عودة مطربي الكاسيت تنعش سوق الألبومات الفنية في مصر | محمد عبدالهادي | صحيفة العرب

  • 7/21/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

وجد مطربو الأغاني ضالتهم في إصدار الألبومات الفنية لمواجهة الاشتراطات الصحية التي فرضها فايروس كورونا على الحفلات الغنائية، وانخفاض عدد الفعاليات الفنية المعتادة في الفنادق خلال عيد الأضحى، وعلى شواطئ القرى السياحية في موسم الاصطياف بمصر. القاهرة- تشهد سوق الألبومات الفنية في مصر رواجا غير معتاد للموسم الصيفي بعد الإعلان عن 16 ألبوما جديدا على وشك الطرح بعد إنهائها، وعودة مجموعة من مطربي التسعينات للمنافسة من جديد بالتعاون مع أجيال مختلفة من مؤلفي الأغاني. ويصعب عزل النشاط الغنائي الملحوظ عن أزمة كورونا التي ضربت الأرباح المعتادة لنجوم الغناء في عيد الفطر، وهناك توقعات أن يتكرّر الأمر ذاته في عيد الأضحى، وحفلات موسم الاصطياف في القرى السياحية التي يعتمد غالبيتهم عليها طوال العام. ومثل التعطش للأغنية الشعبية بمفهومها القديم وازعا وراء ظهور ألبومات صيفية جديدة لمطربين، مثل: مصطفى كامل الذي طرح باكورة أغاني ألبومه الجديد على موقع يوتيوب بعنوان “مجرم”، وطارق الشيخ الذي أنهى عددا كبيرا من الأغاني لطرحها في ألبوم قبل نهاية شهر يوليو الحالي. وعاد للمنافسة أيضا عدد من مطربي الأغنية الشعبية بمفهومها الحديث بالتخلي بعض الشيء عن جودة الكلمات مع الحفاظ على اللحن الطربي الشرقي وعدم الاعتماد على إيقاعات الراب الغربية، وأنهى المطرب “ريكو” ألبوما يتضمن 12 أغنية، وأعلن كريم أبوزيد عن ألبوم مصغر يضم خمس أغنيات فقط، يطرحها بصورة متعاقبة زمنيا ليفصل بين الأغنية والأخرى أسبوع كامل. وظهر البعض من مطربي الثمانينات الغائبين عن الساحة والمعروفين بـ”أغاني الكاسيت” مثل حلمي عبدالباقي الغائب منذ عقد كامل، حيث طرح أغنيتين فقط بعنوان “بعتذرلك” و”ناسيك إزاي”، وفاطمة عيد التي تحضر حاليا لسلسلة من الأغاني تكمل بها الألبوم السادس والأربعين في تاريخها الفني. يحاول النجوم القدامى الاستفادة من موجة الحنين إلى الماضي، وارتباط أجيال بمطربين بعينهم، عايشوا أحزانهم وأفراحهم، ليعود الزمن إلى الوراء لتذكّر مشاعر انتهت ومواقف مصيرية غيّرت بوصلتهم في الحياة. وربما كان الوازع عودة شرائط الكاسيت وأسطوانات الغرامافون للظهور مجددا وتحقيقها مبيعات قياسية في منفذ شركة “صوت القاهرة للسمعيات والمرئيات”. وتمارس مواقع التواصل الاجتماعي تأطيرا لمطربي الكاسيت بتأسيس صفحات لأعمال مطربين قدامى تعيد تدوير وإنتاج الذكريات القديمة وتشهد سيلا من التعليقات المادية بعودتهم للإنتاج مجددا، ما أغرى البعض للظهور من جديد، كالفنانين مدحت صالح وحنان ماضي اللذين ظل إنتاجهما قاصرا على المقدّمات الغنائية وبعض حفلات الأوبرا وقرّرا العودة للمنافسة في سوق الغناء مجددا. وأنهت المطربة حنان ماضي تسجيل أغنية سنغل جديدة تحمل عنوان “رمانك حداء” الذي يمثل أول عمل لها منذ أربع سنوات، وانتهى مدحت صالح من تسجيل خمس أغنيات من أصل عشر من ألبومه “حالتي صعبة” وقرّر أن يتولى إنتاجه على نفقته الخاصة وتشرف على تنفيذه زوجته الشاعرة نورا الباز. وفضل الفنان مصطفى قمر، في ألبومه الجديد الذي يمثل رقم 22 في تاريخه، التنقيب في “دولاب” ذكريات الماضي بعدما اختار اسما سبق أن استخدمه في ألبوم قديم قبل ربع قرن وحقّق جماهيرية حينها، بعنوان “لمن يهمّه الأمر” بثماني أغنيات فقط، وقرّر طرحه في عيد الأضحى في رهان على ضعف الإنتاج السينمائي في ظل كورونا الذي فتح الباب أمام تواجد للألبومات. كما لعب الفنان محمد محيي، على النقطة ذاتها بعدما اختار عنوانا لألبومه يحمل قدرا من النوستالجيا “بتاع زمان.. رجع تاني” (شيء من الماضي عاد مجددا)، والذي يتعاون فيه مع عشرة من مؤلفي الأغاني والملحنين دفعة واحدة ويضم 18 أغنية. وقال الناقد الفني فوزي إبراهيم لـ”العرب”، إن الجمهور ينقسم حاليا بين صنفين أحدهما ناضج وينتظر من سوق الألبومات مضمونا جيدا يتماشى مع توقعاته وطبيعته، والثاني سطحي وتمثل له الموسيقى نوعا من الهروب، ويلجأ إلى الإيقاع الصاخب الراقص الذي توفّره أغاني المهرجانات. يخشى النقاد أن يكون