كورونا والفراغ الفني ينعشان أغاني المهرجانات في مصر | محمد عبدالهادي | صحيفة العرب

  • 6/17/2020
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

عجزت نقابة الموسيقيين بمصر عن تحجيم مطربي المهرجانات أو الأغاني الشعبية، بعدما أصبحوا ضيوفا على الأعمال الدرامية، سواء في المقدمات الغنائية أو في الموسيقى التصويرية، ومع انضمام مطربين تقليديين للتعاون معهم في أعمال مشتركة، بدأت الظاهرة تتّسع بما صعّب عملية السيطرة عليها أو الحد من انتشارها. القاهرة- تشهد أغاني المهرجانات في مصر نوعا من الانتعاش رغم قرارات نقابة الموسيقيين بتجحيمها، فأعداد المنضمين تحت لوائها تتزايد بوتيرة متسارعة، وحضورها تخطى موقع المقاطع المصوّرة يوتيوب إلى الكثير من المقدّمات والمقاطع الغنائية داخل الأعمال الدرامية. وتواجه نقابة الموسيقيين بمصر أزمة في التصدّي لاستقطاب أغاني المهرجانات لمطربين وفنانين مشهورين يشاركون فيها أو يدافعون عنها، ما يضعف تأثير قراراتها بمنع الفرق الشبابية التي تؤدّي ذلك النمط من الأغاني من تنظيم حفلات أو الغناء في وسائل الإعلام، بحجة حماية الذوق العام والتصدّي للإسفاف الفني. انتهت الفنانة اللبنانية ديانا حداد من تسجيل أغنية جديدة باللهجة المصرية تميل لطابع المهرجانات، كوسيلة للتواصل الفني مع جيل جديد من المستمعين بمفرداتهم اللغوية والإيقاعية، ولجأت إلى التعاون مع أسماء متخصّصة في ذلك النمط مثل الشاعر أحمد راؤول، والملحن أحمد زعيم، والموزّع وسام عبدالمنعم، والأخير يتعاون مع الممثل محمد رمضان في أغانيه بصورة مستمرة. وتكرّر الأمر ذاته مع الفنان أحمد سعد، والذي أعلن دخول ساحة أغاني المهرجانات بتسجيل أغنية مشتركة “ديو” مع الفنان حسن شاكوش، ليكملا تعاونهما معا في مسلسل “البرنس” بطولة محمد رمضان، وضم سبع أغاني موزّعة بينهما، وحقّقت تلك المقاطع متابعات عالية على موقع يوتيوب، بعضها تجاوز المليون مشاهدة. تحدي رمضان حلمي بكر: انتشار المهرجانات يهدّد سمعة الأغاني المصرية حلمي بكر: انتشار المهرجانات يهدّد سمعة الأغاني المصرية رغم الهجوم العنيف لنقابة الموسيقيين على الفنان محمد رمضان وطلب منعه من الغناء، لكنه واصل التحدّي بطرح أغنية جديدة بعنوان “كورونا فايروس”، تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب من كلمات وألحان ما يسمّى بـ”الباور العالي” (الضغط العالي) وبكلمات مطلعها: “كورونا.. كورونا.. فايروس.. مرض وعم على الكل.. بقينا ماشيين بالكحول (أصبحنا نسير بالكحول)”. وأوضح الملحن حلمي بكر، أن انتشار المهرجانات يهدّد سمعة الأغاني المصرية بالمحتوى والكلمات التي تتضمنها، وتحمل خطورة أكبر من فايروس كورونا، ولا تخلو من تعبيرات عن الجنس والمخدرات. واستعان فريق عمل مسلسل “100 وش” بفرقة “المدفعجية” في المقدّمة الغنائية في العمل، كما شاركت الفنانة نيللي كريم وآسر ياسين أعضاء الفرقة في غناء أغنية “مليونير” ضمن أحداث العمل، وحقّقت