مناهضة العنصرية تغير مزاج الآسيويات حيال تبييض البشرة | | صحيفة العرب

  • 7/18/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أطلقت ناشطات آسيويات عددا من المبادرات عبر الإنترنت تهدف لمكافحة موجة الهوس السائدة في جل الدول الآسيوية بتفتيح البشرة وإدمان منتجات التجميل. وعلى الرغم من أن دعواتهن لن تقضي تماما على جذور المشكلة المتمثلة في الأحكام النمطية المتجذرة في النفوس تجاه السود، فإنهن يحاولن الضغط للحد من هذه الظاهرة سلاحهنّ في ذلك التظاهرات العالمية المناهضة للعنصرية. نيودلهي – تكافح الطالبة الهندية تشاندرانا هيران حاليا ضد الهوس السائد لدى الآسيويات بتفتيح البشرة، بعد أن سئمت من نصائح الآخرين لها بتبييض بشرتها خلال الصغر، وهي الآن باتت أكثر تصميما على موقفها بعد التظاهرات العالمية المناهضة للعنصرية. وأطلقت هذه الشابة عريضة إلكترونية ضد مستحضر تفتيح البشرة “فير آند لافلي” من مجموعة “يونيليفر”، جمعت عشرات الآلاف من التواقيع. وسجلت الطالبة نصرا أول الشهر الماضي إثر قرار المجموعة المتخصصة في صناعة مستحضرات التجميل تغيير أسماء منتجاتها التي تحمل عبارات “فاتح” و”أبيض”. وتعرضت شركة يونيليفر، على وجه الخصوص، لانتقادات بسبب علامتها التجارية “فير آند لافلي” في وقت يركز فيه العالم على الظلم العنصري بعد أسابيع من احتجاجات أثارتها في مايو الماضي وفاة جورج فلويد الأميركي الأسود بعدما احتجزته الشرطة في الولايات المتحدة. وبضغط من حركة “حياة السود مهمة”، اتخذت مجموعات عملاقة في القطاع بينها “لوريال” و”جونسون آند جونسون” تدابير مشابهة. وقالت متحدثة باسم شركة “لوريال”، أكبر مصنع لمواد التجميل في العالم، إن الشركة قررت التوقف عن استخدام كلمات في منتجاتها مثل “بيضاء” و”شقراء” و”تفتيح” لون البشرة، وذلك بعد يوم من إعلان شركة “يونيليفر” عن قرار مماثل، لمواجهة موجة انتقادات متزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي. و”يونيليفر” و”لوريال” شركتان كبيرتان في السوق العالمية لمساحيق تفتيح البشرة التي تستخدم في العديد من الدول الآسيوية والأفريقية والكاريبية، حيث تعتبر البشرة فاتحة اللون في الكثير من الأحيان أمرا مرغوبا فيه. أما شركة “جونسون آند جونسون” فذهبت إلى خطوة أبعد من ذلك، عندما قالت إنها ستوقف بيع مساحيق تفتيح البشرة التي تباع في دول آسيا والشرق الأوسط تحت علامتي “نيتروجينا” و”كلين آند كلير” التجاريتين. غير أن معارضات التمييز على أساس درجة بياض البشرة في آسيا يرين أن هذه المبادرات تقضي على جذور المشكلة المتمثلة بالأحكام النمطية المتجذرة في النفوس. وفي الهند بشكل خاص، يربط لون البشرة الفاتح بالثراء والجمال خصوصا لدى النساء. وتقول هيران (22 عاما) “الناس يؤمنون بأن الأشخاص ذوي البشرة الداكنة لن ينجحوا في الحياة”. وساهمت أفلام بوليوود في ترسيخ هذه الأفكار النمطية، إذ أن الممثلات غالبا ما يكنّ من أصحاب البشرة الفاتحة، كذلك الأمر في الإعلانات. وتنتشر في الصحف الهندية إعلانات لزيجات مدبرة تطلب فتيات ببشرة “ناصعة البياض”. وتضع سيما وهي عاملة منزلية في نيودلهي وتبلغ من العمر 29 عاما، مستحضر “فير آند لافلي” منذ 14 سنة، شأنها في ذلك شأن جميع النسوة في عائلتها وحتى ابنتها البالغة 12 عاما. وأشارت سيما إلى أنها “عندما تشاهد الإعلانات لمستحضرات تبييض البشرة، يبدو لها أنها منتجات جيدة، إذ أنها تظهر أن الناس يجدون وظائف ويتلقون طلبات زواج عندما تصبح بشرتهم أكثر بياضا”. وتعزز هذا المنحى بفعل الاستعمار البريطاني في الهند، لكن أساتذة جامعيين يرون أنه يرتبط بصورة قوية بالنظام الطبقي التقليدي الذي يحكم المجتمع في هذا البلد العملاق الذي يعد 1.3 مليار نسمة. وأوضح سوبارنا كار، أستاذ علم الاجتماع في جامعة كرايست في مدينة بنغالور، أن “الفكرة السائدة هي أن أفراد الطبقات العليا لديهم بشرة بلون أفتح من أولئك المنتمين إلى الطبقات الدنيا”. وتفضيل البشرة البيضاء ليس حكرا على الهند، بل ينتشر على نطاق واسع في آسيا، أكثر قارات العالم تعدادا بالسكان. وتشكل شركات منتجات تفتيح البشرة إحدى أكثر الأسواق دينامية في قطاع مستحضرات التجميل، ومن المتوقع أن تبلغ قيمتها حوالي 30 مليار دولار في العالم بحلول 2024، وفق منظمة الصحة العالمية، فيما قد يسبب بعضها مشكلات صحية خطيرة، ويمكن أن يحوي بعض هذه المنتجات على مستويات مرتفعة من الزئبق ما قد يلحق ضررا بالكلى فضلا عن مشكلات جلدية. وفي تايلاند، تنتشر إعلانات مستحضرات تفتيح البشرة على لوحات عملاقة في سائر أنحاء بانكوك. وهذه المنتجات هي من الأكثر مبيعا في سوق مستحضرات التجميل التي تمثل محليا حوالي 6 مليارات دولار. وأيقظت حركة “حياة السود مهمة” هنا أيضا الكثير من الأصوات المعترضة. وتندد المدونة ناتاوادي “سوزي” وايكالو التي تحظى بمتابعة كبيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بهذا المنحى الذي يمجد البشرة الفاتحة في المجتمع التايلاندي. وهذه الشابة البالغة 25 عاما المولودة لأب مالي وأم تايلاندية، واجهت حملات كثيرة بسبب لون بشرتها. وهي تروي خصوصا أنها صرفت من عملها لأن مديرها كان يعتبر أن بشرتها السوداء “تعطي صورة سيئة عن الشركة”. وفي الفلبين أيضا، يستخدم الكثير من الرجال والنساء مستحضرات لتفتيح البشرة بغية التمايز في بلد أكثرية سكانه لديهم بشرة قاتمة بنسبة كبيرة. وقال جيديون لاسكو، أستاذ علم الأناسة في جامعة الفلبين، “إن البشرة الفاتحة تعكس بالمنظور الاجتماعي السائد ‘شخصية محببة’ لأصحابها”.

مشاركة :