أو لأمر ما.المشكلة هنا ليست مع هذه الشخصية فقط فما أكثرهم في تلك المرحلة، وليست أنك أطللت بقناة مصنفة معادية أم لا، وإن كان العديد من المواطنين أصبحوا متابعين لها مع الأسف لأمور تعيب إعلامنا الموقر والإعلاميين غير المهنيين المتحولين أيضا ممن زيفوا حقائق وتجاهلوا أخرى فجعلوا المواطن الباحث عن الحقيقة يغير قنوات التلفاز فيلجأ لمعرفة ما يدور ويصطدم بالواقع المختلف، وإذا دخلت عليه بيانات خاطئة ومغلوطة كان السبب الأول والأخير هؤلاء المتحولون الذين دفعوه إلى مشاهدة البديل، ولكن ما أدهشني تغير موقف هؤلاء السياسيين المتلونين بسرعة البرق وممن قتله حب الشهرة و"الميديا" جعله لا يميز بين المعقول وغير المعقول وإن كان سيؤثر سلبا عليه لاحقا وعلى تاريخه السياسي إن كان له تاريخ محترم يحتذى به ومن ثم نظرة الجميع له.من حقك أن تعبر عن وجهة نظرك ورؤيتك كسياسي أو محلل للأحداث كيفما تشاء وترى، ولكن لا تكن متحولا كالمتجول عن المنفعة الذاتية وأينما وُجدت وجدنا كلامك المغاير يتبعها، وذهب رونق إعجابهم به وبك، وقد كتبت نهاية مشوارك السياسي بيدك، فإن كنت معارض أو مؤيدا أو محايدا لبعض الرؤى والمواقف فكن كما أنت لا تتحول إلا إذا اتضحت لك حقيقة مواقف كنت تجهلها وغيرت مواقفك فمن حقك أن تعلنها، وإن كان الجميع يعلم جيدا من على ثواب ومن هو على خطأ ولكن لا تكن متحولا لمجرد أن تغيرت موازين اللعبة التي كنت تود أن تصبح جزءا منها وعند خروجك عن دائرتها أصبحت منقلبا ومعاديا لها.فالمتلون ليس فقط من يغاير الحقيقة ويستخدم أساليب المكر والخديعة لينشر سم أفكاره في عقول البعض، ولكن هو تلك المتحول المغاير لمواقفه وأفكاره ومعتقداته من أجل البحث عن مصلحته الخاصة.والمتحولون ألوانهم مائية سريعة الزوال، البحث عن الغاية بغض النظر عن الوسيلة هدفهم، عندما تكون عند رأس الهرم ينظرون إليك بلون يعجبك ويبدون من كلمات النفاق والكذب ما يرضيك عنهم، وعلى بضعة أمتار من هرمك يرسمونك بلون قد يكون قاتما، حين يرون بين يديك الغنيمة أو السلطة يريدون الوصول إليك ترتسم على جلودهم ألوان حتى ما وصلوا إلى ما أرادوا ذهب ما كان يلمع في أعينهم من زاهي الألوان، وإن تغير سطح مصالحهم وموازين اللعبة تغيرت مواقفهم..!!!غير أن هناك من المتلونين الممثلين ما استطاعوا أن يصلوا إلى مواقع كثيرة وحساسة، وأن يتسللوا إلى ثغور خطرة وينمون ويتكاثرون في جميع المؤسسات والكيانات السياسية حتى فسدت أجهزة عديدة بفضل عبثهم وتلونهم، ممن يجيدون لعبة التلون على أغصان المصلحة والمنفعة، وحتى في الملابس البراقة، والكلمات المعسولة، ودموع التماسيح، والابتسامة الصفراء.فأصحاب الولاء الصادق، والانتماء الصحيح لا يجيدون التمثيل، همهم إظهار الحق والعدل والعمل الجاد، وتغيير الوضع الذي نعيشه بعيدا عن مصالحهم الشخصية؛ وما أثقل المخلصون في هذه الأمة!! ولا يملكون إلا الكلمة الموجعة على ألسنتهم، فإذا ما نام الناطور عن الثعالب وهي تقطف ثمار العنب؛ فلا بد للناطور من أن يصحو يوما!!فتحية لكل الثابتين على موقفهم ولن يغيرهم الحال والمصلحة والظروف، الثابتين المؤمنين بقيم ومبادئ لن تتحول إلى العكس وإن كانت مع مصلحة الوطن كان واجبا دون أن يتملقوا من أجل التودد إلى أصحاب المصالح ومن يملك زمام الأمور لسرعة تحقيق المصالح الخاصة، تحية إلى كل من لا يتلون على كل شكل ولون...!

مشاركة :