خطة أوروبية لمناهضة العنصرية | | صحيفة العرب

  • 9/19/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز ترسانة تشريعاته في مواجهة تنامي العنصرية بعد أن كشف التفاعل الأوروبي مع حادثة مقتل جورج فلويد، الأميركي من أصول أفريقية، على يد الشرطة، حدة الانقسامات داخل المجتمعات الأوروبية وقصور المقاربات المتبعة حتى الآن في تطويق جرائم الكراهية. بروكسل – أطلقت المفوضية الأوروبية الجمعة خطة عمل مناهضة للعنصرية بهدف تكثيف جهودها لمكافحة العنصرية داخل الاتحاد الأوروبي، في وقت يؤرق فيه تنامي الجرائم ذات دوافع الكراهية أجهزة الاستخبارات الأوروبية. وقالت مفوضة الاتحاد الأوروبي المكلفة بملف القيم، فيرا يوروفا، إن “التقدم الذي جرى إحرازه في إطار مكافحة العنصرية والكراهية في أوروبا ليس كافيا ولكننا نأمل أنه مع الوقت والمزيد من الجهود يمكننا تغيير الوضع في أوروبا”. وأضافت يوروفا “هذا هو هدف خطة العمل الجديدة ولن نتردد في التحرك، بما في ذلك تعزيز تشريعاتنا وإنفاذ القوانين بقوة”. ويأتي هذا عقب إعلان رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين الأربعاء عن إطلاق منسق جديد معني بمناهضة العنصرية، فيما تستعد المفوضية لتنظيم قمة مناهضة للعنصرية العام المقبل. وتعكس الخطوة جدية المخاطر المحدقة بالمجتمعات الأوروبية متعددة الثقافات والأديان والأعراق، لاسيما بعد تنامي المدّ الشعبوي داخل بلدان التكتل التي باتت تسجل أرقاما مفزعة في نسب الجرائم ذات الصلة بالتمييز العنصري وكراهية الأجانب. واندلعت موجة جديدة من المظاهرات في أنحاء العالم أوائل العام الجاري عقب وفاة عدة أشخاص من أصحاب البشرة الداكنة، وبينهم جورج فلويد الأميركي من أصل أفريقي الذي قتل في الولايات المتحدة وهو في عهدة الشرطة. وشهدت عواصم مثل باريس وبرلين ولندن وبروكسل موجة غضب شعبي ضد عنصرية ووحشية الشرطة في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من أن الاحتجاجات بدأت سلمية، إلا أنها قد تحولت إلى اشتباكات ما بين حشود المتظاهرين والشرطة في أكثر من مدينة. تجارة الرقيق لعبت دورا كبيرا في تكوين الصورة التي ينظر بها الغرب إلى العرق خاصة على المستوى اللاوعي الجماعي وأثارت صور التماثيل المحطمة في إنجلترا وبالتحديد في مدينة بريستول الساحلية، حيث تم إسقاط تمثال تاجر الرقيق في القرن التاسع عشر إدوارد كولستون الذي لعب دورا في تهريب 80 ألف رجل وامرأة وطفل أفريقي إلى العبودية، ردود فعل متباينة في المجتمع. إلا أن معارضة تهديم ذاكرة الماضي لم تمنع المحتجين من المطالبة بإزالة تمثال (سيسل رود) في جامعة أكسفورد. وذكرت صحيفة الغارديان أن “العنصرية ليست بعيدة من المجتمع البريطاني، إذ شهدت بريطانيا خلال السنوات القليلة الماضية حوادث عنف كثيرة، كان أبطالها رجال شرطة، وضحاياها من أصول أفريقية”. ورأت مديرة مركز المحفوظات الثقافية السوداء، وهو مركز متخصص بالحفاظ على تاريخ أفريقيا والكاريبي في بريطانيا، أريك روكي أن “أحداث الولايات المتحدة تعيد تذكيرنا بأن مجتمعنا الأوروبي هو الأب الشرعي لتلك العنصرية والأب الشرعي لتجارة الرقيق”. وعلى الرغم من أن العبودية في شكلها القديم قد انتهت، إلا أن المجتمع الأوروبي مازال يحمل داخله الفكر الاستعماري، حتى وإن لم يشأ أن يعترف بذلك، إذ يشير الكاتب البريطاني جوني بيتس في كتابه “ملاحظات من أوروبا السوداء” إلى أن حركة تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي لعبت دورا كبيرا في تكوين الصورة التي ينظر بها الغرب إلى العرق، خاصة على المستوى اللاواعي. وحسب بيتس، مازالت الشعوب الغربية تؤمن بالتسلسل الهرمي للأعراق، وفقا لرؤية القرون الاستعمارية. وهو الأمر الذي لم يبذل المجتمع الدولي فيه مجهودا كبيرا لتغييره منذ مطلع القرن الماضي وحتى الآن. Thumbnail وأكد بيتس أن نشر الوعي لدى الأجيال الجديدة، وتناول قضايا العرق في التعليم لم يصلا بعد إلى المستوى اللائق للقضاء على التمييز العنصري من الجذور. ووفق دراسة أجراها “يوروباروميتر”، يعد التمييز على أساس العرق الأكثر شيوعا في أوروبا، ففي سلوفينيا وبلغاريا يعتبر الغجر هدفا رئيسا للعنصريين، كونهم مختلفين عن بقية السكان، فيما أشارت دراسة جديدة نشرها موقع “دويتشه فيلله” الألماني في نسخته العربية إلى أن “المغاربة المقيمين في دول أوروبية يواجهون صعوبات كثيرة في حياتهم اليومية كالعثور على وظيفة أو سكن”. ويتضح من دراسة أجراها مجلس الجالية المغربية في ألمانيا بالتعاون مع معهد “إيبسوس” للأبحاث أن “64 في المئة من الشباب المغربي يواجهون صعوبة في إيجاد عمل، بينما 57 في المئة يواجهون صعوبات في إيجاد مسكن”. وأشارت بيانات مؤشر الإرهاب العالمي الصادرة في نوفمبر 2019 إلى أن “الإرهاب العنصري في بلدان أوروبا الغربية زاد 320 في المئة خلال السنوات الخمس الماضية”. وأردف مدير وكالة الاتحاد الأوروبي مايكل أوفلاهرتي أن “العنصرية القائمة على العرق ولون البشرة لا تزال آفة منتشرة في دول الاتحاد الأوروبي”. وإضافة إلى ذلك، صاغت الأحزاب اليمينية خطابا راديكاليًا تجاه الأجانب بات الإطار الفكري لاستهداف الآخر المختلف، ذلك أن القوى اليمينية تحمل المهاجرين خصوصا مسؤولية الأزمات التي تمر بها المجتمعات الغربية بما في ذلك ما تتعرض له من هجمات إرهابية. وتتخذ قوى اليمين المتطرف من التحريض ضد المهاجرين والأقليات محورا مركزيًا لاستراتيجيتها الدعائية، وتتبنى موقفا مشتركا ضد الأجانب وصل إلى درجة أنها اقترحت منعهم من الهجرة إلى الاتحاد الأوروبي، وغلق الأبواب بوجوههم نهائيا.

مشاركة :