مشاهدات على يوتيوب ضعف حلقات المسلسل بالكامل. وأرجع حلمي بكر تركيز تترات مسلسل رمضان على فرق المهرجانات إلى الترويج للعمل، وجذب جمهور تلك الفرق للمشاهدة. لكنه يرى أن الأمر لن يستمر طويلا مع الحرب التي نشبت بين فناني المهرجانات ضد بعضهم البعض بمجرد وصولهم إلى الشهرة. وألمح الموسيقار المصري إلى الانفصالات الفنية التي حدثت في بعض فرق المهرجانات مثل “أوكا وأورتيغا”، وطرح الأخير أغنية جديدة منفردة بعنوان “أنا هتجن” (سأتعرض للجنون) ليطوي عشر سنوات من التعامل المشترك مع صديق عمره. كما انفصل الفنان عمر كمال عن حسن شاكوش بعد أغنية “بنت الجيران” التي سجلت المركز الثاني لأكثر الأغاني استماعا على مستوى العالم في تطبيق الموسيقى الشهير “ساوند كلاود”، بعدما نسب شاكوش النجاح كله لنفسه فقط، ولم يذكر زملاءه في العمل خلال لقاءات التلفزيونية، ما أثار حفيظتهم. ودخل الفنان حمو بيكا، الذي هدّد من قبل باقتحام نقابة الموسيقيين ردا على منعه من الغناء، على الخط ليرفض التعامل مع شاكوش أيضا في أي عمل مشترك، ووجّه له فاصلا من الهجوم بسرقة نجاحات الآخرين، وأنه “شبع” بعد جوع، ويقصد أنه من أسرة فقيرة. وتعاني نقابة الموسيقيين بمصر من مأزق بسبب لجنة منح الترخيص السنوي بالغناء المشروط بالالتزام بالمعايير الرقابية وحظرت على نحو 15 اسما من أغاني المهرجانات العمل، إلاّ أن بعض الجهات التنفيذية لا تنفّذ القرار، وتعتبر تلك الأغاني نوعا من تفريغ طاقات الشباب. رغم الهجوم العنيف لنقابة الموسيقيين على الفنان محمد رمضان وطلب منعه من الغناء، لكنه واصل التحدّي بطرح أغنية جديدة بعنوان "كورونا فايروس"، تم تصويرها بطريقة الفيديو كليب ويقول أحمد رمضان، سكرتير عام نقابة الموسيقيين، إن المهرجانات استفادت بأقصى درجة من انتشار وباء كورونا بمصر وتجميد النشاط الفني بالكامل. فالموسيقيون توقّفوا عن العمل بسبب سياسات التباعد وإلغاء الفعاليات الفنية، وأصبحت الفرصة سانحة لنشر تلك الأعمال في تترات المسلسلات لغياب البديل وصعوبة توفيره. ويضيف، لـ”العرب”، أن الأغنية التقليدية تتطلب على أقل تقدير أسبوعين لتسجيلها وتوزيعها، أما المهرجانات فيتجمّع مؤدّوها في جلسة واحدة يخرجون منها بألبوم كامل، دون اهتمام بالكلمات والألحان، ولا تتجاوز عبارات يتم تجميعها مع بعضها موزّعة بإيقاع مصنوع بالكمبيوتر. ويثير التركيز الشديد على الجديد في أعمال المهرجانات في برامج “التوك شو” علامات استفهام حول تعمّد القنوات الفضائية الالتفاف على قرارات نقابة الموسيقيين، ربما لرغبة القائمين على البرامج في استثمار شعبية تلك النوعية من الفنانين على مواقع التواصل الاجتماعي واستغلالهم كدعاية مجانية. ولا يخلو برنامج “التاسعة” الذي يقدّمه الإعلامي وائل الإبراشي عبر شاشة القناة الأولى للتلفزيون المصري من فقرة أو أكثر أسبوعيا لمتابعة أخبار المهرجانات، رغم أن مضمونه سياسي إخباري وليس فنيا، ويحرص خلالها على إجراء مداخلات