كورونا ينعش صفقات "غواصات الأعمال" في المنطقة العربية | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 5/26/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

سرّع كوفيد – 19 من وتيرة عمليات قنص صفقات الاندماج والاستحواذ بشكل يعيد رسم خارطة النشاط الاقتصادي، بعد أن خارت قوى الكثير من الشركات وضعفت مراكزها المالية، نتيجة أسوأ كبوة ركود طالت الاقتصاد العالمي، وقوضت مفاصلها بسبب الوباء المستجد. القاهرة - نشطت صفقات الاستحواذ وعمليات الاندماج مدفوعة بمبدأ اقتناص الفرص، في ظل التداعيات السلبية لتفشي وباء كورونا وما خلفه من خسائر طالت أنشطة اقتصادية مختلفة ونالت من المراكز المالية للشركات. وظهرت رؤوس الأموال الذكية للمليارديرات والمؤسسات المالية الكبرى على الساحة، وهي الظاهرة، التي يطلق عليها “الغواصات”، لأنها تظل كامنة لا يراها أحد إلا عند قنص الهدف. وتتجه الأموال الذكية حاليا للقطاعات سريعة الربحية، في مقدمتها الرعاية الصحية والتعليم والغذاء والتكنولوجيا المالية التي لمع نجمها مع تصاعد دعوات التعامل عن بعد بهدف تجنب التجمعات كإحدى طرق الوقاية من الوباء، وظل قطاع السياحة خارج الحسابات. وتقتفي رؤوس الأموال خطى وكالات التصنيف الائتماني العالمية، وتعزز صفقاتها في الأسواق الناشئة ذات التصنيف المستقر، لأن هذه الصفقات تستهدف تحقيق عوائد مالية ضخمة على المدى المتوسط. ياسر عمارة: شهية المستثمرين مفتوحة لتمويل الشركات المتعثرة ياسر عمارة: شهية المستثمرين مفتوحة لتمويل الشركات المتعثرة ويفضل هذا النوع من الصفقات صناديق الاستثمار المباشر، والتي يقف خلفها مليارديرات الظل، الذين لا يرغبون في الظهور، وتقوم بهيكلة للشركات المتضررة من الأخطار، ثم بيعها لاحقا. واقنص هؤلاء المستثمرون عددا من الصفقات خلال الأيام الماضية، عقب منح الاقتصاد المصري تصنيفا مستقرا من جانب وكالة موديز للتصنيف الائتماني، الأمر الذي حفز مؤسسة سي.دي.سي البريطانية على عقد أول صفقة لها في البلاد بقطاع الصحة بنحو 100 مليون دولار. وفي سبيل الاستفادة من تلك الفرص أعلنت شركة الأهلي كابيتال وهي الذراع الاستثمارية للبنك الأهلي المصري، أكبر البنوك الحكومية في البلاد، عن صفقة مع مستثمرين إماراتيين بقيمة 150 مليون دولار في ذات القطاع. واغتنم أيضا صندوق مصر السيادي تلك الفرص ودشن تحالفا مع مؤسسة كونكورد إنترناشيونال إنفستمنتس، ومقرها نيويورك لتأسيس صندوق متخصص في قطاع الرعاية الصحية يستثمر بشكل بمصر والشرق الأوسط وأفريقيا، برأسمال يبلغ 300 مليون دولار. وأعلنت مؤسسة التمويل الدولية وهي الذراع الاستثمارية للبنك الدولي، عن ضخ استثمارات في صندوق الاستثمار المباشر (إس.بي.إي.أي.آي.إف 1) الذي يركز على مصر وشمال أفريقيا، في ظل انكماش النشاط الاقتصادي جراء الوباء. وتشمل مظلة صندوق الاستثمار قطاعات التصنيع والرعاية الصحية والتعليم في مصر وتونس والمغرب، وهي من المجالات التي تشهد طلبا متناميا خلال الفترة المقبلة، في ظل الاتجاه للتعليم عن بعد، والبحث عن الاكتفاء الذاتي لتصنيع الغذاء والدواء. وأكد ياسر عمارة رئيس مجلس إدارة شركة إيجل للاستشارات المالية أن استمرار جائحة كورونا يُنعش صفقات الاندماجات والاستحواذات، ففي فترة الأزمات غير المعلومة تتفتح شهية كبار المستثمرين والصناديق لاقتناص فرص الاستحواذ على الكيانات المتضررة التي تحظى بإمكانة للنمو. ويحتاج هذا النوع إلى تعبئة مالية ضخمة لا تتوافر إلا لدى رؤوس الأموال المغامرة بحوزة “غواصات الأعمال”، التي تؤمن بأن الأزمات باب جديد للفرص. وأوضح لـ”العرب” أن الجائحة فتحت أفقا استثماريا لقطاع التكنولوجيا