النشاط الغنائي المستجد على مستوى الكم فقط دون الكيف، بعد مستوى الألبومات التي صدرت العام الماضي لمطربين كبار ولم تتضمن إلاّ أغنية أو اثنتين بكلمات وألحان مميزة، والباقي مكرّر على محوري المضمون واللحن. ويتعامل المطربون مع مجموعة شبه ثابتة من الشعراء لا يستطيعون تنويع إنتاجهم في مدى زمني قصير، مثل أيمن بهجت قمر الذي يتعاون مع أربعة ألبومات فنية تصدر في التوقيت ذاته خلال الموسم الصيفي الحالي لكل من تامر حسني ومحمد حماقي ومحمد محيي ومحمود الليثي. وتتزايد تلك المخاوف مع تغيرات الإنتاج الموسيقي في ظل كورونا، وتأسيس العديد من المطربين أستوديوهات خاصة بهم في منازلهم، يستضيفون فيها الشعراء والملحنين لتحاشي الانتقال إلى أماكن يتعرّضون فيها للعدوى، والاستعانة بأعداد قليلة من المصوّرين، ما يحمل تحديات كبيرة على مستوى جودة الصوت والتقنيات. ومالت أغاني الألبومات التي تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب لمطربي الكاسيت إلى طريقتهم القديمة دون تجديد بالاعتماد على أعداد من “الموديلز” ذوات الملامح الأوروبية اللاّتي تمارسن الرقص، وتتماشى مع إمكانية تصويرها في مقاطع محدودة داخل باحات المنازل، ولا تتطلب تكاليف مرتفعة على مستوى الصناعة. ويحمل الموسم الصيفي منافسة نسائية من طابع خاص، فلأول مرة منذ سنوات تتنافس خمس مطربات من أوزان ثقيلة، مثل: إليسا ونانسي عجرم وأصالة وأنغام وهيفاء وهبي، على إيرادات الموسيقى بلهجات متباينة بين الشامية والمصرية والخليجية. وانتهت إليسا من تسجيل 17 أغنية 11 منها باللهجة المصرية، وبدأت في تشويق جمهورها بوضع صورة سريالية تعطي فيها امرأة ظهرا للكاميرا أمام مرآة تعطي الصورة ذاتها دون ملامح للوجه، بينما يتبقى لنانسي عجرم أغنيتان فقط، لإنهاء ألبومها الذي تتعاون فيه مع مجموعة من الكتاب والملحنين غالبيتهم من مصر. وتخوض أنغـام مغامرة مثيرة بطرح ألبوم خليجي كامل بعنوان “مزح” بأغنيات تمثل كل واحدة منها تجربة مختلفة، بعضها سريع الإيقاع والآخر كلاسيكي، وهو ما كرّرته أصالة التي اختارت في ألبومها “لا تستسلم” اللهجة الخليجية، وتتعاون فيه مع الشاعر السعودي سعود بن محمد العبدالله. وأوضح الناقد فوزي إبراهيم لـ”العرب”، أن عودة سوق الألبومات مرهون بمدى توفيرها لمدخل “مليودي”، ويتميز باللحن والصوت الواحد، وأن تتناول موضوعات عاطفية وإنسانية بصورة وكلمات متجدّدة، والبعد عن الاستسهال وانتهاء فكرة أن اسم المطرب كفيل وحده بالمبيعات، وأن الجمهور سيعجب بما يقدّمه مهما كانت الجودة. عودة الغناء العاطفي بقوة في مصر أتت بتشجيع من نقابة الموسيقيين التي تراه حائط صد أمام انتشار أغاني المهرجانات ويركّز الكثير من المطربين على فكرة “فقدان الحبيب” في الأغاني العاطفية الشبابية التي يقدّمونها في ألبوماتهم الجديدة والتي تجد رواجا عند أجيال جديدة لديها طوفان من المشاعر المكبوتة وتبحث عن كلمات تداعب تجاربها غير المكتملة، فتامر حسني أنهى تسجيل أغنية جديدة بعنوان “قد الفراق” كبداية لألبوم كامل يطرحه لينافس محمد حماقي، وتامر عاشور، اللذين يطرحان في التوقيت ذاته ألبومين قريبين من الفكرة ذاتها. وترتبط العودة القوية لسوق الغناء العاطفي بتشجيع من نقابة الموسيقيين في مصر التي تراها حائط صد أمام فراغ السوق، وانتشار المهرجانات التي انتهزت فرصة نقص الألبومات وأوجدت لنفسها انتشارا بدأ بمواقع التواصل الاجتماعي وامتد ليشمل المقدّمات الغنائية الدرامية، مع أن مضمونها مثير للجدل وركيك اللحن. وأجبرت النقابة المطرب أحمد سعد تأجيل أغنيته “100 حساب” التي يتعاون فيها مع مطرب المهرجانات حسن شاكوش لأجل غير مسمى بعد إنهاء تصويرها، ما دفع مطرب المهرجانات “أوكا” أن يكتفي بدور الموزّع الموسيقي فقط في ألبوم زوجته مي كساب، دون ممارسة الغناء تحاشيا لاعتراض النقابة. وتمثل طبيعة الأذن الموسيقية مشكلة أمام الألبومات الجديدة، فالجمهور أصبح منقسما بين فئة معتادة على رابطة بين اللحن والكلمة، فإذا ضعفت إحداهما تعرّضت الأغنية كلها للقصف، وفئة أخرى لا تهمها الكلمات ولا الألحان وتركيزها ينصب على الإيقاع السريع الصاخب فقط، وكلاهما لا يمكن توفيره في الألبومات الجديدة.

مشاركة :