لبنانيون أضرّ بهم الفقر يصرخون: "نحنا موش سراق بس الجوع سارق" | | صحيفة العرب

  • 7/16/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يعاني اللبنانيون من أزمة اقتصادية خانقة وضعتهم على رصيف البطالة ومسّهم الفقر الذي وصل بهم إلى حد الجوع فقايضوا ممتلكاتهم بطعام وحفاظات وأدوية ليسدوا رمق أطفالهم، ولم يبق لديهم شيء حتى اضطر بعضهم إلى السرقة، هم لا يسرقون لأنهم منحرفون ولكن لأن أطفالهم جاعوا. بيروت- أثناء تجوله في شارع مظلم، اعترض سائق دراجة نارية زكريا وشهر سكيناً في وجهه طالباً منه المال أو مرافقته لشراء طعام لأطفاله، في حادثة تتكرر مؤخراً مع ارتفاع معدل السرقات وأشكالها على وقع انهيار اقتصادي متماد في لبنان. وتؤكد إحصاءات قوى الأمن الداخلي ارتفاع معدل الجرائم بشكل عام، خصوصاً القتل والسرقة في العام 2020 مقارنة مع السنوات الماضية. وتربط ذلك بتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر والبطالة. يستعيد زكريا العمر (37 عاماً) تفاصيل ليلة الخامس من يوليو، حين كان يسير ليلاً في شارع مظلم في محلة الحمراء. ويوضح أن الشارع كان خالياً إلا من بضع سيارات، حين توقفت دراجة نارية إلى جانبه قبل أن يقترب منه شخص من الخلف موجهاً السكين نحوه وهو يردد “لا تقل أي كلمة، لست هنا لأؤذيك، أريد منك أن تعطيني النقود أو أن تأتي معي إلى أي محل لتشتري لي بعض الأغراض، تركت أولادي في المنزل يبكون من دون طعام”. بتوتر شديد، أخرج زكريا نقوداً من محفظته وأعطاها للرجل الأربعيني الذي ركض باتجاه دراجته، قبل أن يتوقف ويعود باتجاه زكريا الذي تسمّر في مكانه خوفاً. ويروي زكريا حادثة تلك الليلة قائلا، “خفت كثيراً حين رأيته يعود نحوي، لكنه بدأ بالبكاء والاعتذار، وأراد أن يعيد لي النقود. قال لي، أنا لست بسارق، لكنني جائع وأولادي أيضاً جياع”. ويوضح أنه بعدما رفض زكريا استعادة نقوده من الرجل، الذي قال إنه فقد عمله ولم يعد يقوى حتى على دفع الإيجار، “قلت له إنني أسامحه، ثم غادر”. يقول زكريا، “خفت كثيراً، كان الموقف صعباً، اختلط فيه شعور الرعب بالحزن على رجل ينهار أمام عينيّ”. ويشير مصدر أمني إلى “نوع جديد من عمليات السلب يستهدف حليب الأطفال والطعام والأدوية”، كاشفاً عن أنّ “أكثر من ضحية كشفوا في إفاداتهم عن اعتذار المشتبه فيهم (إلى الضحايا) أثناء سرقتهم”. وعلى وقع الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، خسر عشرات الآلاف من اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريباً يعيشون تحت خط الفقر، ولامست البطالة نسبة 35 في المئة. ولم توفر تداعيات الانهيار أي طبقة اجتماعية، خصوصاً مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المئة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب في تآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وانطلاقاً من كون لبنان بلداً يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير، بالدولار، فقد ارتفعت أسعار السلع بشكل جنوني خصوصاً الحليب وحفاظات الأطفال. وبات الكثيرون عاجزين عن ملء براداتهم. وتقايض أمهات على مواقع التواصل الاجتماعي ثيابهن أو مقتنيات منازلهن بكمية من الحليب وحفاظات الأطفال. نصف اللبنانيين تقريبا يعيشون تحت خط الفقر على وقع الانهيار الاقتصادي في البلاد، ولامست البطالة نسبة 35 في المئة وارتفع سعر أرخص كيس حفاظات من 15 ألف ليرة إلى 34 ألف ليرة، وفق صاحبة إحدى الصيدليات. كما ارتفع سعر حليب الأطفال ممن يتخطى عمرهم العام الواحد، وبلغ سعر أحد الأصناف 35 ألف ليرة مقارنة بـ23 ألف ليرة في السابق، وارتفع سعر صنف آخر من 15 ألف ليرة إلى 45 ألف ليرة. وأحصت قوى الأمن ارتفاع معدل عمليات السرقة الموصوفة بواسطة الكسر والخلع لمنازل ومحالّ وصيدليات، إذ بلغت 863 عملية، (معدل وسطي 173 شهرياً) مقابل 650 العام الماضي بأكمله. وأظهر شريط فيديو التقطته كاميرا مراقبة، وتداوله مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي في لبنان، ثلاثة أشخاص يسيرون في شارع وهم ينقلون خزنة كبيرة سرقوها من أحد مطاعم بيروت بعد منتصف الليل. ويقول صاحب المطعم وليد عطايا، “خلعوا الباب وبقوا ساعة ونصف الساعة في المطعم، أخذوا الأموال من الصندوق وحتى العملات المعدنية، ثم بحثوا جيداً إلى أن وجدوا الخزنة التي لم يتمكنوا من فتحها”. وبعدما فشلوا في فتحها، أقدموا على تفكيك الخزنة من الجدار وذهبوا بها. ولم يفصح عطايا عن المبلغ الذي تمت سرقته، لكنه يقول “أخذوا معهم (ما يوازي مجهود) عامين من العمل”. ويوضح، “لا أستطيع أن أضع النقود في المصارف، وأخاف أن أضعها في المنزل”، فكانت النتيجة خسارتها. خلال الأشهر الماضية التي شهدت شحاً في السيولة، ونتيجة تشديد المصارف القيود على العمليات النقدية وسحب الأموال خصوصاً بالدولار، بات الكثير من التجار يعمدون إلى وضع نقودهم في منازلهم. وفضل البعض أن يشتري بها عقارات أو سيارات بدلاً من تركها في المنازل عرضة للسرقة. وارتفعت كذلك سرقة السيارات، إذا سُرقت 303 سيارات العام الحالي مقارنة مع 273 سيارة خلال النصف الثاني من عام 2019 وفق إحصاءات قوى الأمن الداخلي. ويوضح المصدر الأمني “لا يمكن فصل نوعية الجرائم وطبيعتها عن تردّي الوضع الاقتصادي وارتفاع معدّلات البطالة بشكل كبير بين الشباب”.

مشاركة :