المالية وهو من أبرز القطاعات المستفيدة من استمرار كورونا، لأنه يقدم حلولا تمكن الأفراد من إتمام معاملاتهم المالية ومدفوعاتهم الخاصة والحكومية دون الحاجة للخروج من المنزل. وأصبح الطلب على هذه المعاملات كبيرا، بدلا من التعرض لمخاطر الإصابة بالفايروس عند دفع هذه المعاملات نقدا، فضلا عن تجنب الزحام. وشهدت الأيام الماضية تنفيذ صفقة نقل ملكية بنحو 64 في المئة من رأسمال شركة فوري للدفوعات الإلكترونية لصالح مجموعة من المستثمرين بقيادة الصندوق الأميركي للأعمال ومؤسسة التمويل الدولية بقيمة 230 مليون دولار. ويعج هذا القطاع بفرص استثمارية مع اتجاه البنوك للاستثمار في هذا النشاط، إلى جانب صناديق استثمار المخاطر الأجنبية في مختلف دول المنطقة العربية. وتوقعت مؤشرات إيغل للاستشارات المالية أن تصل قيمة صفقات الاندماجات والاستحواذات في السوق المصرية إلى حوالي 5 مليارات دولار خلال العام المالي المقبل، مقارنة بنحو 2.7 مليار دولار خلال الفترة الحالية. وما يفتح هذه الآفاق في السوق المصرية خفض التصنيف الائتماني لعدد من الدول في المنطقة العربية، الأمر الذي حوّل وجهة أموال الغواصات للسوق المصرية التي تعج بقوة بشرية قدرها 100 مليون مواطن، ما يضمن طلبا على الخدمات في مختلف القطاعات الاقتصادية. سمير العلايلي: الاستثمار الملائكي يستهدف انتشال المشاريع الصغيرة سمير العلايلي: الاستثمار الملائكي يستهدف انتشال المشاريع الصغيرة وأشار نورالدين محمد رئيس تارجت للاستثمارات المالية وإدارة الاستحواذات إلى أن كورونا رفع شعار البقاء للأقوى بين الشركات والمؤسسات، لذلك لا مفر من حدوث اندماجات واستحواذات بين الكيانات المختلفة، فالشركات الصغرى لن تتحمل الضغوط المالية والانكماش. وقال إن “مصر تشهد موجة موسعة من الاندماجات بين كيانات صغرى بمختلف القطاعات، باستثناء القطاعات الصحية والغذائية، كذلك مصانع الملابس التي تحولت إلى إنتاج الكمامات، لأنها تكيفت مع الوضع الراهن لجائحة كورونا”. وكشف تلقي المجموعة لعدد من الطلبات لعمل دراسة لصالح مستثمرين وصناديق استثمار عربية، للاستحواذ على بعض المستشفيات الخاصة في مصر، وشركات أدوية. وتتجه معظم الأموال العربية للاستثمار في قطاع الصحة المصري لتعويض الخسائر، التي منيت بها استثماراتهم في مقاصد مختلفة، ومع اتجاه القاهرة لضخ استثمارات في هذا القطاع تزامنا مع تطبيقها أول منظومة للرعاية الطبية المتكاملة. وعلى صعيد الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة نشط الاستثمار الملائكي بها، والذي دخل مصر منذ عامين فقط، وعبره يقوم المستثمر بتبني الشركات الصغيرة الخاسرة وأفكار الشباب القابلة للتنفيذ وضخ سيولة نقدية في شرايينها إلى أن تحقق أرباحا، ثم يتخارج منها مقابل نسب يتم الاتفاق عليها في عقد الاستثمار الملائكي. وقال سمير العلايلي رئيس جمعية ملائكة الأعمال إن “المستهدف هي المشروعات الصغيرة التي تعاني التعثر بسبب الجائحة، وتعزيز هياكلها المالية والإنتاجية، والتسويقية عبر صفقات تضمن استمرارها وتمكنها على مواجهة المخاطر”. ولفت إلى أن أهمية هذا النشاط التمويلي في المنطقة العربية تكمن في مراهنة المنطقة على تعافي اقتصادها عبر طريق المشروعات الصغيرة والمتوسطة. وتشير منظمة العمل العربية إلى أن 90 في المئة من إجمالي المشاريع في المنطقة العربية تصنف على أنها صغيرة ومتوسطة، ويتجاوز إنتاجها 50 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي يقوي شوكة الصفقات في هذا القطاع، إلا أنه يظل مرهونا بأصحاب الأموال التي تقف خلف الاستثمار الملائكي وهم في الغالب أصحاب “غواصات الأعمال”.

مشاركة :