الانتخابات البرلمانية السورية غائبة في الإعلام حاضرة على مواقع التواصل | | صحيفة العرب

  • 7/18/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

غابت تغطية وسائل الإعلام الدولية للانتخابات البرلمانية السورية التي تجرى الأحد، بينما تقتصر وسائل الإعلام المحلية على الدعاية للانتخابات بحد ذاتها أمام تململ الشارع السوري من الوضع الاقتصادي المتدهور، وعدم اهتمامه بالانتخابات أو المرشحين، فيما لم يبد الإعلام الروسي أي اهتمام بتغطية الانتخابات رغم أنه عادة ما ينقل كل ما يتعلق بالشأن السوري بحرية ودون أي قيود متفوقا على الإعلام المحلي. دمشق – أعلنت وزارة الإعلام السورية تجهيز مركز إعلامي لتقديم الخدمات الإعلامية مجانا للصحافيين ووسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية لتغطية انتخابات مجلس الشعب القادمة، فيما اعتبرت الخطوة مجرد إجراء برتوكولي ترافق العملية الانتخابية التي لا تحظى باهتمام إعلامي، خصوصا بوجود الرقابة الصارمة المفروضة على الصحافة وحصر المعلومة بالجهات الرسمية. وعادة ما تقتصر التغطية للانتخابات البرلمانية والرئاسية في وسائل الإعلام السورية الحكومية والخاصة، على الترويج والدعاية وإطلاق صفة “العرس الانتخابي” عليها، وتتناول هذه التغطية جوانب من التحضيرات الحكومية والتجهيزات لتسيير العملية الانتخابية، أكثر من التركيز على صلب ومضمون البرامج الانتخابية للمرشحين أو خبراتهم وإمكاناتهم السياسية. وتتنوع الحملات الانتخابية للمرشحين لمجلس الشعب في سورية ما بين إعلانات في الشوارع وملصقات ومنشورات وصولًا إلى الإعلانات التلفزيونية والإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي، فيما انتقد الكثير من السوريين على مواقع التواصل الإنفاق المبالغ به على الدعاية الانتخابية، بينما يعيش المواطن أوضاعا معيشية قاسية وغالبيتهم لا يعيرون الانتخابات اهتمامات، وذكرت مواقع إخبارية محلية أن أقل حملة انتخابية متواضعة لأي مرشح في المحافظات الصغيرة بحسب الأسعار الرائجة وصلت إلى 25 مليون ليرة سورية أي ما يفوق 10 آلاف دولار في بلد لا يتجاوز فيه متوسط دخل الموظف 22 دولار أميركي بعد انهيار الليرة السورية مؤخرا. إعلانات دون تغطية انتقد صحافيون داخل سوريا الدعاية المبالغ بها في الشوارع، قائلين إن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية وسهولة الوصول إليها تحولت إلى صانع حقيقي للرأي العام ومحاولة استبدالها اليوم أو تجاهلها بوسائل إعلام أو إعلان أخرى يؤدي إلى الفشل الأكيد في أي حملة انتخابية. وأوضحوا أهمية الحملة على الشبكات الاجتماعية بالقول إن صفحة المرشح على فيسبوك وفاعليتها يعتمدان على المبالغ التي يخصصها لحملته الانتخابية وأن الصفحات الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي تقدم خدمات لا يمكن لأي وسيلة إعلانية أن تقدمها من خلال نشر الصور والبيان الانتخابي والفيديوهات وإمكانية المرشح الاطلاع على حجم الوصول والإعجابات والتعليقات وردود الأفعال في آن واحد وبأرخص الأسعار قياسا بوسائل الإعلان الأخرى. وباستثناء الدوائر المحيطة بالمرشحين للانتخابات، واجه المستخدمون على مواقع التواصل هذه الحملات بالسخرية والفكاهة حينا، والتعبير عن انعدام الثقة بالمرشحين والمجلس وما ينتج عنه من قرارات أحيانا أخرى. وغابت تغطية وسائل الإعلام الدولية عن الانتخابات البرلمانية السورية بشكل شبه تام، وهو استمرار للوضع السائد في سوريا منذ سنوات، إذ أن المراسلين الأجانب غير مرحب بهم في سوريا باستثناء الإيرانيين والروس، حيث تحظى وسائل الإعلام الروسية بالأولوية في التغطية ونقل الأحداث متفوقة على الإعلام السوري المحلي. وتؤكد مصادر سورية، بأن السلطات تشترط على الوفد الصحافي الأجنبي الذي ينجح بالحصول على تأشيرة دخول إلى سوريا (وهو أمر بالغ الصعوبة بالنسبة للمراسلين الأجانب ويتعلق بطبيعة وسيلة الإعلام التي يعمل المراسل لديها وطريقة تغطيتها للأحداث السورية)، أن يُرافق بموفد من وزارة الإعلام، يقود رحلته، ويحدد له الأماكن التي يذهب إليها، والشخصيات التي يقابلها. وتحدث الصحافي الألماني مارتن دورم الذي كان في سوريا آخر مرة عام 2015، ومنذ تلك اللحظة رفضت السلطات السورية مرارا طلباته للحصول على تأشيرة أو تجاهلتها. وشأنه في ذلك شأن الكثير