هاتفية مع فنانين وموزعين آخرهم عمر كمال للحديث عن عمله القادم الذي يتعلق بالعقيد الشهيد أحمد منسي الذي تم تجسيده قصته في مسلسل “الاختيار” في رمضان الماضي. وتكسب أغاني المهرجانات زخما في الشارع مع استقطابها جمهورا متنوعا من كل الفئات الاجتماعية، والإنتاج المتزايد لأعمالها باستمرار باعتبارها لا تتطلب جهدا في الصناعة، فعبارة واحدة يمكن بناء تركيبات عليها والوصول في النهاية إلى أغنية بإيقاع وتوزيع واحد. كما اكتسبت أغاني المهرجانات زخما مع تناقص إنتاج المطربين المكرّسين، سواء الغناء العاطفي أو الشعبي الذي يصل إلى ألبومين كل عقد، ما خلق حالة من الفراغ الفني استغله فنانو المهرجانات، وسدّوا بإنتاجهم، مهما كانت جودته، نهم الاستماع في مناسبات المصريين واحتفالاتهم السعيدة التي باتت المهرجانات الراعي الرسمي لها حاليا. مرونة فنية ديانا حداد انتهت من تسجيل أغنية جديدة باللهجة المصرية تميل لطابع المهرجانات، كوسيلة للتواصل الفني مع جيل الشباب ديانا حداد انتهت من تسجيل أغنية جديدة باللهجة المصرية تميل لطابع المهرجانات، كوسيلة للتواصل الفني مع جيل الشباب وتتّسم تلك النوعية من الأغاني بمرونة قد لا تتوفّر كثيرا لصناع الأغنية التقليدية التي تحتاج وقتا طويلا لكتابة كلمات رصينة وتلحينها وتوزيعها، فمع انتشار كورونا، استغل فنانو المهرجانات، مثل حمو بيكا، وصنع أغنية خصيصا لها لا تخلو من الإشادات بتحرّك الحكومة. واستغلت بعض الفرق الشبابية حالة الفوبيا العالمية من الوباء، وطرحوا أيضا مهرجانات ساخرة على المنصات الرقمية أشهرها “هنضيع”، تحمل قدرا من التوعية بضرورة تنفيذ وإتباع الإجراءات الاحترازية وتجنب التصرّفات الخاطئة التي يمارسها البعض. وتراهن نقابة الموسيقيين على القضاء لتحجيم انتشار تلك النوعية من الأغاني، فمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، تنظر في دعوى لوقف جميع القنوات عبر يوتيوب التي تبثّ عليها أغاني المهرجانات لمخالفتها للعرف والتقاليد. وتقدّم أكثر من 15 محاميا على مدار الأشهر الأخيرة ببلاغات للنيابة ودعاوى قضائية ضد مطربي مهرجانات بتهمة هدم القيم والأخلاق، وتحرّض على تعاطي المخدرات والخمور وانتشار البلطجة، كما قضت إحدى المحاكم بحبس فناني مهرجان “زقةــ زقة” عامين لاتهامهما بغناء أغنية مليئة بالإيحاءات الجنسية. ويقول فنان المهرجانات عمر كمال، إن أغاني المهرجانات بدأت تتغيّر بعض الشيء، بالتوازن بين الأغاني الشعبية الهادفة والتي لا تحتوي ابتذال مع كلام المهرجانات الواقعي و”الباور” العالي (الطاقة المرتفعة) التي تتضمنها، وطلب الاحتكام للجمهور ومعدل الانتشار الكبير عربيا وليس مصريا فقط. ويؤكد البعض من النقاد، أن أغاني المهرجانات استقطبت الناس بإيقاع معتاد على أذهانه شبيه بموسيقى الموالد الصوفية والفرق الشعبية في الزفاف، قبل أن تدمجها مع الموسيقى الغربية السريعة في توليفة وجدت صدى عند نوعيات بعينها من الجمهور.

مشاركة :