لا ريب، من أن المرء حينما يرجئ الحصول على حقيقة ما في سبيل أخرى لها أهمية أكبر في حياته، فقد حقق نشاطاً جزئياً انسجم مع تطلعاته، فقد يرى الناس أن العقل الكامل يزداد تأكيداً بالأمل والتحرر ورهان المعرفة وعمق الفهم، وأن هذا العمق السياسي الذي حمله الأمير سعود الفيصل رحمه الله، ربط القدرة بالتجربة والحنكة، أمضى حياته السياسية رحمه الله بين قضايا وصراعات الشرق الأوسط والحلفاء، رغم ضبابية نوايا الغرب والرؤى المركبة. وقال وزير الخارجية الأميركي جون كيري: "الدوائر السياسية ستفتقد الأمير سعود الفيصل كثيرًا، ففي كل مرة كانت فيها فلسطين قضية العرب الأولى حاضرة كان سعود الفيصل في المقدمة حاضرا". لأن الطبيعة الأساسية للبشرية تكمن في القدرة على إعادة تشكيل العالم من حولنا وفقا لاحتياجاتنا وقدراتنا الإبداعية، وهذا ماسعى له رجال هذه الدولة العظماء، وقد فقدنا رمزاً حقق الكثير لوطنه ولأمته فكان الأمير سعود الفيصل رحمه الله نموذجاً ونحن فخورون به، تموت الأجساد وتبقى الأرواح العظيمة حية تسابق كل الصفات والمآثر. منذ كنت صغيرة وأنا أرى الحسرة في عيون أجدادنا وهم يرثون حال فلسطين، القضية الأولى للمغفور له الملك فيصل طيب الله ثراه وحمل هذه الأمانة من بعده ملوك هذه البلاد، لقد تشاركنا مع الغرب العلم والمعرفة أحببنا حياتهم ونظرتهم التفاؤلية للحياة، ولكن مقتنا سياستهم الخارجية ومؤامراتهم ودسائسهم، ومحاباة المحتل على حساب العربي المضطهد المسلوب. ومن أهداف دراستنا وجميع علومنا تتصدر فلسطين المحتلة أحلامنا وطموحاتنا، كبرت معنا هذه القضية ولا نعلم متى تنتهي وتعود الأراضي لمالكيها الحقيقيين، ونقلا عن "العربية.نت" قال الأمير سعود الفيصل رحمه الله: "إن المملكة تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها الأولى وسأل نظراءه في منظمة التعاون الإسلامية عن أسباب ضعف الأمة وقال في كلمة له خلال افتتاح مؤتمر وزراء خارجية المنظمة في جدة، في 15 شوال عام 1435ه: لماذا نحن في ضعف؟ متسائلاً في الوقت ذاته: هل كان في مقدور إسرائيل العدوان على غزة لو أن الأمة موحدة"؟ وأوضح رحمه الله: "أن انقسام الأمة الإسلامية بسبب الفتن أفضى إلى تكرار إسرائيل جرائمها، وشدد على ضرورة الوقوف صفاً واحداً،لأن ذلك يشكل صمام الأمان لردع إسرائيل"، مضيفاً: " إننا لا نريد أن نحول اجتماعنا لمجلس عزاء فلا وقت للعزاء واستجداء الحلول، فإسرائيل هدفها الأساسي استئصال الوجود الفلسطيني". فمقياس أن تعرف كل ما يحدث في نفسك، والا تدعو إلى الانفصال عن قضايا تحفظ نفسها بنفسها لتحقيق خلاصها، فالإنسان قاسم مشترك بين مايملك ومحور لما يدور حوله، ورهن لجملة خصائص تكبر معه تحدد إنسانيته ونجاحه من إخفاقه. وفي ظل هذا الاستعمار يظل الجوهر ضمن الحدود الجامدة مبنيا على الاستغلال والسعي خلف المكاسب مع غياب كلي للضمير، ويغيب معه مفهوم الوضع الإنساني الذي يتشكل من العواطف وأهمية المجتمع الدولي. تباً لكل الحقائق التي نقرؤها ونكتبها وهي قوام لفكرهم ومرادهم الخفي في تقسيمنا وتناحرنا وقتل بعضنا بعضا وتفجير مساجدنا، فقد تأسست حضارتهم بسحرها وفنها ودينها على أنقاض الشرق الأوسط، وظل الإنسان العربي بين الوحدة والكثرة يقف أمام عوائق الخصوصية.
مشاركة :