من الصحافيين الآخرين الذين يكتبون عن الأوضاع في المنطقة وليس لهم أي إمكانية سوى أن يسافروا برفقة الجيش الروسي أو الفصائل الكردية عبر البلاد ويشاهدوا ما يُراد الكشف عنه لهم. باستثناء الدوائر المحيطة بالمرشحين للانتخابات، واجه المستخدمون على مواقع التواصل هذه الحملات بالسخرية وفي الحقيقة لا يمكن للمراقبين الذين يتمركزون في الغالب في القاهرة وإسطنبول أو بيروت سوى جمع المواد التي يرسلها إليهم الصحافيون المحليون والنشطاء. وأضاف دورم أن تقييم المعلومات والتأكد من صحتها “صعب للغاية، لأنه في النهاية الذين ينتمون للنظام وكذلك الذين يُحسبون على المعارضة يحاولون القيام بالدعاية”. وتحدث دورم عن تضليل إعلامي مقصود من طرف النظام والمعارضة. وبالتالي تنشأ ثغرات سوداء في التغطية الإعلامية. وجميع وسائل الإعلام ممنوعة من التصوير الصحافي دون موافقة أمنية، ويشمل ذلك جميع المناطق، المدنية والعسكرية، رغم عدم وجود قرار رسمي مكتوب بهذا الإجراء. لكن هذه القيود لا تشمل وسائل الإعلام الروسية، التي تتحرك بحرية دون رقابة أو تحكم من وزارة الإعلام، وأشارت المصادر إلى أن وسائل الإعلام الإيرانية كانت أيضا تحظى بحرية العمل والتنقل ويتم التعامل معها كما الإعلام الروسي، لكن وزارة الإعلام فرضت لاحقا على الصحافيين والمراسلين والعاملين في مؤسسات إعلامية إيرانية الحصول على موافقات قبل التصوير، وقد اعتُقل مراسل قناة “العالم” الإيرانية في حلب، ربيع كلاوندي، لمخالفته تلك الأوامر في يوليو 2018. وغالبا ما تنفرد شبكة “آر.تي” ووكالة “سبوتنيك” الروسيتين بنقل بيانات وتصريحات لمسؤولين سوريين، وكشفت في الآونة الأخيرة عن مستوى السبق الذي وصلت إليه، وتحررها من اعتبارات الرقابة والأولوية في تغطية أخبار الشارع السوري وجبهات القتال وصولا إلى الشؤون السياسية والخدمية والمحلية. وتفوقت في تغطيتها على وسائل الإعلام السورية والإيرانية. إلى درجة أن وسائل الإعلام المحلية باتت تعتمد على التقارير الصحافية والإعلامية الروسية كمصدر للأخبار المحلية. وتساءل صحافيون عن دور المركز الإعلامي لتقديم الخدمات الإعلامية حول الانتخابات، في حين لا تحظى هذه الانتخابات باهتمام المواطن السوري ولا وسائل الإعلام الدولية بما فيها الروسية. إذ بالكاد حظي خبر انسحاب رجل الأعمال محمد حمشو من الانتخابات باهتمام بسبب قربه من النظام السوري وتطبيق قانون قيصر عليه. واعتبر آخرون أن دوره لا يعدو أن يكون توثيقيا لإدارة تغطية وسائل الإعلام المحلية وإصدار بيانات رسمية حول سير العملية الانتخابية. وقالت وزارة الإعلام إنها جهزت المركز بجميع الخدمات التي تحتاجها الوسائل الإعلامية من تجهيزات ومعدات فنية وحواسب ووسائل اتصال وخدمات إنترنت بسرعات عالية، إضافة إلى تأمين عربة بث مباشر واستديو خاص لإجراء المقابلات التلفزيونية والإذاعية. ومن المقرر إجراء انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث الأحد اعتباراً من الساعة السابعة صباحاً ولغاية السابعة مساء حيث يتنافس نحو 1658 مرشحاً على 250 مقعداً. يذكر أن السلطات السورية أقرت في عام 2001 قانون الصحافة الذي سمح بالمطبوعات الخاصة (التي كانت ممنوعة منذ عام 1963)، إلا أنه حافظ على قيود مشددة. وهو يتطلب من جميع المطبوعات الخاصة الحصول على ترخيص من الحكومة، ويمنعها من إيراد تغطية صحافية حول شؤون الجيش أو موضوعات يمكنها “إلحاق الضرر” بالأمن القومي أو “الوحدة الوطنية”. ويواجه منتهكو القانون عقوبة تصل إلى السجن لمدة ثلاث سنوات وغرامات باهظة. ثم شهد قطاع الإعلام في سورية بعد عام 2011 عدة تغييرات على المستوى القانوني والمهني بدأت بالمرسوم رقم 108 لعام 2011، والذي تضمن تأسيس أول مجلس وطني للإعلام في سورية، ليتم إلغاؤه لاحقاً بالتعديلات التي صدرت بالمرسوم رقم 26 لعام 2016. ووعد وزير الإعلام السوري، عماد سارة، في أكتوبر الماضي بتعديلات على قانون الإعلام السوري، وإلغاء عقوبة السجن بحق الصحافيين في سوريا. وأشار سارة إلى أن التعديلات استغرقت الكثير من النقاشات المكثفة والجهد الكبير، نظراً لتشعب المؤسسات والقطاعات التي ينظم عملها قانون الإعلام، حتى المؤسسات الإعلامية التي تقع في المناطق الحرة، نتج عن هذا الجهد، نسبة تعديلات كبيرة جداً. لكن هذه التعديلات لم تر النور حتى الآن.

مشاركة :